المحرر موضوع: مع انضمام ابرشية سريانية الى الابرشيات المشرقية ملف جزئي عن خارطة الابرشيات الكاثوليكية بكندا  (زيارة 1678 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الأب نويل فرمان السناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
مع انضمام ابرشية سريانية الى الابرشيات المشرقية
ملف جزئي عن خارطة الابرشيات الكاثوليكية بكندا

بقلم الأب نويل فرمان السناطي
___________________

تهنئة تمهيدية،
بتقديم التهنئة الاخوية المخلصة الى الحبر الجديد، المطران أنطوان ناصيف راعيا لأبرشية السريان الكاثوليك في كندا، أستهل هذا المقال، الذي فيه وددت تسليط ما يتوفر من ضوء، بنحو شخصي وإعلامي، على خارطة التعايش بكندا لمسيحيينا الكاثوليك الناطقين عموما بلغة جيراننا العرب في الشرق الاوسط، مع تنوع اصول مسيحيينا وثراء جذورهم الطقسية. وفي حرية التعبير في هذا المقال،  آمل أن يشفع لي الى الحبر الجديد، ان ليس ثمة معرفة شخصية بسيادته، مما يعزز التأكيد ان ليس ثمة أي قصد مباشر وشخصي لأي من رموزنا الدينية الابرشية، وأن الموضوع هو تشخيص واقع معين بغية معالجته الانجيلية الجذرية، ونحن في ظل حبرية البابا فرنسيس الذي يوصي بالأنجلة الجديدة.

تجاور دبلوماسي وحذر بين الكنائس الرسولية الكاثوليكية ناهيك عن الأرثوذكسية
__________________________________________________
تمت الاشارة في الفقرة أعلاه إلى كنائسنا بأبنائها من روميين ونهرينيين وأقباط، ممن وصفهم الكاتب الاب ثيودورس داود، بأحفاد إبلا والرافدين والفينيقيين والفراعنة، وأنهم أهل المشرق وسكانه الأصليين. فإذا تم التنويه بالكاثوليك منهم، فهم ايضا وغالبا ما يتجاورون على مقاعد كنائسهم الشقيقة، ويتصاهرون مع اشقائهم من الكنائس المشرقية، الكاثوليكية، الارثوذكسية، ومع غيرها ايضا. لكنه تجاور مشوب أحيانا بالحذر مغلف بالدبلوماسية حتى بين الكنائس الكاثوليكية المشرقية. وثمة أيضا شعور بأن الكنائس البطريركية المشرقية الكاثوليكية تقيم، بمستويات متفاوتة، ما بينها وبين الكرسي الرسولي حالة من الضبابية والمظاهر التوفيقية عن علاقاتها المشرقية الكاثوليكية المتبادلة. وبأنه من الطبيعي أن يكون لها خوارنة يخدمون في المدينة الواحدة بنحو مستقل، لجماعات كاثوليكية ناطقة بالعربية ومتصاهرة احيانا، متجاورة في الحي الواحد، وباتت توزع طقسيا، هنا وهناك، وكأننا في ذات الحيّز الجغرافي الواسع بين العراق والشام وسوريا وسواها من بلدان الشرق الاوسط. بينما نحن في زمن اللقاء التاريخي بين البابا فرنسيس ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
وخلافا للمجتمع الكاثوليكي عالميا،  لعلّ هناك فجوة إعلامية بين الاصوات العلمانية والاعلامية المسيحية. فتقدم الصورة الى الكرسي الرسولي بنحو اكليروساني أحادي. وإذا كان للقاصد الرسولي في المشرق تفاعله الطيب مع المحليين، فإن سفير الفاتيكان في الشمال الامريكي، من المؤمل ان يكون له إلمام بطبيعة وبيئة مسيحيي الشرق، أكثر مما كان مطلوبا منه في بلداننا بالشرق الاوسط، بعد ان حوّلت الاواني المستطرقة، الكتل المسيحية من هناك الى بلدان الاغتراب.
فالخشية هي أن يحمل أحبارنا معهم الى الغرب ايضا، التداعيات السياسية والتراكمية والحدود الجغرافية، التي تجعل الاحبار، يتزاورون ويتعانقون، بدون أن يكون ثمة تنسيق انجلة يذكر فيما بينهم، لما تقتضيه كل مرحلة في التأوين للكنيسة الجامعة. وربما ازكم ذلك أنوف الكثيرين بذرائع الخصوصية الطقسية والثراء الليتورجي لكل كنيسة، مما أدى إلى نوع من الجدران الادارية فيما بينها، بدون أن يكون ثمة تنسيق لتعشيق الامكانات المتوفرة لدى الجميع في خدمة الكل.
ونشير ايضا الى ان الانفتاح الرسولي والقانوني بين العائلتين الرئيستين في المسيحية: الكاثوليكية الارثوذكسية، حيث قطعت الكنيسة الكاثوليكية وشقيقتها الأرثوذكسية اشواطا طيبة، مما يضع أمام أحبارنا الكاثوليك الرسالة المشجعة لاتباع خطوات البابا فرنسيس في الانفتاح أيضا على عموم الجماعات الكنسية التي ظهرت بعد الحركة اللوثرية، لعل ذلك يخفف من تجزئتها المستمرة الى جماعات مسيحية مجهرية، إذا التحقت بركب الكنائس الرسولية القانونية.

