ليس صدام ولا المالكي ولا العبادي ولا غيرهم وانما الشعب العراقي هو سبب الاجرام والقتل والفساد والجوع
- مقالتي بعيدا عن الكياسة
في البداية اقول بان هؤلاء الذين يعتبرون انفسهم مثقفين نشروا صياغة معينة حول تحليل اسباب عدة احداث, وهذه جعلوا منها راي عام الذي بدوره انتشر. واي شخص الان يخرج عن هذا الراي العام يتم اعتباره خروج عن الكياسة السياسية والادبية, وبالتالي قد يتعرض الى انتقاد شديد او يطلبون بحذف مقالته.
واقول ايضا بان 99% من المقالات التي ينشرها ما يسمون بالمثقفين العراقيين هي خاطئة ولا تصلح للقراءة وهي لا تفيد احد باي شئ. وكل هذه المقالات هي مبنية فقط على اساس واحد وهو "ثقافة الاتهامات" , حيث ان هناك فقط اتهام لاشخاص معينين لوحدهم وليس هناك اي حديث عن المسؤولية. واذا تحدثوا عن المسؤولية فانهم يقولونها هكذا "رئيس الحكومة يتحمل المسؤولية عن..." وهم في ذلك يستخدمون تعبير المسؤولية بشكل خاطئ وبالتالي لا علاقة له بثقافة المسؤولية وانما يبقى يجري ضمن ثقافة توزيع الاتهامات.
- شئ عن تاريخ العراق...ما الذي حدث؟
انا كشخص قرأت عن تاريخ العراق ولم اعشه فانني توصلت الى النتائج التالية: كان هناك عدة حركات سياسية وكل حركة تمتلك ما يسمون بالمثقفين الخاصين بها. هؤلاء في ايام الانقلابات في العراق كانت كل فئة منهم تسمي نفسها وطنية. "نحن اشخاص وطنيين وحزبنا يمتلك افكار وطنية". هذه هي الطريقة البشعة والتي هي بالمناسبة لا تزال تستعمل.
السؤال الذي اوجهه لامثال هؤلاء هو : هل هذا الوطن الذي يتحدثون عنه هو وطني ايضا اذا لم اتفق مع الافكار التي يطرحها هكذا حزب؟ وماهو المقصود ب "النضال"؟ هل سيناضلون ضدي اذا لم اتفق مع افكارهم التي يسمونها بالوطنية؟
جواب كل هذه الحركات التي تسمي نفسها بالوطنية كان ولا يزال: كلا لن يكون وطنك وسنعتبرك خائن وسنناضل ضدك ونعلن الثورة...
هذه الافكار الوطنجية والثورجية النضالجية المتخلفة ادت بان تقسم المجتمع العراقي الى وطنيين وخونة. وجرت بان تقود الى ذبح العائلة الملكية بطريقة اسوأ من داعش, وجرت الى ان تقوم كل هذه الحركات بمباركة من اغلبية المثقفين العراقيين بان تقوم بسحل وتعذيب العراقيين في الشوارع وقتلهم...وهي ادت بان تحول كل العراقيين الى مناضلين ثورجين يناضلون ضد بعضهم البعض...
من المسؤول عن ما حدث: المسؤولية يتحملها الشعب العراقي, لان هذا الشعب هو الذي انجر خلف مثقفين واحزاب وهو الذي سمح بنشر هكذا ثقافة وهو الذي لم يقم بدراستها بشكل نقدي ومعرفة نتائجها. لهذا فان كل العراقيين الذين تم قتلهم في تلك الفترة فانهم تم قتلهم بسبب الشعب العراقي نفسه.
كيف يتحدث المثقفون عن صدام حسين؟
المثقفون يضعون اليوم هكذا قصص كوميدية: "جاء شخص اسمه صدام حسين وقام بتكوين عصابة ونجح بالسيطرة على المجتمع العراقي ومن ثم قام بتاذية هذا الشعب المسكين...الخ."
ان من يقرأ هكذا قصص سيظن على الفور بان صدام هو شخص نزل من المريخ, الفضاء الخارجي, وبانه كان شخص خارق القوى وقدراته الخارقة ساعدته بان يسيطر بسهولة على عدة ملايين من البشر بحيث انه استطاع ان يسيطر على المجتمع باكمله...
ولكن ما جرى بالبطبع لم يكن بهكذا قصص للاطفال. فافكار القومجية العروبجية انتشرت بعد التقاء المجرم رشيد عالي الكيلاني بهتلر... وبعد ان تاسس حزب البعث فانه كان هناك عراقيين قاموا بتاييده. وبقية العراقيين لم يقفوا ولم يحتجوا ضد وصول هكذا حزب للسلطة. لم يحتج احد انذاك. حتى الاحزاب الاخرى مثل الحزب الشيوعي لم تملك احتجاج في ذلك الوقت.
