المحرر موضوع: الأبجدية في مراحلها التاريخية 8 الجزء الثامن  (زيارة 1411 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأبجدية في مراحلها التاريخية 8 
الجزء الثامن
بقلم: ميخائيل ممو
ان حياة الإنسان في عالمنا المتحضر بمرتكزات آليات التقنيات الحديثة يعتمد اللغة في كافة العلوم والمعارف ومناحي الحياة في ديناميكيتها  بالحركة والنشاط والحيوية بما يشهده العالم ، فاللغة هي مصدر ما توصل اليه الإنسان بتطورها المرحلي المتعاقب منذ الاف السنسن، لحد ما بلغ مجموعها ما يزيد عن الستة آلاف لغة متفاوتة بين ثنايا شعوب العالم التي ترادفت في المعنى الإنساني وإختلفت لفظاً في تسمياتها. وهذه دلالة على تواصلها ما بين الماضي والحاضر ولما يخفيه المستقبل بين الأجيال المتوالية. لذا فإن الحاضر اللغوي ـ شئنا أم أبينا ـ ورثناه عن الماضي، مستمداً من اللغة الصورية فالعهد السومري والقبطي، فالمسمارية الآشورية والأوغاريتية المسمارية المتطورة في اللاذقية المدعمة والمؤكدة بثلاثين حرفاً مستقلاً، إضافة لمن إعتمد المسمارية في تلك الفترة، كالعيلاميين في المناطق الجبلية من آسيا الصغرى والحيثيين الذين هم مجموعة من القبائل ومن ثم الفينيقية (22 حرفاً) إلى ما بين القرنين العاشر والحادي عشر،  فالآرامية المستمدة من الفينيقية،  والعربية أيضاً (22 حرفاً) التي أضيف لها ستة حروف نطقية مناسبة لأصوات الألفاظ المختلفة التي هي (ثخذ ضظغ)، وكما هي مرتبة حسب الترتيب الأبجدي في الآشورية / السريانية أي أبجد هوز حطي الخ.. وباقي الساميات (حسبما تصنف وتسمية النمساوي شلوتزر عام 1871) لتلحق بعد "قرشت" ستة حروف إضافية ليصبح عدد الحروف العربية 28 حرفاً.. علماً بأن أصوات اربعة حروف منها ما عدا (ضظ) لا وجود لها في الآشورية أو المصطلح السرياني ، حيث أن الحروف الأربعة الباقية اعتمدت في الآشورية كلواحق للأبجدية المسماة بالروادف مثلما في العربية بفعل تأثير حالات ورودها في المفردة من حيث السكون والتشديد وقواعد أخرى، وذلك بوضع وإضافة نقطة تحت الحروف المركبة في كلمة " بگدكپت (ܒܓܕܟܦܬ) أي الباء والـ (گ) الجيم المصرية والدال والكاف والـ (پp ) والتاء،  لتلفظ ( ڤ = و أو v ، غ ، ذ ، خ ، ف ، ث)، وحين تشذ عن ذلك توضع نقطة فوقها لتلفظ كما هي وتسمى بالمقشاة أي نطقها الإعتيادي. علماً بأن العربية تفتقر الى حرف (p)  الموجود في الآشورية أو السريانية المرادفة للآشورية ليتم تعويضه بالشكل التالي (ݒ)، وإفتقار الآشورية لحرف الفاء في الأبجدية الأصلية المستعملة اليوم ليعوض بوضع نصف قوس مصغر أو الشبيه بالهلال تحت ( ܦp =  ) بالشكل التالي: (ܦ̮). وفي الخط المعروف بالسرياني الغربي المستحدث عن الاسطرنجيلي يتم تعويض القوس بنقطة فوق الـ (ܦܿ) لتلفظ بصوت الفاء. وزيادة على ذلك تضاف في الآشورية أيضاً علامة (  ̰ ) تحت (گ ܓ) باللفظ المصري ليطابق صوت الجيم "ج" وتسمى تلك العلامة الرمزية بـ "المجليانا"، وبنفس العملية مع الكاف (ܟـ الأولية والمتوسطة و ܟ الآخرية) لتدل على صوت (ch)  الإنكليزي كما في (Church) الذي تفتقره العربية. وذات العلامة فوق الزاي والشين ( ܙ ، ܫ ) لتدل على صوت (Usual)  (television) إضافة لصوت حرف (v) الإنكليزي بوضع نقطة تحت الباء الآشورية (ܒܼ) لإعتماد ذات الصوت  الذي تفتقر الية العربية أيضاً ليتم تعويضه بالشكل التالي (ڤ)،  بالرغم من قلة المفردات المطابقة لأصوات الحروف الثلاثة لكون أغلبها من الدخيلة، وللضرورة فقد تم إضافتها لتتناسب مع الكلمات الدخيلة في الآشورية بحكم المعايشة الزمنية المتواصلة وروابط الجوارفي حدود ذات المناطق الإقليمية.
