المحرر موضوع: أكراد سوريا والعراق: أزرار بيد أردوغان لإدامة الفوضى  (زيارة 2301 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31492
    • مشاهدة الملف الشخصي
أكراد سوريا والعراق: أزرار بيد أردوغان لإدامة الفوضى
لن يتمكن الأكراد من إيجاد الاستقرار الذي يبحثون عنه سوى عند التخلي عن حلفاء إقليميين يعتمدون سياسة المكيالين في التعامل معهم، والإشارة هنا واضحة إلى تركيا. فالسمة الرئيسية لتعامل أردوغان مع الأكراد هي الخطاب المزدوج، فأكراد العراق أصدقاؤه، وأكراد سوريا أعداؤه كما يعتبر أكراد تركيا مجرمين. وفي الحين الذي ينظر فيه البعض إلى هذا السلوك على أنه براغماتية سياسية معقولة لضمان المصالح، إلا أن العديد من الآراء تنظر إلى أنه سلوك داعم لعدم الاستقرار في كامل المنطقة.
العرب [نُشر في 03/05/2016، ]


حيرة أكراد سوريا؛ من سيقاتلون
أربيل (العراق) – قرر مسعود البارزاني بداية من الـ22 من إبريل الماضي فتح مستشفيات إقليم كردستان العراق لجرحى أحداث الأيام الماضية في مدينة قاميشلو في مناطق التكثف الكردية في سوريا، ممن أصيبوا خلال الاشتباكات التي جرت بين القوات الأمنية الكردية وقوات الجيش السوري. ويعد هذا الخبر لدى المتابعين خطوة إضافية في اتجاه فتح الحوار بين إقليم كردستان ومجموعات الأكراد في الغرب (أي شمال سوريا)، ومن المعروف عن الجماعتين أنهما على غير تفاهم وفي صراع طويل رغم الانتماء الكردي المشترك.
أعاد خبر فتح المستشفيات في إقليم كردستان العراق أمام الجرحى الأكراد السوريين أسئلة متعلقة بدور تركيا الإقليمي الذي يسعى إلى التحكم في علاقات طرفي الامتداد الكردي حسب ما تريده سياسة أردوغان الإقليمية، فالهدف النهائي هو دق إسفين الصراع بين الطرفين حتى يتسنى ضرب أكراد تركيا بسهولة وخنق أكراد سوريا ودعم أكراد العراق.

ضرب السوريين بالعراقيين
وضع حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يحكم تركيا إستراتيجية للتعاطي مع الشأن الكردي في العراق قال مراقبون إن الهدف من خلالها هو السيطرة على الإقليم بتكثيف ربط الخيوط والارتباط بين الإقليم والسلطات في تركيا حتى تصبح تلك المنطقة “الحديقة الخلفية للأتراك في العراق وباقي المنطقة العربية”، ربما قد تقود إلى تنسيق وتعاون بين الجانبين في خصوص الحرب التي تخوضها تركيا ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في تركيا والتي تدور جبهاتها خاصة في جنوب تركيا بمحاذاة منطقة ديار بكر.

الارتباط الوثيق الذي يهدف إليه أردوغان مع مسعود البارزاني سوف يحدد جملة العلاقات التي تربط أكراد العراق بأكراد سوريا، وهي علاقات من أساسها مضطربة وتتسم بالعداء المتبادل، خاصة وأن إعلان الأكراد في سوريا عن أن منطقتهم فيدرالية كردية قد جوبه بالرفض من قبل أكراد العراق وكان ذلك مبينا بغلق الحدود تماما في وجه السوريين من جهة العراق.


عبد الكريم ساروخان: تركيا تريد حصارنا بأكراد العراق عبر غلق المعابر بيننا وبين أكراد العراق
ومنذ الـ10 من إبريل الماضي، شرعت الخطوط الجوية التركية في إنشاء رحلات من مطار ديار بكر إلى إربيل لتثبيت المبادلات التجارية والاجتماعية بين الجانبين لضمان الارتباط بينهما، وأكد عبدالكريم ساروخان رئيس الإدارة الذاتية للأكراد في شمال شرق سوريا أن هذه الخطة هدفها خنق أكراد سوريا وتعريضهم لخطر الإرهابيين (داعش والنصرة) وأيضا لخطر هجمات النظام السوري الذي اشتبك مع الأكراد مؤخرا في منطقة قاميشلو شمال شرق البلاد.