مقارنة عامة لواقع الحال، للكنائس الكاثوليكية في المشرق وفي الاغتراب
نظرة الى كنائسنا البطريركية في الشرق، والتململ المتزايد...
_______________________________________

للوقوف بموضوعية أمام واقع تواجد مسيحيينا المشرقيين كمغتربين متجاورين في المدينة الصغيرة الواحدة، لا بد من الالتفات الى ما يحدث في الشرق الأوسط، من تململ على مستوى البطريركيات.
يواجه مسيحيونا على تنوع طقوسهم وكنائسهم البطريركية تحديات في الشرق الاوسط، تضغط في محاور مختلفة جيو- سياسية ودينية. ومع ذلك يوجد شعور أن البطريركيات تتفاعل من خلال ما تراه من افق ذاتي واستراتيجيات خاصة، لابداء الرأي في معالجة هذه أو تلك من التحديات، منها توحيد العيد. فعلى مائدة جمعتنا: كاهن كلداني، وكاهن من الروم الكاثوليك، في ضيافة كاهن ماروني، مع  أسقف ارثوذكسي متنور ووحدوي الى حد الثورية، أشار الأسقف أن أحد بطاركة الشرق، هو الذي وقف بالضد من ذلك التوجه بتوحيد العيد، ولسنا هنا بصدد الغور في الموضوع وحيثياته في اطار هذا المقال.
أما التململ الأكبر، على مستوى الكنائس البطريركية الكاثوليكية وغيرها، فقد جاء بخصوص التحديات التي تواجه شعبنا المهجر والمشرد والمضطهد، المستهدف بنية مبيتة لافراغ الشرق من أبنائه الاصلاء المسيحيين. حيث أن الكتل غير المسيحية والضاغطة نحو هذا الدرك، بنحو بعيد عن الوطنية ونكران الجميل لجيرة امتدت لدهور، لا تميز بالطبع بين طقوس مسيحيينا وكنائسهم، في استهدافهم بتعصب مذهبي وغلّ طائفي. وهكذا طفا على السطح تململ أمام تحرك أحد البطاركة، مار لويس ساكو، بغيرة انقاذ ما يمكن انقاذه لصالح رعاياه، عندما انتقدت تحركاته وما رآه يعود بالفائدة الى التواجد الواسع لرعيته ميدانيا بدون استثناء غيرهم من المسيحيين، وكأن المطلوب من غبطته هو أن يستأذن في كل خطوة يخطوها عندما تستجد الحاجة الطارئة لها، لما يسعف واقع ابناء رعيته بدون أن يحصر المطالبة لهم تحديدا.
ومن المعروف في ظروف منطقة الشرق الأوسط، فإن الكتل الديمغرافية الطائفية، سواء على نطاق عراق الرافدين، او في الشام ولبنان، باتت هي ذاتها تضغط ضد التواجد المسيحي في الشرق الأوسط، في إطار ارهاب متجانس واحد لا يفرق بين المذاهب المسيحية.

