صرخة بغديدا
نضال نجيب موسى
صرخة بغديدا لاحت في الأفق
هزت الأبدان ومزقت الأكفان
تعالت الأصوات
قلب ينزف أنهار دم تجري في عروق بغديدا
سكن الكون وأيقظ عيون الليل
زمهرير أسكت خرير الماء
تجلد في أرضه
تراجعت الأقدام تتنصت الى صهيل الخيل في كل الأرجاء
أناس تزحف بلا بصيرة إلى مصير مجهول
توارت الشمس وتمنعت عن الشروق
بكى القمر فتلاشى ضوؤه محتجباً عن سمار ليله الحزين
قُرعت الطبول
رنت أجراس الكنائس
نامت النجوم في رقعة السماء
غفت على صدى رنين أنين الشيوخ ونحيب الأطفال
سقط حجر من قبة الصرح القديم
إنهارت القبة المرصوفة بالطابوق تئن
بعينين تذرفان دمعاً سخيناً
وشفاه تبتسم للمصير المحتوم
شيخ ممدد على السرير
وجسده الباكي لا يجد أحداً يواريه الثرى
مهد جميل مزركش بألوان قوس قزح
خالٍ، لا تهدهده أنامل أم ساهرة
والعروس طوت رداءها الأبيض الجميل
ناحت الحمائم في أبراج أسيجة السطوح
وهديلها يملأ الفضاء شجناً
أبت التحليق حالياً
ففرشت أجنحتها على نواصي السطوح الشاهقة ونامت نومتها الأبدية
والبلبل ينشد تغريدته الشجية
وطيور السماء تستغيث بالبواشق الجارحة
علها تسمع صرخات ألم بغديدا
وتنقذها من الأوباش المتوحشة
أُسدل الستار وأُغلقت الأبواب
سكن الكون وصمت الجميع
والرؤوس الكبيرة المتحجرة
قابعة في مضاجعها هانئة
تستلهم الشهد بشهية
الجميع صامت
كصمت الموتى في القبور
لا أحد ينبس ببنت شفة
يرأف بصرخة طفل
يسعف أنين شيخ
بغديدا في أعناقكم
لا عذر لكم
فيا خيبة أملنا فيكم
****