وبالفعل، فقد وجهت حكومة كردستان العراق ضربة مؤثرة للمناطق التي يسيطر عليها أكراد بشمال سوريا بإبقاء الحدود مغلقة لأكثر من شهر في إجراء يمثل انتكاسة سياسية للمنطقة السورية التي تسعى لتوسيع نطاق إدارتها الذاتية. وتعتقد الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا أنها مستهدفة من قبل حكومة إقليم كردستان العراق بالتنسيق مع تركيا “التي تشعر بقلق عميق من المكاسب التي يحققها الأكراد داخل سوريا”، حسب ساروخان.

وكشفت هذه الخطوة عن خلافات كردية عبر الحدود وكيف يمكن لها أن تعطل الطموحات السياسية لأكراد سوريا، فقد اتخذ أكراد العراق هذا القرار في نفس الأسبوع الذي أعلن فيه أكراد سوريا وحلفاؤهم خططا لوضع نظام جديد لحكومة تتمتع باستقلال في شمال سوريا.

وأكد ساروخان في السياق ذاته أن “السلطات في كردستان العراق لم تقدم سببا لصدور القرار بينما المعبر مغلق منذ 16 مارس/ آذار الماضي”. وأغلق المعبر بينما التقت جماعات من أكراد سوريا وآخرون سعيا لتحسين خطط لتعزيز إدارتهم الذاتية في شمال سوريا من خلال إنشاء اتحاد جديد للمناطق التي تتمتع بالحكم الذاتي، وتعرف هذه المنطقة باللغة الكردية باسم “روجافا”. وقال ساروخان “في ما بعد اتضح أن المسألة هدفها فرض حصار على مقاطعات روجافا بشكل كامل بناء على معلومات وصلتنا من قبل إقليم كردستان مع الحكومة التركية”.

داعش مطرقة تركيا
بالرغم من ورود العديد من التقارير حول مشاركة القوات التركية في الحرب الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، إلا أن وجهات النظر تختلف في هذا الإطار حول نية الأتراك الحقيقية في قتال داعش أم في محاولة القضاء على أكراد سوريا الذين يشكلون حزاما داعما لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل داخل الأراضي الكردية والملاحق في شمال العراق.

يؤكد عصمت أكتشه، أستاذ العلوم السياسية والخبير العسكري في جامعة يلدز التقنية في اسطنبول أن تكثيف الضباط العسكريين وعناصر المخابرات التركية في مناطق التماس مع سوريا “يهدف بالأساس إلى التحكم في توجيه المعارك بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وأكراد سوريا، وذلك في سياق تسهيل مرور المقاتلين والسلاح إلى داعش على حساب الجانب الكردي، وكل ذلك بسبب خوف الأتراك من إقامة دولة للأكراد في سوريا”.


أنقرة لا تريد أي تقارب بين الأكراد في سوريا والعراق
النقاش حول هذا الطرح لا يكمن في كيفية الدعم التركي لداعش، إذ يمكن أن يكون بطرق عديدة. لكن إدارة الأتراك للمعارك بين الجانب الكردي وداعش يرتكز على آلية خلق توازن بين القوتين لضمان وجود أكراد ضد النظام السوري أولا والإبقاء على داعش لضمان عدم تغول الأكراد السوريين وتحولهم إلى دولة من جانب آخر، “فإذا حصل أكراد سوريا على منطقة جغرافية واسعة تكون بمثابة إقليم مستقل، فسيكون ذلك الإقليم قاعدة لإعادة انتشار عناصر البي كي كي (حزب العمال الكردستاني) التي تقاتل الأتراك منذ زمن”، حسب أكتشه. وبذلك فإن استنتاج العديد من المتابعين للشأن السوري يؤكد أن التعامل المزدوج بين الأتراك والأكراد في كل من العراق وسوريا يمثل تنظيم الدولة الإسلامية أحد أهم محاوره التي يدور حولها رجب طيب أردوغان.