مسيحيونا المغتربون في ظل اللادينية والعلمنة والليبرالية
___________________________________
ويأتي مسيحيونا في بلدان الاغتراب، ليصطدموا أمام تحد مشترك واحد تختلط فيه النزعة العلمانية المضادة للمظاهر المسيحية، الى جانب العلمنة والليبرالية لتستهدف مختلف الشرائح وتستهدف الاجيال اكانت في مدارس أهلية-كاثوليكية أم عمومية. ونعني المسيحيين المستهدفين هنا،  أكانوا ضمن بطريركيات متحدة مع روما، أم كانوا تحت رعاية كاثوليكوس يرأس كنائس جاثاليقية أرثوذكسية. فإذا كان اضطهاد كنائسنا في الاوطان بهدف غلقها، فإن الكنائس في المهجر المشرقي المسيحي يتم تفريغها من مؤمنيها أمام التحديات المذكورة فتهدد اجيال مسيحيينا بالضياع.
إزاء هذه التحديات، نأمل ألا يغدو مسؤولا عنها ايضا، واقع انغلاق كنائسنا في كانتوناتها الادارية واللوجستية والحسابية. فتحصر كل منها جهدها الذاتي في خدمة الاسرار، بدون أن يكون ثمة تنسيق للخدمة الروحية والكتابية على مستوى المواهب المتوفرة في مجموع هذه الكنائس. ولكن كيف نشخص هذه الكنائس؟ هذا ما نراه في المقطع الاتي.

تراكمات بين بطريركيات الشرق الأوسط والتعامل معها في الاغتراب
__________________________________________
لا بدّ من القول، أن ثمة كليشاهات تلصق لكل كنيسة بطريركية تبعا لدولة محددة دون غيرها، مما يجرّ الى التمييزات الاقليمية والانجرارات السياسية. فثمة كتل بطريركية، منها مرتبط بموقع كرسي البطريركي، مثل كرسي بابل على الكلدان، ومنها مرتبط بانتشار خاص في هذه البلاد أو تلك، برغم امتدادات ابناء تلك الكنيسة الى هذه الدولة أو تلك مثل السريان في الشام ولبنان وفي العراق. لكن انحدارها أصبح  لصيقا عموما بمكان تواجد غالبيتها، مثل أبناء الكنائس المشرقية، الكلدان والاشوريين من العراق، على سبيل المثال، ولكنهم منتشرون نسبيا الى الشام ولبنان والاردن ومصر والاردن. أما السريان، فهناك من يقرنهم بالسوريين، برغم تواجدهم الكثيف في بلاد بين النهرين، وخصوصًا قلعتهم السليبة عروس السريان، الحمدانية، قره قوش تلك الارض الخصبة بالدعوات الكهنوتية والرهبانية والعلمانية. ولسريان العراق إلى جانب غيرهم بروز لرجالاتهم الدينية بنحو متألق روحيا، راعويا وعلميا، فهم ايضا متفاعلون مع الكتلة المرتبطة بسوريا، وكذلك مع نسبة سريانية معتبرة في لبنان، من حيث تواجد الكرسي البطريركي واكليريكية الشرفه ذائعة الصيت. وثمة الموارنة، بانحدارهم المعروف من لبنان مع توسعاتهم على مستوى ابرشية في الشام، وفي بلدان الاغتراب نراهم في استقرار مهجري إبداعي ضارب في القدم. وثمة تواجد الملكيين الروم الكاثوليك والارثوذكس، مع الكرسي الجاثاليقي لكل منهم في الشام، مع تواجد اكثر استقلالا وبعدا لدى الاقباط الارثوذكس والكاثوليك في مصر.

