إيران تفعل المستحيل لردع نزعة العبادي 'الاستقلالية' تهديد رئيس الوزراء العراقي بمعاملة مقاتلي الحشد كـ'دواعش' وسعيه للتقارب مع العرب، يثير غضبا لدى طهران تَرْجَمَتْه عنفا بالمقدادية وبابل. ميدل ايست أونلاينعليه أن يخرج من لعبة 'الحياد' في النهايةواشنطن ـ قالت مصادر اميركية إن طهران قررت على ما يبدو وضع حد لسلطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد قيامه بسلسلة من الخطوات "المستقلة" والتي لم ترق لإيران، مثل موافقته على بيان الجامعة العربية الذي أدان اعتداءات ايرانيين على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، واستبعاده لقوات "الحشد الشعبي" الشيعية عن معارك الرمادي، إضافة إلى مساعيه للتقرب من جيرانه العرب.
ومؤخرا زار وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي القاهرة للقاء كبار المسؤولين المصريين، بينما زار زميله وزير الرياضة عمان حاملا رسالة من العبادي الى ملك الأردن.
ويقول مراقبون إن خطوات العبادي التي تشي بتقارب بينه وبين جيرانه العرب في المنطقة قد اثارت حفيظة ايران وميليشياتها على ما يبدو، فبدأت حرب بين الطرفين كان ابرز ما قيل فيها تهديد رئيس الحكومة العراقي بأن يعامل كل القوات غير الحكومية كـ"دواعش".
ومن أجل هذه المواجهة الأمنية الحاسمة بين بغداد المليشيات الشيعية المتحالفة مع ايران قام وزير الداخلية العراقي بمناقلات لـ14 من قادة الفرق الأمنية، فيما تستعد وزارة الدفاع لتقديم اسم رئيس اركان الجيش، ومساعديه للبرلمان للموافقة عليها.
وشهد الاسبوعان الماضيان في العراق سلسلة من الاحداث الامنية، يقول مراقبون إنها حملت بصمات ايرانية، وإن الهدف منها إثارة المزيد من الصراعات الطائفية والعرقية إمعانا في إظهار العبادي كرئيس للوزراء غير قادر بحكم موقعه كرجل أول على ضبط الأمور في البلاد.
وشهدت بلدة المقدادية شمال بغداد، وقوع عدة اعتداءات على السكان واحراق مساجد للسنة، وهو ما أشعل غضب السياسيين السنة في بغداد ودفع نوابهم الى مطالبة الحكومة بمحاسبة الفاعلين.
ويجمع العراقيون على أن مرتكبي هذه الجرائم الشنيعة ينتمون إلى ميليشيات "الحشد الشعبي" الشيعية، وهي المليشيات التي صار اسمها "الحشد الشعبي المقدس" ربما تيمنا بحرب ايران "المقدسة" ضد العراق في ثمانينات القرن العشرين.
وحاول منفذو هذه الجرائم تبرير عنفهم بالقول انهم كانوا يطاردون عناصر تابعة او مؤيدة لتنظيم "الدولة الاسلامية"، لكن العبادي، الذي زار المقدادية مرتين في اسبوع وقام بجولات ميدانية والتقى سكانها، رد بقسوة على الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، متهما إياها بأنها "الوجه الآخر" لتنظيم الدولة الاسلامية.
ومن دون ان يسمي هذه المليشيات الشيعية، قال العبادي إن "كل من (عراقي) سيحمل السلاح خارج إطار الدولة سنعتبره داعشيا".
ولم يكن الحزم الذي أبداه العبادي في وجه ميليشيات "الحشد الشعبي" الشيعية مستجدا، فهو كان قد استبعدها عن معارك الرمادي، واستبدلها بقوات "الحشد العشائري" السنية.
وبينما كان العبادي يواجه تداعيات جرائم المليشيات الشيعية الحليفة لإيران في المقدادية، افتعلت هذه المليشيات مواجهات أمنية في البصرة وبابل ما اضطر بغدا إلى ارسال تعزيزات الى هاتين المدينتين الجنوبيتين وشن حملات امنية فيهما.
وتعقتد المصادر الاميركية أن هذا التطور قد حصل بإيعاز من إيران لعملائها في الداخل العراقي حتى يقوموا بتشتيت قدرات القوات العراقية ومنعها من إنهاء عربدة "الحشد الشعبي المقدس" في المقدادية.
هذا في ما يتعلق بأمن العراق الداخلي.
اما في علاقاته (العراق) الخارجية، فيبدو أن طهران أرادت ارسال رسالة الى واشنطن والعالم مضمونها أنها تبقى صاحبة الكلمة الأخيرة عند أي تعامل مع العراق.
وفي اليوم التالي لإفراج إيران عن معتقلين اميركيين لديها بموجبة صفقة تبادل سجناء مع الولايات المتحدة تزامنت مع موعد رفع الحصار الأميركي الغربي عنها، أقدمت خمس سيارات رباعية الدفع باختطاف 3 اميركيين من حي الدورة جنوب بغداد. وقالت الاستخبارات العراقية ان الخاطفين اصطحبوا المخطوفين الى مدينة الصدر الشيعية.
وفي واشنطن، أشارت كل اصابع الاتهام باتجاه "عصائب اهل الحق"، الميليشيا العراقية الأكثر قربا من ايران.
ويقول محللون ان طهران تود على ما يبدو إبلاغ العبادي والأميركيين بأنها مازالت تمسك بالوضع الامني في العراق، وان السفارة الاميركية وديبلوماسييها والمستشارين العسكريين، الذين يناهز عددهم 3 الاف ويساهمون في قيادة معارك القوات الحكومية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية"، كل هؤلاء الأميركيين في العراق هم في ضيافة إيران وميليشياتها، ولا يمكن للعبادي أن يضمن أمنهم، مهما فعل.