طبيعة الخلاف
أورد موقع نقاش الذي ينشر تقارير عن الوضع في العراق أنه رغم قتال مجموعة من البيشمركة مع الأكراد في معركة عين العرب كوباني (والتي أزعجت الأتراك بشكل أو بآخر) فإن الخلافات الشديدة سوف لن تحل بسهولة، حسب الموقع.

فقد هيمن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا القريب من حزب العمال الكردستاني على المفاصل الإدارية والأمنية في المناطق الكردية السورية وهو يخوض صراعا عنيفا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني المهيمن على معظم المفاصل الحساسة في إقليم كردستان العراق.

وكانت قوات البيشمركة في إقليم كردستان قد وصلت للمرة الأولى عام 2014 عبر تركيا وأمر من البارزاني إلى مدينة كوباني في “كردستان سوريا” التي كانت محاصرة من قبل مسلحي داعش. وقد عززت تلك الخطوة آنذاك العلاقات بين الجانبين، ولكن سرعان ما انتهى شهر العسل بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي بخلافات.

ويأمل علي عوني العضو القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن تكون خطوة بارزاني هذه المرة ممهدة لتطبيع العلاقات بين الجانبين. وقال إن “ما قام به بارزاني موقف أخلاقي لمساعدة كردستان سوريا ولكن حزب العمال الكردستاني مستمر في استفزازاته وهجومه الإعلامي ولا يأخذ قرار بارزاني في الاعتبار”. وأقر عوني ببعد المدى بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني وأضاف أن “أجنداتنا مع حزب العمال مختلفة، فنحن نريد إقامة دولة كردية وهم لا يؤمنون بها ويعادون الأحزاب السياسية القريبة منا في غرب كردستان”.

المحاولات التركية لتحويل الامتداد الكردي إلى جبهة للصراع قد تؤدي إلى انفصال مزدوج لا يخدم العرب والأكراد
ويكمن جوهر الخلافات في الهيمنة على كردستان سوريا، فالحزب الديمقراطي يتهم حزب الاتحاد الديمقراطي بإبعاد الأطراف السياسية القريبة منه فيما يتهم حزب الاتحاد الديمقراطي الحزب الديمقراطي بتنفيذ سياسات تركيا ضده وفرض حصار على ذلك الجزء من كردستان عن طريق غلق المعبر الوحيد بينهما وهو معبر سيمالكا.

وتوجد ضمن حدود كردستان سوريا جبهتان سياسيتان مختلفتان انقسمتا على قطبي الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي: الجبهة الأولى عبارة عن “المجلس الوطني الكردي في سوريا” التي تتكون من ثلاثة عشر حزبا وهي قريبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، أما الجبهة الثانية فهي “حركة المجتمع الديمقراطي” التي تتكون من عدة أحزاب ويهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.

ومنذ 2011 تم توقيع ثلاث اتفاقيات مختلفة بين الجبهتين في إقليم كردستان العراق برعاية بارزاني لإنهاء الخلافات بينهما من دون أن تطبق نقاط أي منها وأهمها فتح معبر للعلاقات بين الإقليمين وعملية تقاسم السلطات في كردستان سوريا من خلال كانتونات الإدارة الذاتية التي تشكلت في المدن.

وقلل شيرزاد يزيدي ممثل كانتونات غرب كردستان في إقليم كردستان الذي يقيم في مدينة السليمانية من شأن قرار بارزاني للتقريب بين الطرفين وقال “يتذكر بارزاني الآن فتح الحدود أمام مواطني غرب كردستان حيث استخدم إغلاقها كورقة ضغط ضدهم لإرضاء تركيا، لا توجد منة فيما قام به”.

ولئن كانت محاولات الأكراد للانفصال عن الكيانات العربية في سوريا والعراق أمرا محكوما بالفشل لأنه مناقض لطبيعة المنطقة تاريخيا، فإن المحاولات التركية الدائمة في تحويل الامتداد الكردي بين سوريا والعراق إلى جبهة للصراع قد تؤدي إلى انفصال مزدوج لا يخدم الأطراف العربية ولا الكردية، فالانفصال يمثل هاجسا لكل الشرق الأوسط عليه أن لا يتحقق.