المحرر موضوع: هل تتحمل بغداد تبعات سياساتها؟  (زيارة 669 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صبحي ساله يي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 405
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل تتحمل بغداد تبعات سياساتها؟
صبحي ساله يى
من يتابع المشكلات والأزمات المثيرة للجدل بين إقليم كوردستان وبغداد، يرى أنها مصطنعة من فراغ، ولم تأت لأسباب موضوعية أو جوهرية تتعلق بأمن الدولة أو سلامة البلاد، ويتأكد أنها جميعا نابعة من داخل منظومات متشابهة تقرر إتخاذ المواقف الخاطئة المفاجئة كي تثير الدهشة وتغيظ الأصدقاء وتفرح الأعداء. منظومات تسيطر على غالبية مقاعد البرلمان العراقي ومراكز القرار والساحة الاعلامية، وتتفنن في خلق المشكلات الفريدة وغير المسبوقة بين طرفين أقل ما يقال عنهما إنهما كانا بالأمس القريب شريكين، ويلاحظ أن ردود أفعال الكورد، العاطفية أو المنطقية، على سلوك وتصرفات هؤلاء، تفصح بصراحة متناهية عن منطلقات سياسية وإستراتيجية تترجم ما ذكر في الدستور العراقي الدائم، كما تفند إدعاءاتهم وتدافع عن مصالحهم وتوجهاتهم، وما تمليه عليهم المواقف الخطيرة التي إن لم يتتم السيطرة عليها ومنعها، ربما, ستكون لها تداعيات مستقبلية وتتحول إلى كارثية ومدمرة.
ما يمكن فهمه من الأزمات وأسبابها والأهداف الرئيسة من خلقها، هو استمرار بغداد في إدارتها وانتظار حدوث تقلبات داخلية في الاقليم أو في البيئة الإقليمية والدولية، وفي المقابل يرى المتابع أن الإقليم يركز على أهداف دستورية وقانونية ويطور علاقاته الايجابية مع الأطراف والأحزاب السياسية جميعها، ويراه قد درج على إتخاذ مواقف وسياسات عقلانية تتيحها له الظروف الذاتية والموضوعية، ومن هنا يبرز أمام هذه الأوضاع سؤال جوهري من الضروري أن يتم التوقف عنده والإجابة عنه بكل صراحة وموضوعية: في الواقع السياسي الحالي، هل تتحمل بغداد تبعات سياساتها تجاه الكورد وتداعيات الأوضاع الحالية والمستقبلية؟
في العالم المتحضر، لا نجد عاصمة تمارس سياسات من هذا القبيل، فالعواصم جميعها تحرص على أن تكون سياساتها متوازنة مع تصرفاتها وتراعي الاعتبارات التي تتعلق بإمكانياتها، وتحسب ألف حساب لحجم وإمكانات مكونات بلدانها، وترسم سياساتها وفق معايير ومناهج الربح والخسارة والمصالح والمخاطر، ولكن هذا الأمر يصعب قياسه في الحالة العراقية المحتقنة، لأن الذين أمسكوا (في الماضي) ويمسكون (حالياً) زمام الأمور يتجاهلون الحكمة والمنطق، والنتيجة مناكفات وجدال ومزايدات وشعارات وضرر بالعباد و البلاد و حتى المبادرات التي تطلق لمعالجة الأزمات وتروج لها، شكل بعضها مغلف بغلاف قد يسر السامعين ولكن مضامين غالبيتها ملغمة وتتضمن نقاطاً تتناغم مع تحفيزات وتسهيلات تحرض على الفتن وتقع في دائرة الفكر المخالف لقواعد السلوك وإثارة علامات الريبة والشك بشأن الدوافع الحقيقية لهذه المبادرات.. وهؤلاء المتجاهلون للحكمة ما زالوا يسبحون ضد التيار ظناً منهم إنهم لايغرقون، إلا إذا غرق الجميع قبلهم، ويحاولون الإبحار في قلب الأمواج والتحديات، رغبة منهم في الوصول إلى البر الآمن والشاطئ المستقر الذي يريدونه، ولايعرفون أن محاولة السباحة ضد القوانين والاعراف والقيم تقود المحاول إلى العواقب السيئة والنتائج الفادحة.
هؤلاء يحاولون خوض غمار السياسة بلا دراية ويركزون على مكاسبهم الشخصية والحزبية والطائفية والقومية ولا يقرون بالخسارة في كل ما ينتهجونه من سياسات. ولا يريدون الكورد شريكاً، لأنهم لايعرفون أن سلامة الكورد وسلامة توجاهاتهم وتصرفاتهم سلامة لهم. لذلك من الضروري أن يختار الكوردستانيون ((الصحيح)) هذه المرة، ويوظفوا الوقت الصحيح للتحرك في دائرة معرفية معنية ويفرقوا بين الإستراتيجية والتكتيك، وبين الثوابت والمتغيرات، ويأخذوا العبرة من أخطاء وتجارب الماضي البعيد والقريب...