المحرر موضوع: الحرب ... والاصدقاء ... والضياع .. ذكريات .. كي لا ننسى ج/ ا -- 1  (زيارة 1170 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1834
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحرب  ... والاصدقاء  ... والضياع  .. ذكريات  .. كي  لا  ننسى  ج/ ا -- 1
بغداد  حزيران ١٩٨٠
انها فترة الامتحانات النهائية ( بكالوريا ) والجميع مشغول الأهل والطلاب في تهيئة الأجواء المريحة من اجل الدراسة والتفوق
كنّا وقتها خمسة أصدقاء متقاربين في الفكر والشخصية والرياضة والحياة العائلية . وكنا قريبين من بَعضُنَا ونلعب الكرة معاً منذ الصغر في شوارع وحدائق  المنطقة وملاعب وفرق المدرسة .
كنّا انا وانطون  وفريد وآشور  وثامر  في نفس الإعدادية ( الشرقية ) في الكرادة القريبة جداً من كنيسة سيدة النجاة المجروحة الشهيرة والتي كنّا نصلي فيها معاً ايام الامتحانات.
 هذه ذكرياتي مع انطون  وبعدها ساكتب عن بقية الأصدقاء . 
كنّا  انا وآشور  وأنطون   في نفس الشعبة ( السادس العلمي ب )  وكنا في نهاية الامتحان ننتظر نحن الخمسة امام المدرسة جميعاً ونجتمع كي نعود الى بيوتنا وكنا نسير على الأقدام مروراً بالشارع الأصفر الشهير في الكرادة الشرقية و نمر على مرطبات الصبايا ونشتري ما طاب لنا ونواصل المسير وفي الطريق نتكلم ونتباحث عن أسئلة الامتحان والأجوبة وماذا اجاب كل واحداً منا ونعطي درجات ونعرف من عبر ومن فشل ومن تفوق ونتحدث عن اي جامعة او معهد ندخل  وهكذا حتى نصل منطقة سكننا ونفترق على  أمل اللقاء عصراً للدراسة او الزيارة او الراحة .
كان أنطون   يبدو عليه القلق وعدم الراحة وفكره مشتت ونحن نعلم انه كان لا يحب الدراسة والمدرسة وكان دوماً يقول وبصوت عالي
انا اريد ان أكون ضابطاً في الجيش ونحن كنّا نحترم هدفه وأمله ولكن لم  يشجعه أحداً منا بل كنّا جميعاً نرغب بالهندسة او التربية الرياضية او كلية العلوم .
مرت الأيام وتخرجنا ودخلنا  المعاهد والجامعات الا أنطون    الذي التحق بالكلية العسكرية .
ومرت الأيام سريعة على الجميع  وفجأة بدأت الحرب العراقية الإيرانية وتبدلت الحياة  في بغداد شيئا ما في البداية وثم تغيرت الحياة الاجتماعية  وأصبحت تتدهور  مع اواضاع الحرب وأصبح الوضع صعباً على الكثير من العراقيين لكن  رغم هذا نحن بقينا أصدقاء ونلتقي  الا أنطون   كنّا لا نراه كثيراً بسبب الحياة العسكرية والتحاقه بدورات سريعة ومكثفة كي يتخرج برتبة ضابط  لان الجيش كان ينقصه ضباطاً متعلمين  وفعلاً بعد فترة قصيرةً تخرج أنطون  وأصبح ضابطاً محترماً .
وكان يقول لنا متى تتخرجون ايها العباقرة في سبيل المجاملة والتسلية   والضحك
وكنا نضحك ونقول يوماً ما يا حضرة الضابط .
في احد الأيام جاء أنطون   الى بيتنا مساءاً وكان  في اجازه زمنية ( ستة  ساعات )  وخرجنا معاً  كي نتبادل الحديث ونتجول
وقال لي ان في قلبي سراً ولا يعلم به الا ثلاثة  وانت ستكون الرابع 
فقلت اشكرك على الثقه  لقد أخفتني يا رجل  ولكن ما هو
قال انني على علاقة بفتاة وأريد الزواج منها
قلت مبروك ولكنك صغيراً على الزواج وانت في بداية حياتك العسكرية والجميع متردد وخاءف من فكرة الزواج الان ولا نعلم متى ستنتهي الحرب وتهدأ الدنيا 
