زوعا وتصحيح المسار السياسي
آشور قرياقوس ديشوتورنتو – كندا
ashourdisho@yahoo.com
التغيير هو حالة أيجابية ومهمة في حياة الافراد وكذلك بالنسبة لأي مؤسسة قومية أو أجتماعية أو منظمة حزبية ترغب في الاستمرار والتطور والازدهار. ويبحث الجميع من الأفراد و المؤسسات عن وتيرة التغيير حتى لا تتأخر في عطائها . ولا تفقد مكانتها التنافسية و قدرتها في مواجهة التحديات فتفشل في الوصول الى أهدافها المنشودة و تلبية حاجات الافراد الذين تعمل من أجلهم . لذلك ترى هذه المؤسسات تلجأ دائماً الى مراجعة الذات والتعلم من التجارب والظروف وهذا حتماً يعتبر منهجاً علمياً ومنطقيا لتصحيح المسار طالما أعتمد على أسس وخطوات مدروسة .
لقد كان البيان الصادر عن الكونفرنس السادس للحركة الديمقراطية الاشورية صورة لهذا المنهج وهو التغيير الذي نتمنى أن نرى له نتائج ملموسة في مسيرة زوعا خلال ممارساتها السياسية في المستقبل .حيث يؤكد بلاغ الكونفرنس المسار الجديد لزوعا بكل جلاء ووضوح ونرى ذلك من خلال دعوته للحكم الذاتي في الاقليم ومطالبته بالحماية الدولية لشعبنا في سهل نينوى والتي كان ترفضها قيادات الحركة الديمقراطية الاشورية في كل لقاءاتها وتصريحاتها في الماضي. أفتح الرابط :
http://www.zowaa.org/index.php?page=com_articles&id=3828#.VmzQapRdVYU لم يقتصر هذا البيان على هذين المطلبين الجديدين فقط بل احتوى على عبارات جديدة كانت قيادة زوعا ومسؤوليها تحاول أن تتجنب أطلاقها لكونها كانت طرفاً في العملية السياسية في الوطن .ووجود هاتين العبارتين يعتبر تغييراً جديداً وكبيراً في مسار زوعا ورؤية جديدة حول واقع العملية السياسية كانت الحركة الديمقراطية الاشورية تتجنب توصيفها بهذا الشكل كما في هذين الاقتباسين من بيان الكونفرنس السادس :
( خيبة الأمل لدى المواطن من الحكومة والفساد المستشري الذي يوازي الاٍرهاب في تهديداته الخطيرة والذي تسبب في سلب ثروات واموال العراق وساهم في تعميق المعاناة، وتهديد الأمن والاستقرار) وهذا الاقتباس من بيان الكونفرنس يشهد على أعتراف زوعا بأستشراء الفساد في الحكومة وهي التي كانت تحاول كل هذا الوقت أن تبارك الحكومة وتصوير العملية السياسية في الوطن بالنزاهة والامانة وهو ما يبدو اكتشاف جاء متأخراً 12 سنة فقط .
( وسلب دور المسيحيين في بغداد من قبل مافيات مسلحة في ظل غياب او ضعف سلطة القانون ) وهذا أيضاً تصريح جديد لانها كانت تشدد دائماً بأن ما يحصل من تجاوزات ممتلكات شعبنا هي تجاوزات فردية وليست مبرمجة من قبل ميليشيات الاحزاب السياسية الطائفية المتمكنة والتي كانت تخطط لأنهاء وجود شعبنا في الوطن كما يفهمه حتى البسطاء منا .
أرجو أن لا يفهم القارئ العزيز بأن ما أطرحه هنا يعتبر تطاولا أو تهجماً على الحركة الديمقراطية الاشورية فأنا أكن كل التقدير لجميع المؤسسات والمنظمات السياسية والاجتماعية القومية الأشورية وأومن بأن وجودها هو ظرورة قومية وسياسية تاريخية في حياة ومصيرشعبنا بالرغم من تحفظي على بعض الشخصيات السياسية هنا وهناك وبعض الممارسات السياسية لهم خلال 12 سنة الاخيرة
ولكن عندما يتعلق الامر بحزب عريق وفعال يمثل امل هذه الامة ومستقبلها وبمصير شعبنا الاشوري ووجوده التاريخي في الوطن اجد من الضروري ان اطرح ملاحظاتي هذه وحتى وان لم تلقي القبول من البعض وسوف أضل في الأستمرار والتكرار والاعادة في هذا الشأن ما تطلب الامر.
مهما كانت درجات الاتفاق أو الخلاف حول أرائي الشخصية تبقى الاحداث والنتائج التي وصل اليها شعبنا خير مقياس ويمكن أن نخلص من خلالها الى حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحداً وهو أن اداء أحزابنا السياسية القومية ومنها زوعا كان خافتاً كل هذه السنوات وان الاحداث المروعة والمأساوية التي وصل اليها شعبنا في الوطن من قتل وتهجير وهجرة وسلب حقوقنا التاريخية في وطن الاجداد والتي يمكن من خلالها قراءة الفصل النهائي لمستقبل شعبنا الاشوري في الوطن ولأن هذه المؤسسة القومية أي زوعا تمتلك الخبر والدعم ة والامكانيات التعبوية والجماهرية الاكثر والاوسع في العملية السياسية لشعبنا لذلك تتحمل الوزر الاشد والمسؤولية الاكبر في هذه الازمة التي يمر بها شعبنا .