بشكل مختصر جدا: الشعب العراقي كان قسمين: قسم يتحمل المسؤولية لانهم ايدوا صدام حسين وحزبه. والقسم الاخر من الشعب يتحمل المسؤولية لانهم لم يخرجوا للاحتجاج لمنع صدام وحزبه للوصول الى الحكم.
ولان كل شخص مسؤول بنفسه عن ما يفعله وما لا يفعله. ولان كل شعب يبقى غصباً عنه مسؤول عن ما يفعله وما لا يفعله. فان كل الحروب التي حدثت بعد مجئ البعث وايضا ما رافقها من اعدامات وتعذيب وسجون وقمع يتحمل مسؤوليتها الشعب العراقي نفسه. اي ان ما تعرض له الشعب العراقي من حروب التي فقد فيها افراد من عوائلهم واقربائهم وما تعرضوا له من سجون واعدامات وتعذيب هي كلها يستحقها الشعب العراقي, لانني كما وضحت فان الشعب العراقي يتحمل المسؤولية لوحده عن كل ذلك.
وانا اؤمن بان القراء سيتفقون معي اذا قلت بان لو لم يكن هناك شخص اسمه صدام لجاء شخص يمتلك اسم اخر مثل محمود او كاظم وكان سيقوم بنفس الاجرام, هذا لان الشعب العراقي بغالبيته العظمى هو شعب محب للاجرام والقتل, والدليل كما قلت, فان هذا الشعب اما ايد هكذا حركات مجرمة او انهم لم يخرجوا للاحتجاج لمنع وصولها للحكم.
ماذا جرى بعد سقوط البعث؟
ما جرى لم يكن مشابه لما جرى في اماكن اخرى من العالم بعد سقوط الديكتاتورية فيها. فمحاكم نورنبيرغ بعد سقوط النازية حرصت على اجتثاث الثقافة وليس الاشخاص لوحدهم. اي جرت عملية تغيير ثقافي عالجت اخطاء الماضي وحرصت على ان لا يتم اعادتها. الا ان في العراق فان الشعب العراقي بنفسه قام اما بتاييد عدة احزاب دينية او غيرها او لم يحتج على سياساتها. النتيجة كانت ايضا قتل ودمار وفساد وجوع. هذا لان الشعب العراقي باغلبيته هو شعب فاسد وليس لان هناك شخص حكومي واحد اجبرهم على القبول بالفساد, فليس هناك بالفعل شخص ينزل من المريخ وليس هناك في الطبيعة شخص يمتلك قوى خارقة للطبيعة ليسيطر على الملايين.
هنا من سيقول: هذه الثقافة مسؤول عنها المثقفين الذين هم من قام بنشرها ايضا.
هذا الكلام صحيح جدا, ولكنه ايضا كلام يتم وضعه ضمن ثقافة توزيع الاتهامات. اذ ان المسؤول الحقيقي والوحيد سيبقى الشعب العراقي بنفسه. لان هذا الشعب هو الذي كان عليه ان لا يؤيد خطابات المثقفين وهو كان عليه ان يخرج الى الشارع للاحتجاج ورفض خطابات المثقفين.
النتيجة والمطلب: مهما عارض اي قارئ ما اقوله اعلاه فان الطبيعة نفسها تعرف اشياء محددة التي هي بمثابة قوانين للطبيعة التي لا يمكن لاحد ان يقوم بتغييرها وهي:
- كل فرد مسؤول عن ما يفعله وما لا يفعله. بمعنى مسؤول عندما يفعل شئ مؤيد لنشر ثقافة تسمح بالاجرام. ومسؤول عندما لا يفعل اي شئ مثل الخروج للاحتجاج ضد اي شئ او خطاب قد يقود الى نشر ثقافة تسمح بالاجرام.
- كل شعب يمتلك الحكومة التي يستحقها. بمعنى اذا كان هناك شعب يمتلك حكومة اجرامية او فاسدة فهذا لان هذا الشعب يستحق ذلك , لكون هكذا شعب هو بنفسه مجرم وفاسد. اذ ان هناك شعوب لا تقبل بالفساد والاجرام وهي نجحت في ذلك وهي تمتلك حكومة وحياة ومجتمع مختلف.
- ومن هنا وبعد قيامي بكل الشرح اعلاه فان المطلوب من الشعب العراقي ما يلي:
1- التوقف عن ثقافة توزيع الاتهامات التي لا يقوم بها سوى مزعطة. والقيام الى التوجه لثقافة المسؤولية.
2- ان يعترف الشعب العراقي بحقيقته كما هي , وهي بانه كان ولا يزال شعب باغلبيته محب للاجرام والفساد والعنف. هذا مع التخلي عن الكلمات التي يطلقها بعض المزعطة والتي تسمي هذا الشعب بانه شعب عظيم او شعب مسكين لا حول له ولا قوى وبان كل شئ تتحمله بضعة كائنات نزلت من الفضاء.