لبنان، عمق متفرّد لمسيحيي الشرق الأوسط
___________________________
شاء من شاء وأبى من أبى، فإن لبنان يكاد يحاكي روما الشرق الأوسط، بعراقته المسيحية، بإعلامه المسيحي، بدور نشره، بأدبه، بموسيقاه وألحانه. ولما كان لبنان يتفاعل ايجابيا مع المهجر، فإن مهجر اللبنانيين، متفرد بتأثيره أيضا.
فكيف إذا أسس المهجر اللبناني ابرشيات عريقة في القارة الأمريكية بشمالها وجنوبها، ومنذ النصف الاول من القرن العشرينز فكانت ابرشياته الحاضنة البارزة للمسيحيين الذين لظروف متباينة اصبحت لغتهم الطقسية اللغة العربية. فأصبح الالتحاق بهم من قبل سائر مسيحيي الشرق كالحنين إلى لبنان، فتنساب اللهجة اللبنانية كالشهد على السن المغتربين من ابناء الشرق الاوسط. وقامت الابرشيات وازدهر العديد منها، بتقنيات خبرات تسويقية، وضعت في خدمة الأنجلة منذ عقود. من تلك الخبرات صناعة الفرح وتقاسم موائد المحبة  في ظل الاعياد والمناسبات المسيحية. كل هذا على مستوى مسيحيي الشرق الاوسط الناطقين بالعربية، من أي كنيسة بطريركية كانوا. وحتى الذين لغتهم الطقسية الغالبة هي غير العربية، او كانوا تحت المظلة الرسولية الكاثوليكية او الرسولية الارثوذكسية، كانوا يرتادون الكنائس اللبنانية المارونية، لتلقي الاسرار الكنسية.

أساليب تنمية كنائس المسيحيين الشرقيين المغتربين
________________________________
على المستوى الأرثوذكسي: في لقاء سابق مع حبر من الكنائس الارثوذكسية، أخبر الحبر كاتب السطور ان كنائسهم، عبر الاجيال المهجرية، تنمو من خلال الخدمة لابناء الجاليات الاخرى سواء التي ليس لها كنيسة هناك، او الذين يغادرون كنيستهم لسبب أو لآخر.
أما فيما بعد الحروب المستشرية في العراق ومحيطه، وفي السنوات الاخيرة بسوريا، فإن عددا من الكنائس الشرقية في عموم كندا، لجأت الى مضاعفة نصابها، من خلال هجرة للعراقيين والسوريين.

الهجرة وغياب أولوية المساعي لاحلال السلام العادل في الشرق الاوسط
_____________________________________________
ما سبق ذكره يضع أمام هذه الابرشيات، تحديات التنسيق المشترك في شؤون مختلفة الى جانب الراعوية الروحية والتثقيف المسيحي، بأن تكون صوتا واحدا للمناشدة بأن تقوم الدول الكبرى بدور فاعل لاحلال سلام عادل في المنطقة، بدل قيام تلك الدول باشعال فتيل الصراعات، والتركيز على استقبال المهاجرين وكأنها بريئة من اسباب زرع هذه الصراعات وبيع السلاح لكافة الاطراف المتحاربة، وبالتالي لن يبق أمامها سوى التظاهر بالعجز عن اي دور في احلال السلام.

أحج الى كنيستي الأم لأستظل بقامات كهنوتية صادمدة
__________________________________
وأمام هذه الابرشيات ايضا، تحديات التفاهم المشترك فيما بينها، للانسجام مع توجهات عدة كنائس في العراق وسوريا، بالوقوف مع آخر مسيحي يمكنه البقاء في وطنه. أكتب هذا ليس من باب المبدئيات، بل من قبل شخص يقيم في الخارج، واستعد خلال أيام لامضاء المدة التي تسمح لي بها الظروف أن اقضيها في أحضان الكنيسة الأم لاستظل بقامات كهنوتية وحبرية وشرائح طيبة من المؤمنين، من الذين حملوا طوال السنوات الماضية، ثقل النهار وحرّه في ظروف صعبة غير مسبوقة.

نحو تماسك الكنائس لمساندة الابناء في الوطن
____________________________
أجل أننا نحلم ان تتماسك الكنائس مع بعضها، لمبدأ مساندة الابناء في الوطن، وأن يكون ثمة احترام للاتفاق على مناقبية ان لا تتوخى كنيسة التوسع على حساب الكنيسة الاخرى، ومراعاة المشترك فيما بينها كمصدر غنى، بدون التسبب بإذابته، بل ان تتفاعل مواهب ابناء الكنائس مع بعضهم البعض.

