المحرر موضوع: لوناتشارسكي- الفيلسوف والاديب والوزير  (زيارة 750 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ضياء نافع

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 846
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لوناتشارسكي- الفيلسوف والاديب والوزير
أ.د. ضياء نافع
اناتولي فاسيليفيتش لوناتشارسكي ولد عام 1875 في الامبراطورية الروسية  وتوفي عام 1933 في فرنسا  , وهو اول وزير سوفيتي للتعليم عام 1917 ( كانوا يسمون الوزراء في الدولة السوفيتية الناشئة آنذاك – مفوضي الشعب ) وكان واقعيا مسؤول التعليم والثقافة معا .
 كان لوناتشارسكي ثوريا وفيلسوفا و كاتبا مسرحيا ومترجما وصحفيا وناقدا ادبيا و متخصصا في شؤون الفن ...الخ , وكان يتقن بشكل ممتاز عدة لغات اجنبية منها الالمانية والفرنسية والانكليزية , وباختصار كان مثقفا كبيرا ومتميزا فعلا في تلك المرحلة الاسثنائية والصعبة جدا من تاريخ روسيا في بداية القرن العشرين , ونحاول في مقالتنا هذه ان نرسم صورة قلمية تخطيطية اولية ليس الا , ولكنها موضوعية – من وجهة نظرنا -  لهذه الشخصية السياسية والثقافية الروسية الكبيرة والتي أدٌت دورا كبيرا في مسيرة الاحداث آنذاك , وبالتالي نحاول الاجابة عن سؤال – لماذا يعتبرون لوناتشارسكي شخصية فكرية مهمة وحيوية وكأنها لا تزال  تتفاعل مع متطلبات الحياة لحد اليوم ؟ ولماذا قال عنه الكاتب الفرنسي الكبير رومان رولان هذه الكلمات  – ( كم كنت ارغب ان يكون في فرنسا شخص مثل لوناتشارسكي , وبهذه المفاهيم وهذا الاخلاص وهذا الوضوح في مجالات السياسة والفن .. ).
سافر لوناتشارسكي - بعد الانتهاء من دراسته في المدرسة بمدينة كييف – الى سويسرا عام 1895 والتحق هناك بجامعة زوريخ لدراسة الفلسفة , وحاول ان يجد الجواب الفكري والمقنع - في اثناء دراسته تلك - عن العلاقة الفلسفية بين الدين والاشتراكية , خصوصا وانه انتمى – وبشكل سري -  عام 1892 (عندما كان تلميذا في المدرسة بمدينة كييف) الى منظمة ماركسية . لقد حاول ان يحقق – بشكل او بآخر - فكرته الاساسية آنذاك وهي ربط الفلسفة المادية بالاحلام والافكار الدينية المثالية , ولكنه لم يستطع تحقيق ذلك , واقترب بالتدريج من جماعة بليخانوف الاشتراكية وتنظيمهم الذي كان يسمى  – ( تحرير العمل ) , وسافر الى ايطاليا وفرنسا بين عامي 1896 و 1898 , ثم عاد الى موسكو وبدأ بممارسة العمل الثوري مع  تنظيمات الماركسيين , و تم اعتقاله وسجنه ونفيه , وبعد انتهاء فترة النفي يعود الى جنيف عام 1904 ويبدأ بالعمل في هيئة تحرير جرائد ( البلاشفة )  بعد الانشقاق المعروف تاريخيا في صفوف الحزب , ويصبح واحدا من قادتهم جنبا لجنب مع لينين وبغدانوف , وخصوصا في صراعهم مع ( المناشفة ) , ويعود الى روسيا عام 1905 لمساندة  الثورة الروسية الاولى , ويتعرض للاعتقال ولكنه يستطيع ان يهرب ويعود الى الخارج ( بين فرنسا وسويسرا ) , وبعد فشل تلك الثورة, يبدأ الصراع الداخلي العنيف في تنظيمات الحزب , فيقف لوناتشارسكي ضد لينين , ويبقى في صفوف اليسار المتطرف الى حين ثورة اكتوبر 1917 , ويعود الى روسيا في مايس / مايو عام 1917 ويساهم في الحركات السياسية الصاخبة والمتشابكة آنذاك , ويصبح عضوا في هيئة تحرير جريدة مكسيم غوركي – ( الحياة الجديدة ) , ثم يصبح وزيرا ( مفوض الشعب ) في اول هيئة سوفيتية حاكمة في روسيا بعد انتصار ثورة اكتوبر 1917 وبتأييد كبير من لينين نفسه , وقد اعترف جميع قادة تلك الثورة ( بما فيهم تروتسكي الذي كان أبرز الاسماء بعد وفاة لينين عام 1924 )  بدور لوناتشارسكي باسناد الثورة والحصول على تأييد المثقفين الروس بشكل عام لها , وتم اعفاء لوناتشارسكي من منصبه بعد 12 سنة من العمل في صفوف الحكومة السوفيتية , اي في  عام 1929 , و اصبح رئيس اللجنة العلمية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعضوا في اكاديمية العلوم السوفيتية  ومشرفا على شؤون الادب والفن فيها  ومحررا في الموسوعة الادبية . وفي عام 1933 ارسلته الحكومة السوفيتية الى اسبانيا مندوبا للاتحاد السوفيتي , وفي شهركانون الاول / ديسمبر عام 1933 توفي وهو في طريقه من اسبانيا الى المصح الفرنسي مينتون عن عمر يناهز الثامنة والخمسين ليس الا , وقد تم دفن رماد جثمانه – كما كانت العادة المتبٌعة في حينها -  في جدار الكرملين بموسكو مثل بقية القادة السوفيت الراحلين آنذاك  .