3- ان يعترف هذا الشعب بان السماح باي ظلم ضد الفرد سيؤدي الى جعل ممارسة الظلم مسموح به ثقافيا في المجتمع باكمله. وعندها فان طالهم هذا الظلم , فعندها لا نريد صراخ وبكاء وجعير. لان هؤلاء الضحايا من العراقيين سيكونون ضحايا الشعب العراقي نفسه.
4- ان يعترف الشعب العراقي بان كل شعب يمتلك الحكومة وشكل الحياة وشكل المجتمع الذي يستحقها. فاذا كان العراقيين اليوم لا يمتلكون لا ماء ولا كهرباء ويعانون من الفساد فهذا لان الشعب العراقي يستحق ذلك. اي ايضا بما معناها ان يعترف الشعب العراقي بان كل الحروب وسياسة الاعدامات والسجون التي تعرض اليها بانه يستحقها.
ماذا ستكون المشكلة مع البعض من الذين سيرفضون اسلوبي في الكتابة؟
مشكلة هؤلاء هي ان هناك عراقيين مهاجرين في الغرب وهناك بينهم من سيعتبر نفسه مثقف. هؤلاء عندما يتحدثون عن الحياة في اوربا فانهم يتحدثون مثلي. اي مثلا عندما يجدون تيارات يسمونها باليمين المتطرف المعادي للاجانب, فان هؤلاء العراقيين المهاجرين ومثقفيهم يقترحون على الفور بان تقوم الشعوب الغربية بتحمل المسؤولية والخروج الى الشارع لمواجهة هذا التيار اليميني المتطرف والاحتجاج ضده من اجل منع وصوله الى اهدافه او ضد وصوله للحكم , ويطلبون من هذه الشعوب بان تقوم بالضغط على اعلامهم وصحفيهم وحكوماتهم لينشروا ثقافة تحترم الجميع.
اي ان هؤلاء يعترفون بان هذه الثقافة هي مسؤولية الشعب نفسه.
ولكن فيما يخص العراق, فان هؤلاء العراقيين والمثقفين يمتلكون فورا طريقة اخرى للتحدث, فلا نرى مسؤولية وانما نرى فقط ثقافة الاتهامات مع جعل الشعب العراقي برئ من كل شئ وبان هناك فقط حفنة من الحكام الذين هم لوحدهم مسببي كل ما حدث.
لماذا هناك اختلاف للتحدث بين العراقيين في المثالين اعلاه؟
السبب هو لانهم لا يريدون ان يتحملوا المسؤولية بانفسهم وخاصة فيما جرى في الماضي ودورهم فيها. ولانهم يريدون تبرئة انفسهم. ولانهم يعتبرون الشعب العراقي شعب لا حول له ولا قوة, اي بمعنى هم يتمتعون بان يكونوا شعب لا يكون له لا حول ولا قوة. وبالتالي فانهم بتحميلهم الشعوب الغربية للمسؤولية وعدم تحميلهم للشعب العراقي اية مسؤولية فانهم يعتبرون الشعب العراقي بانه في اغلبيته شعب لا قيمة له وبانه لا يستحق حتى اي نقد.
لماذا كتبت مقالتي اعلاه؟
لانني ببساطة متاكد بشكل يقيني لا يحمل اي شك بان مشكلة العراق الحالية تكمن في انها بعيدة عن ذكر الحقائق. ببساطة ليس هناك من يطرح الحقائق كما هي. الحقائق عن الشعب العراقي نفسه. وطالما يكون هناك اخفاء لهذه الحقائق وعدم الاعتراف بها ومواجهتها, فلن يكون هناك اطلاقا اية معالجة لاية اخطاء جرت في الماضي. وبالتالي فان الاخطاء ستعيد نفسها في كل مرة. وهذا هو بالفعل ما يحدث لحد الان.
واخيرا اقول واعيد: مهما عارض اي شخص ما كتبته من حقائق فانه لن يتمكن من ان يقوم باي تغيير لقوانين الطبيعة. فالطبيعة نفسها لا تهتم باية مقالة ولا باية مداخلات ولا باية تعليقات. الطبيعة بنفسها ستظل تعتبر كل شعب وكل فرد من الشعب مسؤول بنفسه عن ما يفعله وما لا يفعله. والطبيعة ستمنح اي شعب شكل الحكومة والحياة والمجتمع التي يستحقها ذلك الشعب.
الطبيعة تحمل الشعب وكل فرد من الشعب بنفسه المسؤولية. والطبيعة غير مهتمة اطلاقا باية تبريرات وتوزيع الاتهامات التي غرضها كلها التهرب من المسؤولية. لان الطبيعة لا تسمح بهكذا تهرب على الاطلاق.
الطبيعة لا تهتم بالمقالات التي تبرئ الشعب وتركز فقط على اتهام كائنات فضائية لوحدها التي يصفونها بانها تملك قوى خارقة للطبيعة قادرة ان تسيطر على الملايين خلال لحظات امثال الاشخاص في فترة الانقلابات او صدام او المالكي او العبادي او غيرهم من سياسين.
شكرا للقراءة