المحرر موضوع: انتعاش الحراك الشعبي المدني... احتضار المحاصصة !  (زيارة 626 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل احسان جواد كاظم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 420
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انتعاش الحراك الشعبي المدني... احتضار المحاصصة !
احسان جواد كاظم
 بأنطلاق التظاهرات الشعبية في شباط 2011 المطالبة بالحريات والخدمات ومكافحة الفساد, وبالتحرر من طوق المحاصصة الطائفية - العرقية, تم كسر حاجز الخوف الى غير رجعة, وهو الانجاز الاكبر الذي يغبط عليه متظاهرو ساحة التحرير وساحات التظاهر الاخرى في البلاد, والتي أرست وسائل الكفاح السلمي لانتزاع الحقوق.
وقد وقفوا لوحدهم, صامدين, امام حملة تشويه ظالمة من قبل احزاب الفساد, وتربص سلطوي بغيض لهم والتأليب عليهم بطرق متعددة والتخرص عليهم بتنفيذ اجندات خارجية مرة , ومرة بأحتمال اختراق مظاهراتهم من قبل الارهابيين والبعثيين الى ان سلم المتخرصون ثلث البلاد الى ارهابيي داعش ورهنوا اجزاءه الاخرى عند الفُساد والمفسدين ووضعوا مصير البلاد على كف عفريت.
لقد اثبتت الحياة صحة الاستنتاج الشعبي, بأن خشيتهم الحقيقية كانت على مصالحهم وامتيازاتهم وليس على خير البلاد ومواطنيها.
ومنذ عودة التظاهرات, قبل ثمانية اشهر, دأب الناشطون المدنيون على تأكيد طبيعة تظاهراتهم السلمية وابتداع وسائل عمل جديدة بعد تقويم لتجربتهم السابقة والالتزام بما تمليه عليهم وطنيتهم والاهداف التي خرجوا من اجل تحقيقها بعد تمادي احزاب المحاصصة الحاكمة في سرقة المال العام والانحدار بالبلاد الى مخاطر التقسيم.
 ورغم الاستعداء السلطوي لهم بالادعاء ان تظاهراتهم السلمية ضد الفساد التحاصصي  الذي ينخر بالجبهة الداخلية,  تشغل القوى الامنية  عن محاربة الارهاب, ومواصلة عزف اسطوانتهم المشروخة السابقة عن امكانية استغلال الارهابيين لتظاهراتهم, فقد ذهبت كل هذه التخرصات ادراج الرياح, بعد ان اثبتوا قدرتهم على صيانة تحركهم الشعبي المنحاز للمظلومين من ابناء شعبنا ضد ظالميهم من كل نوع, بما فيهم مناهضيهم من احزاب السلطة بوطنية الشعارات والاهداف ووضوحها.
 وابدوا استعداداً مسؤولاً للقاء اية جهة تريد سماع وجهة نظرهم والتفاعل معها وهكذا كانت اللقاءات بمرجعية السيد السيستاني في النجف ولبّوا دعوات رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية, وعرضوا عليها مطالبهم ورؤيتهم للحل المنشود, اضافة الى اللقاءات المستمرة بمنظمات المجتمع المدني ونشاطاتهم الاعلامية على اكثر من صعيد في وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت اللقاءات الاخيرة  بالتيار الصدري وقائده مقتدى الصدر, شاهد على تفاعلهم المسؤول مع اية جهة تدعم مطاليبهم التي هي مطاليب شعبنا وهي مطاليب قابلة للتنفيذ في اطار الدستور والقانون.
لقد جهد المتظاهرون الى توفير كل وسائل النجاح لتحركهم من اجل تحقيق مطالب ابناء شعبنا.
لذا فأن الحراك الاجتماعي الذي فعلتّه شعاراتهم ونشاطاتهم, بدأ يعطي ثماره, فقد دخل مرحلة جديدة بعد ان وصلت تأثيراتها الى شرائح واسعة من ابناء شعبنا, كانت تقف مترقبة, من طلاب وعمال وموظفين... وتوسعت الحركة المطالبة بالتغيير, مما دفعت الاحزاب الحاكمة للبحث عن وسائل للتحايل على هذه المطالب بعد ان كانت تتجاهلها كلياً وتعتبرها مؤامرة ضدها.
 وبفضل الحراك الشعبي المتصاعد, دبت الخلافات بين اطراف كياناتهم, لكن هذه المرة ليس فقط بسبب نسبة المغانم الموزعة من المال العام لكل طرف منها, بل بألقاء كل طرف اللوم على الطرف الآخر لما آلت امور البلاد, وبات يهدد وحدتها.
لكن تبقى وحدة الهدف لديهم, في ادامة سرقة قوت المواطن والتحكم بمصائر البلاد, اقدس مقدساتهم.
لقد كان دخول التيار الصدري بكل ثقله الشعبي على خط التظاهر, وبطابع مدني يبتعد الى حد مشهود عن الانتماء الفئوي والحزبي, قد عزز الحراك المدني. ثم ما تبعه من قرار قيادة التيار بالتوجه نحو الاعتصام امام بوابات الخضراء برايات عراقية والتزام صارم بالضوابط المدنية التي دعاهم اليها قائد التيار مقتدى الصدر, يشكل انتصاراً, على الاقل في هذه المرحلة, للنهج المدني اللاعنفي الذي كافح الناشطون المدنيون, طوال سنين عديدة, من اجل اشاعته في الحياة السياسية العراقية, خاصة من تيار كان يعرف عنه نزوعه الى العنف وفرض اراداته بأدواته المسلحة.
ولابد من ذكر الاختراق الكبير الآخر الذي حققه الحراك الشعبي بمجموعه المتمثل بالتفاعل الأيجابي للجيش والقوات الامنية المرابطة على  حواجز المنطقة الخضراء هذه المرة, خلافاً لمرات سابقة تعاملوا فيها بقسوة مع متظاهرين مدنيين سلميين, اقتربوا من مشارفها, والذي لابد وقد قض مضاجع الفاسدين.
 وسواء كان هذا نتاج موقف وطني لافراد القوة الحامية او خشية من ردود فعل جماهير التيار الصدري العنفية المحتملة, فانه شكل خطوة متقدمة للحراك الشعبي بالتحول من التظاهر كشكل نضالي الى شكل آخر اكثر تقدماً هو الاعتصام امام, كما عبر بعض المعتصمين المدنيين, مغارة الحرامية.
نجاح عملية التغيير يرتبط بالموقف الصائب لقواها من المحاصصة الطائفية - العرقية المقيتة, بأستئصال شأفتها وتبني مبدأ المواطنة ودولة القانون والحريات. وان اية محاولة للدوران حول هذه العلة دون معالجتها جذرياً, ستنتج المزيد من المعاناة والآلام لشعبنا وتهدد وحدة البلاد ومنعتها.
لامجال لأعادة تدوير نفاياتها - قرار شعبي باتْ لا رجعة عنه.