أن ما نتأمله من هذا التغيير في المسار السياسي للحركة الديمقراطية الاشورية أن لا يكون ألتفافاً سياسياً تحاول من خلاله الحصول على الاستقطاب الجماهيري وتعاطف شعبنا وحتى تشد الناخبين أليها لتحصل على مواقف ومواقع في الانتخابات القادمة وخاصة بعد أن وجدت بأن مسألة حماية شعبنا لم يعد مطلب فردي أو حزبي أو خيار سياسي لمسؤول أو رئيس حزب معين بل مطلب جماهيري أخذ شعبنا يطالب به منذ مدة ليست قصيرة وقد بدأت حتى جهات خارجية ومنظمات دولية وغريبة المناداة بهذا المطلب .
لقد أدرك زوعا من خلال بيان الكونفرنس السادس الاخير أن ترك الامور على ما هو عليه سوف يضع قيادتها في مواقف غير جيدة قد يكون أحدهم معاقبتهم جماهيرياً على المواقف الماضية في التقاعس في الالتزامات التي وضعت شعبنا في هذه الظروف والانتكاسات .
ومن هذا المنطلق لا يجب ان يكون موقف الحركة الديمقراطية الاشورية مجرد حملة سياسية من اجل المنافسة مع بقية الاحزاب والمنظمات التي طالبت منذ مدة طويلة بالحكم الذاتي لشعبنا في الاقليم والحماية الدولية لشعبنا في الوطن وبالرغم من مجيء هذا التغيير متأخراً . بل يجب أن يكون هذا التموضع السياسي الجديد والذي كان يجب أن يظهر منذ أكثر من عقد . حافزاً لتطوير السياسة الحزبية للحركة ويضع قيادتها في موقع المسؤولية للتكيف مع التحولات في الوصع السائد في الوطن ورسم اهداف وأستراتيجيات جديدة أستجابة للتغييرات في الساحة السياسية والفوضى في الوطن .
لقد كانت نتائج 12 سنة الاخيرة دليل كافي على ان الخط السياسي الذي كانت تمارسه زوعا وبقية أحزاب شعبنا الاشوري لم يكن بالمستوى المطلوب وبدا واضحا ً أن الاستمرار في ممارسة السياسة التقليدية التي كنا نمارسها تحت سلطة الاحزاب الطائفية المتزمتة وكوننا شريكاً في هذه العملية السياسية الفاسدة في الوطن لم و لن تفلح عن أية نتائج أو انجازات ولن يكتسب بها شعبنا أية حقوق قومية أو سياسية أو دينية أو ثقافية أو أجتماعية بل أن الامورذهبت لتتشكل وتتطور الى الأسوأ وكانت تأثيرها على شعبنا مرعباً ومخيفاً جعلت الحاجة الماسة الى تغيير في مسار وسقف المطالب وفتح مجالات آخرى في الحاجة للعمل القومي السياسي وان هذا التغيير يجب أن يأتي من خلال تجديد الاستراتيجيات وتوفير رؤية جديدة قد يحمل زوعا وأحزابنا القومية الاخرى ومؤسساتنا الدينية الى أضافة قرارات آخرى كالدعوة الى حوار قومي شامل والاتفاق والعمل معاً وبناء علاقات قوية جديدة مع البعض للأستفادة من خبراتها ومهاراتها والتعاون معها وأستغلال أية فرص متاحة لمفاتحة الدول المتقدمة لخلق محرك يرفع قضايا وهموم شعبنا الى جهات ومنظمات وحكومات دولية وعالمية .
أن أبناء شعبنا بعد هذه التجارب المريرة التي مرت عليه سوف يميلون حتماً للتصويت لصالح المرشحين من الاحزاب القومية الاشورية العاملة في الساحة السياسية ليس قياساً على ماقالوه بل على الافعال والانجازات التي حصلوا عليها .
ويجب على أحزابنا السياسية ومؤسساتنا الدينية أن تنهي هذه السنين الطويلة من العمل السياسي الصامت والانصات فقط وان تبدأ العمل الجاد وأيصال صوتها حول القوانين الجائرة التي حاولت هذه الاحزاب الدينية تشريعها وعدم المساواة والهجرة والتهجير ومصير شعبنا في الوطن الى مستوى دولي بعيداً عن مجاملة الحكومة وأن تبدأ في الانفتاح والاستشارة معاً والبحث عن جذور هذه القضايا وان تعمل عل تشكيل وانشاء تحالفات واتفاقيات للتعاون معاً بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة كحصول السياسيين على مراكز أو مناصب لا تقدم أو تؤخر في مصير شعبنا . وان يكون دعوة الكونفرنس
( لتطوير اليات عمل تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية ) تؤدي الى أفكار جديدة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر وفعال وأيجابي لتعزيز المطالب التي ذكرها زوعا في بيانه السادس لأن التغييرات في سلوكنا السياسي والتعبوي والجماهيري والتواصل مع أهداف وأستراتيجيات جديدة ومرسومة بأتقان هو مهم جداً اذا كنا نريد الحفاظ على حياة شعبنا ووجوده في الوطن .. ومن الله التوفيق .
كانون الاول - 2015