صديقي هوزايا في الاربعين أحنّ اليك
لطيف نعمان
مثلما اليت على نفسي أن أكون أول من يكتب في رثائك يوم رحيلك ، هكذا اثرت أن أرثيك في الاربعين ، وفي كلا الحالتين تتدفق الكلمات الغزيرة على قلمي بعفوية لفيض نبلك وخصالك المتميزة ، ولأنك قريب الى قلوبنا .. كيف لا وقد جاء رحيلك مبكرا وأنت في عز العطاء ، واسرتك بأمس الحاجة اليك ونحن كذلك ..لقد عودتنا أن نتطلع الى مياه نهرك المنهمرة فيضا من الحلاوة والبلاغه ونغرف منها ، ليس في شؤون الادب واللغه والاعلام والسياسه فحسب ، انما في كل ما له صله بشؤون وشجون الحياة بتعقيداتها وحلوها ومرها ..
اليوم اتذكر اكثر من اي وقت مضى حاجتي لفطنتك وحنكتك وحكمتك التي اطفأت الكثير من مشاكساتي ومغامراتي وعربدتي في الكتابه كلما كنت انفعل لأخطاء أناس لم اكن اتمكن ان اواجههم الا بالقلم ..
وقد كانت تلك المشاكسات تعرضني الى الكثير من المسائلات ، وربما الملاحقات ايضا لولا اهتدائي بنصائحك ..
اما في الشأن الوطني الذي كنت اتباهى به وأضن نفسي أكثر الاصدقاء حبا للوطن والارض ، فلم اجد غيرك من تمكن وبجداره من منافستي والتفوق عليّ في حب الوطن .. لقد كنت المتميز من بين الاصدقاء في التشبث بالارض والوفاء لكل من له صلة بحياتك ..
اربعون يوما أكتب ، أرثي ، أتذكر ، وأحن لاتكفي وأنا أعيد الى ذاكرتي مقولة شريكة عمرك جان دارك هوزايا عندما التقيتها : - (لطيف مهما كتبتم عن يونان فهو قليل بحقه)..نعم صدقتي القول سيدتي ، أرشيفه الثري يشهد على ذلك ، ومهما فعلنا لانفي جزء ضئيل من حقه ..
لقد كنت صديقي شجرة وارفه الظلال استظلت تحت فيئها شريكة عمرك وعيالك اضافة الى الكثير من الاصدقاء و المثقفين ، والسياسين ، والاعلامين ..
اليوم احن الى عذوبة كلماتك ، وهدوءك ، وصدقك ، ونبلك ..أحن الى كفك المليء بالعطاء والخير ..الكف الذي حمل قلما غايه في الرشاقه وسطّر أجمل الكلمات ، وأحلى العبر ..
كنت خير صديق ، ونعم الاب ، ونعم الشريك لجان دارك ، نعم الجار ، نعم الرفيق ، نعم المعلم ، نعم الشاعر ، نعم الوزير ..
كم كانت فرحتنا كبيره يوم تم توزيرك ؟.. وكم أزداد تواضعك يومها وكأني بك كنت تحاكي الاشجار التي كلما زادت ثمارها كلما انحنت اغصانها ..
لما تم توزير هوزايا ضن الكثير بأنه سيصاب بالغطرسه والكبرياء كبقية الوزراء ، لكنهم لم يعرفوا أن الرجل قبل أن يصبح وزيرا للصناعه انه وزير للاخلاق والتواضع ..
خلال مسيرتي الفنيه والثقافيه عملت مع الكثير من الفنانين والادباء والمثقفين لكني لم أشعر بمتعة العمل الثقافي والقومي والاعلامي مثلما عملت مع صديقي هوزايا ..
هل انسى تجارب العمل المشترك في تحرير جريدة بهرا ، وسهر الليالي الطوال لسنوات عده ؟..هل انسى ملاحظاتك القيمه في بروفات مسرحيات يوم الشهيد الكلدو اشوري ، وأبتهاجك أيام العرض بها ؟.. هل انسى الايام التي عملنا معا في دهوك واربيل ابان التسعينات ولغاية 2003 (انتقال جريدة بهرا الى بغداد) ؟..
هل انسى عندما كنت احمل اليك كتاباتي واعرضها امامك وانت على فراش المرض تضيف اليها ملاحظاتك الرائعه وتزيدها متانة في الحبكة والحلاوة؟..
في ذكرى الاربعين اتذكر كل ساعة وكل يوم عملنا معا .. أتذكر صبرك ، حلاوتك ، ملاحظاتك ، خطك الجميل ..
كم كنت جميلا ..كم كنت انيقا ..كم كنت مبدعا ورائعا .. كم كنت مزهوا ويليق بك مكتب الوزير ، وتليق وتزهو بك الوزاره ..
اليوم لما دخلت بيتك صرت اتطلع الى كل ركن وكل جزء فيه وكل غرفة فيه علني أراك ، بحثت طويلا علني أجد سريرك ، لكني رأيت صورتك في عيون الاهل والاصدقاء .. اتطلع الى كتبك وصورتك في مكتبك ، ثم خرجت الى حوش الدار وأنا اتلفت ذات اليمين والشمال ، أراك ماثلا امامي ترحب بي ، تصافحني وتعلو وجهك الضحوك والمشرق ابتسامة مفعمة بالطيب والسعاده ..
نعم سيدتي جان دارك مهما كتبنا فهو قليل بحق يونان هوزايا ..
عنكاوا 29/1/2016