المحرر موضوع: اللاجئون في فنلندا مرة أخرى .. أين أختفى الآلاَف من اللاجئين العراقيين في فنلندا ؟!  (زيارة 1070 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف أبو الفوز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 680
    • مشاهدة الملف الشخصي
اللاجئون في فنلندا مرة أخرى ..
أين أختفى الآلاَف من اللاجئين العراقيين في فنلندا ؟!

يوسف أبو الفوز
مؤخرا صدرت العديد من القرارات عن الجهات الفنلندية الرسمية المعنية بشؤون اللاجئين، وصاحب ذلك العديد من الأخبار والتقارير الصحفية، عن عموم أزمة اللاجئين في فنلندا وأوربا، وسبب البعض من هذه الأخبار لغطاً وأثار العديد من التساؤلات وأيضا بعض المخاوف، سواء عند السلطات الرسمية الفنلندية أو مواطني البلد. أبرز الأخبار هو أعلان مصادر في وزارة الداخلية الفنلندية عن إختفاء أكثر من ألفين وأربع مئة عراقي من مراكز إستقبال اللاجئين. هذا الخبر أثار الكثير من ردود الفعل المتباينة. أين تبخر كل هؤلاء  الهاربين من الفتنة الطائفية في بلادهم ؟!
من المعروف أن البرلمان الفنلندي، هو من يقررعادة عدد اللاجئين الذين سيتم استقبالهم في البلاد، وفقا لإمكانيات ميزانية الدولة، وبعد التنسيق ما بين الدوائر الفنلندية المعنية بشؤون اللاجئين مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). وهكذا ومنذ عام 2001، كان حصة فنلندا من اللاجئين 750 لاجىء سنويا. ويمكن للبرلمان ان يقرر قبول حصص أضافية في ظروف معينة، فتمت زيادة عدد اللاجئين، على سبيل المثال، في عام 2014 و 2015 بسبب الوضع المتأزم في سوريا، وتمت الموافقة على قبول 1050 لاجئ ضمن الحصص المقررة لبقية دول الاتحاد الاوربي. وفي موجة الهجرة التي أجتاحت أوربا مؤخرا، وحسب أخر المعلومات عن دائرة الهجره الفنلندية فأن عدد اللاجئين الذين وصلوا فنلندا، بلغ اكثر من 32 الف لاجيء، منهم اكثر من 22 الف لاجىء فقط من العراق. وواجهت فنلندا بسبب ذلك أزمة حقيقية، اقتصادية وسياسية واجتماعية. فالحكومة الجديدة، المشكلة من احزاب اليمين والوسط، التي جاءت بعد انتخابات نيسان 2015 وصلت الى الحكم وهي تحمل ورقة اصلاح تعتمد سياسة التقشف نتيجة الازمة الاقتصادية التي اطاحت بالحكومة السابقة. لم تكن فنلندا متهيئة لهذا الوضع الطاريء، فهي على سبيل المثال كانت تملك، وحسب تصريح وزير الداخلية في حينه، فقط 25 مركزا لاستقبال وايواء اللاجئين، ووجدت نفسها فجأة مضطرة لتفتح، وبالتنسيق مع منظمة الصليب الاحمر الفنلندي، اكثر من مركز استقبال في كل مدينة تقريبا، فحولت لاجل ذلك مستشفيات ومدارس متروكة الى مراكز استقبال، ولاجل تسيير امورها وظفت جيشا من المحققين والمراقبين والمترجمين، بحيث صارت البلاد تعاني من شحة العاملين في هذا المجال فعمدت ولسد النقص بتوظيف حتى من لا يحمل كفاءة كافية في هذه المجالات. ان حجم التكلفة الاقتصادية لم يكن هينا، على حكومة تعاني اساسا من شحة في الموارد، وتواجه سلسلة احتجاجات واضرابات من قبل النقابات والمنظمات بسبب سياسة التقشف التي تتبعها. ففي شهر ايار المنصرم، اقترحت الحكومة زيادة في الميزانية بمبلغ 230 مليون يورو فقط لتغطية تكاليف الهجرة وستخصص الاموال لمراكز الاستقبال وتحسين عملية التكامل ودعم الاسكان وسوق العمل .