قال لا أمل عندي  ان أهل من احبها سيتركون البلد
قلت  ومن  هي هذه الفتاة التي سرقت قلبك قبل عقلك ؟ 
قال تعرفها جيداً انها لندا الفتاة التي تسكن شارع السوق الكبير عند محلات عمو الياس 
قلت له   لندا ..   متى ...  أين  ..  وكيف  ؟   ( كانت لندا فتاة جميلة جداً وذو خلق عالي ويتمناها كل شباب المنطقة )
قال ستعرف بعد قليل
وبعد تقريباً نصف ساعة ونحن معاً  عند بناية الجامعة التكنلوجيا  ظهرت لندا وفتاة اخرى معها
وانا لا اصدق انني امام هذه الفتاة الجميلة وانا ارتجف وأمسك يدها وأتعارف عليها وعلى اختها واسمها هلدا
قال أنطون  لي  هذه فتاتي وحبيبتي  وأرجوك ان تكون عوناً لها في غيابي
وقال لها هذا اخي ورفيق الطفولة وحلقة الاتصال   وكاتم أسراري   
فقلت اشكرك ولكن  لماذا   انا ؟ 
فقال لانك تعرف اخوها  ( لويس ) وهو لا يرغب بان تتزوج اخته وتبقى في العراق وانا ضابط في الجيش ولا أستطيع السفر والمجازفة ولا اريد ترك البلد . 
كان لويس  اكبر مني عمراً وانسان محترم ومعروف ومحبوب وذو شخصية ومنصب وكان الرجل يحترمني جداً  وكان عضواً معي في النادي الاثوري الرياضي . 
فقلت انا سأتكلم معه وعندها لكل حادثاً حديث .   
وفعلاً ذهبت الى لويس وبعد الحديث فهمت انه لا يمانع ان تتزوج اخته انطون  لكن ظروف الحرب والدمار والقتلى والشهداء في صفوف الجيش تزاد يومياً والبلد يسير نحو الهاوية . 
وقال يجب علينا  ان ننتظر  ونصبر  . 
ولكن انا اعلم ما كان في عقل الرجل فقد كان يفكر بالرحيل والسفر حسب رواية لندا . 
مرت الأيام وفي احد الليالي  الصيفية البغدادية سمعنا دقاً قوياً  على باب بيتنا خفنا وتجمدنا انا وأهلي لان الحرب كانت في سنتها الثانية والحكومة كانت يدها طويلة  وعينها على الجميع . وانا واحد منهم 
قالت أمي لا يفتح الباب غيري وانا اعرف كيف أكلم هؤلاء الاوغاد  ( كانت أمي تقصد رجال الأمن ) .
وما ان فتحت الباب الا وصاحت  سركون  اهذا انت
قال نعم(   سركون هو اخ انطون الأصغر  )
تحركت   انا نحو  الباب
وقلت سركون تفضل
قال اشكرك ان لي رسالة من انطون  إليك
 أعطاني الرسالة وذهب  وأصبحت في قلق وحيرة من امري ومن باب الدار الى  غرفتي  في الطابق الثاني من بيتنا كانت وكأنها ساعة  وانا في حيرة من امري .
تجمعت هموم الدنيا في راسي وخفت واضطربت  فهذا رسالة من ضابط في الجيش وانا معروفاً بمواقفي ضد النظام ومن الحرب العقيمة التي أدخلنا النظام فيها وأصبح شبابنا وقوداً لها .   
فتحت الرسالة وبسرعة عرفت ان انطون  في المستشفى مصاب  ( مستشفى الرشيد العسكري ) ويريد مقابلاتي.
لها تكملة 
جان يلدا خوشابا  ديتروت
نوفمبر 2015



غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1834
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اخواني الاعزاء
تحياتي
ارجوا ان يعلم الجميع ان الهدف من كتابة هذه الذكريات كي نتعلم كم هي قبيحة الحرب وماهي أهوالها  .
اخوكم جان يلدا خوشابا

غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1834
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

،اختي العزيزة شذى
لابد ان اشكرك على الملاحظات القيمة والمهمة
تقبلي سلامي وتحياتي
اخوك جاني