نعلم جميعاً بأننا نحن المسيحيين عشنا كأخوة متحابين لأجيال عديدة، يفرح أحدنا لفرح الآخر ويحزن لحزنه. هذه المشاعر النبيلة التي توارثناها اصبحت جزءاً متأصلاً منّا وفينا بحيث تعددت الزيجات بين مايسمى اليوم بالكلدان والسريان والآشوريين وأختلطت دماءَهم ببعضها البعض، وهذا ليس بغريب لأنهم اخوة قبل ان تفرقهم المصالح الشخصية والسياسية والأختلافات الدينية والقومية.
والملاحظ اليوم كثرة الكتابات التي تطال هذا الطرف أو ذاك، هذه الكنيسة أو تلك، وأصبح البعض يتطاول حتى على عقيدة ولاهوت الكنائس الأخرى منطلقين من نظرة فئوية (قومية) ضيقة معتبرين كل مايؤمنون به هو صحيح لاغبار عليه بينما الآخرون على باطل، رغم محدودية إدراكهم لمثل هذه الأمور التي لاتدخل في مجال إختصاصهم !
والغريب في الأمر، أن رجال ديننا الأفاضل، ورغم الظروف المأساوية الصعبة التي يمر بها شعبنا، لم يقوموا بمحاولات جدية لزرع المحبة بين الأخوة عن طريق إقامة صلوات مشتركة في كنائسنا جميعا وبالتناوب ، بل على العكس من ذلك إنساقوا وراء دعاة القومية مما تسبب في تشجيع فئات قليلة متعصبة دينيا وقوميا على زيادة التباعد وقتل الروح الأخوية الجميلة التي بناها الآباء والأجداد وسقتها دماء الشهداء دفاعا عن الدين والوجود.
لقد وصلنا الى مرحلة ينطبق فيها علينا المثل الذي يقول (إتفق العرب على أن لايتفقوا)، حيث الثقة شبه معدومة بين جميع الأطراف، وكل طرف يصر على موقفه إنْ كان على خطأ أو صواب، ولستُ أدري لماذا؟
هل هو العناد مثلاً؟ أم الأنانية؟ أم إنه الجهل، رغم تباهينا بتاريخنا وثقافتنا ومصادرنا؟
بالنتيجة، كلنا مخطئون وفاشلون، والدليل إننا لم نتفق حتى على الحد الأدنى الذي يحفظ لنا استمراريتنا على ما نسميها بأرض الآباء والأجداد.
فلماذا يتباهى البعض، وبماذا يتباهون بعد أن ضاع كل شيء أو هو في طريقه الى الضياع ؟ حيث لايوجد أحد أفضل من الآخر.
ولكننا نرجع فنقول لم يعد لدينا مانخسره، فلماذا لانتكاتف معاََ للحفاظ على ماتبقى لنا والبناء عليه؟ ليس بفتح اسطوانات قديمة والتباهي بتاريخ وأصل كل فئة والتغني بأمجاد الماضي لكي لانكون خياليين ونبني قصورا في الهواء.
لو أردنا أن نحقق مانصبوا إليه، علينا أن نكون واقعيين من خلال:
١- نبذ العنصرية القومية والدينية.
٢- إحترام مشاعر الآخر وإختياراته.
٣- تشجيع نشر ثقافة الأخوة بين الجميع.
٤- قطع الطريق أمام من يحاول زرع خصومات بين أبناء شعبنا ولأي سبب كان.
٥- التفكير من الآن بإيجاد آلية عمل مشتركة تتماشى مع التطورات الأخيرة ومرحلة مابعد التحرير وعودة المهجرين الى مناطقهم.
٦- وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
جاك يوسف طليا الهوزي