ان مجمل الاوضاع، فيما يتعلق باللاجئين، اثارت اطرافا في الحكومة الفنلندية وخارجها، خصوصا من التي تتبنى أساسا سياسة معادية للهجرة والاجانب، فصارت تلقي باللوم على اللاجئين والمهاجرين وتحملهم اسباب الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، واستغلوا لاجل ذلك العديد من المخالفات وحوادث وجرائم التحرش الجنسي والاغتصاب، التي قام واتهم بها لاجئون اومهاجرون، فشنت الصحف اليمينية حملة صحفية ساهمت في رفع روح العداء للاجانب واللاجئين بين صفوف الجماعات اليمينية والعنصرية والفاشية، واثرت على الرأي العام بشكل مختلف، واثارت الكثير من اللغط والتساؤلات، رغم النشاطات والفعاليات التي تنظمها الاحزاب اليسارية والمنظمات المعادية للعنصرية لأجل فضح سياسة الحكومة اليمينية والجمعيات التي تساندها، خصوصا جمعيات النازية الجديدة التي رفعت رأسها وصارت تتستر بأثواب وطنية وقومية.
أن سياسة الحكومة الفنلندية اليمينية الحالية، في التعامل مع ازمة اللاجئين، مرتبط ايضا بسياسة الاتحاد الاوربي، ولهذا نجدها قامت بالعديد من الاجراءات لاجل التخلص من اعداد ليست قليلة من اللاجئين، فتم رفض قبول ممن ثبت ان لديهم بصمة في دول اوربية اخرى، وتمت اعادة اعداد منهم الى ذلك البلد وفقا للاتفاقات داخل الاتحاد الاوربي. ايضا سهلت الحكومة الفنلندية، وعلى نفقتها، العودة الطوعية للآلاف من اللاجئين العراقيين ممن يرغبون في العودة الى بلادهم، فألغت طلبات لجوئهم ووفرت لهم رحلات جوية مباشرة الى بغداد. ان الغالبية من هؤلاء اللاجئين العائدين طوعيا بينوا انهم يريدون العودة الى العراق لاسباب عائلية، لكن اخرين اعربوا عن خيبة املهم بكون اجراءات اللجوء تبدو طويلة ومعاملات لم الشمل وجلب عوائلهم تأخذ وقتا خارج توقعاتهم وكان ذلك خلاف ما قيل لهم من قبل المهربين . ويبدو ان الجهات الرسمية الفنلندية واستنادا الى ان اعدادا كبيرة من العائدين طوعيا الى العراق، اعربوا عند قدومهم عن تعرضهم لتهديد جاد يمس حياتهم وعوائلهم كأسباب لطلب اللجوء، ثم عادوا وسحبوا طلبات لجوئهم مبينين انهم يمكنهم التعايش مع هذه التهديدات، فعمدت مؤخرا الجهات الرسمية الفنلندية، الى اعتبار العراق، ومثل ذلك الصومال وافغانستان، بلدانا أمنة، وقام البرلمان الفنلندي بالتصويت على الغاء حق اللجوء الانساني، وصارت الجهات الفنلندية تمنح اللجوء لاسباب سياسية فقط وتبعا لمعايير مشددة. المفارقة، كما تشير مصادر مطلعة، ان البعثيين والصداميين، او من يدعي ذلك، صاروا ينتفعون من ذلك فحصل الكثير منهم على اللجوء السياسي وفقا لقانون الحماية الدولية. مما اثار المخاوف بين ابناء الجالية العراقية والاسلامية عموما، من كون التكفيريون يمكنهم ان يستفيدوا من ذلك وينالوا حق اللجوء بأدعاء مناصرتهم لنظام صدام حسين وكونهم مضطهدين من الحكومة العراقية الحالية.
واذ أعلنت الجهات الفنلندية المسؤولة عن إختفاء الآلاف من اللاجئين العراقيين وتبخرهم راحت تتصاعد الاصوات المتاسائلة عن حجم الخطر الأمني الذي سيسببه هذا العدد من اللاجئين الذين لا يملكون حق الاقامة في البلد ، في حال بقائهم في فنلندا، فهذا يعني انهم سيعيشون بشكل غير قانوني وكل افعالهم ستكون غير قانونية. ان المتابعين لشؤون اللاجئين، من باحثين ومراقبين، يتوقعون انه ربما هناك اعدادا قليلة جدا من هؤلاء سيبقون في فنلندا، وان الغالبية منهم تسربوا بالفعل الى بلدان اخرى مثل المانيا، او انهم عبروا الحدود في طريقهم الى بلدان خارج الاتحاد الاوربي مثل استراليا وكندا، ولهذا لا يشكل أختفاؤهم خطرا أمنيا على البلاد ، بقدر ما هو خطوة اخرى من اللاجئين في رحلتهم للبحث عن سقف أمن تحت سماء اخرى.