المماحكات الجانبية بين الخورنات المشرقية الكاثوليكية
_________________________________
في كالكري، على سبيل المثال لا الحصر، كانت الكنيسة المارونية، من أولى الكنائس المشرقية التي قامت في المنطقة. وعندما باشرت خورنة كلدانية في الاستقرار في الغرب الكندي، منذ أكثر من ثماني سنوات، لم يخل الموضوع من الحساسيات. خصوصا وأنه لم يدر بخلدنا ولم يخبرنا أحد من الجالية الكلدانية، أن نعد الحساب للرعية المارونية، كمن يتعامل مع رعية شاملة لمسيحيي الشرق الأوسط، وأن يتم التعامل معها من باب التمهيد والاعلام والاستئذان او التنسيق. وتبين فيما بعد أن الراعي آنذاك، قد تعلق بقلب أبوي مرهف بالعائلات الكلدانية التي خدمها  لسنوات، ولا بد ان علاقة وجدانية روحية شدته تجاهها. فبعد ان قام الراعي الماروني آنذاك باستقبال الكاهن الكلداني كزائر، بدأ في التململ، عندما رآه يستقر في المكان كأكثر من زائر. فبدت على السطح انفعالات بالهاتف، خصوصا عندما اقتضى الحال من الكاهن ان يكون توقيت قداسه عصرا، فقال له: ((انك قد خرّبت بيتي..!)) أجابه الكاهن الجديد، بكياسة الضيف الجديد وتفهم الصديق، ان هذا هو التوقيت الذي تم الحصول عليه. ومع الأيام، ومع استقرار الرعية كأمر واقع، تنامت علاقة ايجابية بين الجانبين، مع تعامل الكاهن الكلداني معه ككاهن أقدم وتنامل العلاقة الودية. وفيما بعد أصبحت العلاقة أخوية حميمة مع الراعيين الجديدين في ادمنتون وكالكري، في تعامل متكافئ. وكم كانت سعادة الكاهن الكلداني، ان كلا منهما، تعامل باسلوب الاستئذان وطلب التخويل حيثما اقتضى الحال.
 الى جانب هذا فإن  تلقائية أبناء الكنائس المشرقية، الكلدان، والكنائس غير الكاثوليكية الاخرى، بالتعلق بلغتهم الام، كانت الجواب الكفيل بإذابة تلك الحساسيات، بحكمة القبول بالأمر الواقع، وإنقاذ ما يمكن الاحتفاظ به من الكلدان، من الذين لم تكن اللغة الطقسية لغتهم الأم، بل العربية. غير أن هؤلاء ايضا، بقوا يبدون تعلقهم ومحبتهم للطقس المشرقي، مع احتفاظ التعامل مع الكنيسة المارونية الحاضنة، الى جانب الانسجام الاجتماعي بمعية عموم عوائل الشرق الأوسطية تحت خيمة ما درج احيانا على تسميته بالكنيسة العربية التي جمعتها الصلوات المشتركة بالعربي، الى جانب اللقاءات الاجتماعية على أنواعها. فبرهن الكلدان الناطقين بالعربية او من عرب المنذر بن النعمان، عن انتماء كلداني طيب، وانفتاح كاثوليكي عربي جدير بالتقدير.

العلاقات بين الابرشيات الكاثوليكية ذات الطقوس العربية
___________________________________
أذا كان حلول كاهن كلداني وخورنة كلدانية بهذا الحساسية، قبل حوالي عقد من الزمن، فماذا يا ترى ستكون التوقعات بشأن قيام خورنات تحتفل بطقوسها بالعربية، تحل الواحدة تلو الاخر، إزاء خورنات قديمة كبرت احجامها بعوامل الاسبقية، واستقطاب المهجاجرين؟
يعتقد كاتب السطور أننا أمام ازمة مستفحلة مع استمرار تنفيذ مخطط اخلاء الشرق الاوسط من مسيحييه، وتزايد استقرار المزيد منهم، سواء من خلال المنظمات العالمية، او الكنائس اللاتينية والشرقية.