ابتدأ لوناتشارسكي باصدار مؤلفاته منذ عام  1905 والى تاريخ رحيله عام 1933, ونقدم فيما يأتي قائمة بعناوين تلك الكتب التي صدرت له خلال تلك الفترة , وهي – حسب علمنا المتواضع – تنشر كاملة ومسلسلة على وفق تاريخ صدورها لاول مرة باللغة العربية , وتبين هذه القائمة المدى الفكري الواسع لنشاطاته الفلسفية والادبية والسياسية , ولا نستطيع في اطار هذه المقالة طبعا ان نتناول مضامين هذه الكتب , ولكننا نرى ان عناوينها يمكن ان ترسم للقارئ صورة تقريبية وعامة حول تلك المضامين و اهمية هذه المؤلفات وقيمتها في مسيرة الفكر الروسي وتاريخه. 
1-    دراسات  نقدية وجدلية . موسكو . 1905 / 2 – الحلاٌق الملكي . بيتربورغ . 1906 / 3 – صدى الحياة . بيتربورغ . 1906 . / 4 – خمس مسرحيات هزلية للهواة . بيتربورغ . 1907 / 5 – افكار مقنٌعة . موسكو . 1912 / 6 – المهمات الثقافية للطبقة العاملة . بيتروغراد . 1917 / 7 – راديشيف – اول رسول وشهيد للثورة . بيتروغراد .  1918 / 10 – فاسيليسا الحكيمة . بيتروغراد . 1920 / 11 – ايفان في الجنة . موسكو . 1920 / 12 – اوليفر كرومفل – ميلودراما تاريخية . موسكو . 1920 / 13 – فاوست والمدينة . موسكو . 1921 / 14 -  الاغواء . موسكو . 1922 / 15 – دون كيخوته الذي تحرر . موسكو . 1922 / 16 – دراسات نقدية . موسكو . 1922 / 17 – نتاجات مسرحية . الجزء الاول والجزء الثاني . موسكو . 1923 / 18 -  اسس علم الجمال الايجابي . موسكو . 1923 / 19 –  الفن والثورة . موسكو . 1924 / 20 – تاريخ أدب أوربا ألغربية في مواقفه المهمة . موسكو . 1924 / 21 – لينين . موسكو . 1924 / 22 – عرس الدببة . موسكو . 1924 / 23 – مضرم النار . موسكو . 1924 / 24 – المسرح والثورة . موسكو . 1924 / 25 – تولستوي وماركس . لينينغراد . 1924 / 26 – صور خيالية ادبية . لينينغراد . 1925 / 27 – دراسات نقدية . لينينغراد . 1925 . / 28 – مصائر الادب الروسي . لينينغراد . 1925 / 29 – دراسات نقدية . ( في أدب أوربا الغربية ) . موسكو . 1925 / 30 – السم . موسكو . 1926 / 31 – في الغرب . موسكو – لينينيغراد . 1927 / 32 – تشرنيشيفسكي . مقالات . موسكو – لينينغراد . 1928 / 33 – عن تولستوي . مجموعة مقالات . موسكو – لينينغراد . 1928 / 34 – شخصية المسيح في العلم والادب المعاصر . ( عن المسيح لهنري باربوس ) . 1929 / 35 – عن الكساندر فيديفسكي . خلاصات مناقشة . موسكو – لينينغراد 1929 / 36 – مكسيم غوركي . موسكو – لينينغراد . 1929 / 37 – سبينوزا والبرجوازية . موسكو – لينينغراد . 1933 / 38 – الدين والتربية . موسكو – لينينغراد . 1933 / 39 – عن الحياة . الشباب ونظرية قدح الماء . موسكو . 1933 /  , علما ان هناك مؤلفات اخرى له , وقد أطلعت على قائمة لكتبه العديدة التي تم سحبها من المكتبات العامة السوفيتية عام 1961 نتيجة الموقف السياسي والفكري  الذي كان سائدا آنذاك في الاتحاد السوفيتي , والتي لم ترغب السلطة السوفيتية عندها ان يطلع القراء عليها حول بعض الشخصيات السوفيتية والاحداث التي ارتبطت بها في تلك الفترة ورأي لوناتشارسكي حول كل ذلك, وهي ظاهرة غالبا ما كانت تتكرر في الاتحاد السوفيتي آنذاك مع الاسف.
ختاما لهذه الملاحظات حول لوناتشارسكي , نود ان نشير الى ان المؤسسة الاكاديمية الشهيرة للفنون المسرحية في روسيا ومنذ عام  1934 ولحد الان  ترتبط باسمه, والتي تسمى في الوقت الحاضر ب (جامعة لوناتشارسكي الروسية للفنون المسرحية  – غيتيس ) , وهي المؤسسة الاكاديمية الشهيرة التي تخرج فيها مجموعة من الفنانين المسرحيين العراقيين الكبار و في مقدمتهم الفنان المسرحي الكبير المرحوم قاسم محمد ( انظر مقالتنا بعنوان – عن بعض العراقيين الذين مروا بموسكو ( 11) ).