تنافسات غير مطمئنة ومحيرة للمؤمنين
________________________
هنا نعود الى دور القاصد الرسولي، ودور الشعب المؤمن للتفاعل مع دوره، وذلك بتحسيس الكنيسة الجامعة بمسوؤليتها انها، وهي في مسارها للوحدة الكبرى مع المرجعيات الارثوذكسية، لا بد أن تعي دورها، بانعكاسات واقع الابرشيات المشرقية الكاثوليكية في المهجر. فإذا كان لها في بلدان الشرق الاوسط ما يبررها، فإن الحاجة في بلدان الاغتراب تدعو الى التساؤل أمام واقع متضارب: الابرشيات اللاتينية فيها مطران واحد لأكثر من 80 كاهنا وأكثر من 45 خورنة. أما الكنائس الشرقية، فلكل منها اسقف لبضع كهنة وخورنات بعدد الاصابع وقد تكون بمجموعها، وهي أبرشيات تجمعها الشركة العقائدية مع روما وتجمعها مع بعضها اللغة المشتركة، قد تكون بحجم ابرشية كاثوليكية واحدة في مقاطعة البرتا.
هذه الكنائس، إذا استمر بها الحال على التنافس مع بعضها البعض على ابنائها فيما بينها، فإنها ربما ستفقدهم سواء الى الكنائس غير الكاثوليكية أو الى اللاتينية، أو الى حالة عدم الانتماء الى كنيسة.

الكنيسة المارونية توأم الجذور مع الكنيسة السريانية، وتجمع بين ابنائهما اللغة الطقسية العربية
___________________________________________________________
في نهاية الأمر لا بد من الأذعان أن الكنائس المحتفلة بطقوسها بالعربية شكلت تراكما ثقافيا واجتماعيا لدى المسيحيين الناطقين بها حصريا، بصرف النظر عن الطقوس الاصلية لكنائسهم الكاثوليكية المارونية او السريانية او الملكية. فكيف إذا كانت مشتركة، بين مؤمنين منحدرين من بلدان متجاورة: سوريا ولبنان والعراق، يشتركون باللغة العربية، ولغتهم الطقسية الاصلية هي سريانية وكنيسة جذورهم المشتركة هي الكنيسة الانطاكية. وعلى العموم فإن الكنيسة المارونية ولدت من رحم الكنيسة الانطاكية في الشام الكبير، استقرت وتفردت بلبنان، بسبب ظروف تاريخية معينة. وشقيقتها في الشام مرت بظروف الانفصال عن الشركة الكنسية مع روما، وعندما التحق بالشركة العقائدية مع روما، جانب من كنيسة السريان الأرثوذكس، شاءت الظروف آنذاك، ان تكون جيوسياسا منفصلة عن لبنان، وإلا كان يمكن أن يقال لهم التحقوا بأشقاء لكم في مذهبنا الكاثوليكي، موارنة لبنان... وفيما تراكم ارث الطقس العربي لدى الكنيسة المارونية واتخذ فرادته، وتميزه ونكهته الخاصة، بقيت الكنيسة السريانية الارثوذكسية، تراوح على ما يجمعها طقسيا مع الكنيسة الأرثوذكسية، لكن الوحدة معها، على ما نعتقد، لن تكون بمسار ثنائي موضوعا قريبا المنال، مثل ابتعاد فرص الوحدة بين الكنيستيني الكلدانية والآشورية، بقدر ما يعتقد ان التقارب سيكون في الاولوية بين البطريركيات الارثوذكسية وكرسي روما.

وفي رأي متواضع نقول: الأمل كل الأمل أن يتبلور، خارج المجاملات الدبلوماسية، تفاهم تنسيقي عميق بين الهراركيات البطريركية والابرشية الكاثوليكية، بحيث يغدو كهنتهم، بمثابة العاملين في الحقل الانجيلي الواحد. وأذا تبلورت الصورة أمام الكرسي الرسولي، في واقعها المحتدم في المهجر، قد يكون ثمة توجيه رسولي، بتعاون اكثر مسكونية مما هو، وإلا فإن المؤمنين المنتمين الى مختلف الكنائس العربية الكاثوليكية واعون بما يجمعهم جميعا من قاسم مشترك: مذهبي وطقوسي وثقافي واجتماعي ولغوي ولن يقتنعوا بما يوضع فيما بينهم من جدران ادارية وحسابية، وسوف يراوحون بين هذه الكنيسة العربية الكاثوليكية وتلك ولبواعث ومحفزات متباينة. ومع استمرار هذه المراوحة،  يذوب الانتماء وينصهر المغتربون في الكتلة اللاتينية الأكبر او المحيط اللاديني.