إن مسألة التطور اللغوي مسألة حتمية تمليها عوامل الحاجة للإفصاح عما هو عليه، ولكي نؤكد ذلك طالما نكتب بالعربية نورد هنا ما اعتمدته اللغة الآشورية بإستعمال النقاط كما أشرنا أليها، حيث أن طابع الحركات في الخط العربي إعتمده أبو الأسود الدؤلي بشكل نقاط للتمييز بين الرفع والنصب والمجرور، حين وضع نقطة تحت آخر حرف بمثابة الكسرة ، والنقطة إلى جانب الحرف للدلالة على الرفع، ونقطة فوق الحرف للدلالة على بمثابة الفتحة. وبعدها جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ صاحب الأوزان الشعرية ـ بالتطور الحاسم حين استبدل النقاط بعلامات مألوفة اليوم وهي الفتحة والضمة والكسرة، ليزيد علامات أخرى منها السكون والمدة والشدة وهمزة الوصل والقطع. والهدف من ذلك التطوير اللغوي من حيث الكتابة الصحيحة والنطق الصحيح، كما تم فعله لدى الآشوريين في الخط الشرقي بإستعمال النقاط  وإستعارة الخط الغربي من الحركات اليونانية الشبيهة نوعا ما بالعربية ولحد يومنا الحالي.
أحيانأً تلعب الظروف المناخية الجغرافية  دورها في تطبع الأوتار الصوتية على نطق بعض الحروف التي تشكل كلمة ما، ولا يتسنى لشعب ما من نطقها بشكلها الصحيح كما هو الحال للأجنبي مثلاً في صعوبة تواصله من حرف القاف والحاء بالعربية مثلاً حين يلفظ الحاء بالهاء والقاف بالكاف، علماً بأن مصدر الحاء من وسط الحلق، والهاء من أقصى الحلق. وليس من المستغرب أن نجد هذه الحالة بين أطياف شعب واحد يتحدث وينطق بجذور ذات اللغة وتتفاوت لديه نطق ذات الحروف، ومنها ما يخص حرف الحاء لدي الآشوريين أيضاً كأقرب مثال، حيث تجد سكنة بعض القرى في شمال العراق وسوريا وتركيا ينطقون الحاء كما هو في العربية من وسط الحلق، بينما تجد لدى بني آشور قاطبة ينطقونه بالخاء، إلا الذين نزحوا الى المدن أو الذين تتلمذوا على دراسة العربية وإتقانها، مستثنياً منهم من تعلق واحتفظ بلغته الآشورية الأصيلة لإفتقارها من حرف الحاء، وعدم ورود أي كلمة تشكل فيها حرف الحاء في أحاديثهم اليومية ليضطروا على نطقه بالهاء. ومن جراء ذلك نجد هكذا إشكالات لغوية يستصعب فرز المعنى المقصود في الحديث، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما بين اللفظ الشرقي حين يقال "لخما" بمعنى الخبز واللفظ الغربي الذي يقال له لحما أو لحمو التي يظنها الشرقي بمعنى اللحم. أو في كلمة "خمرا" الذي يعنى بها النبيذ، لتنطق "حمرا أو حمرو" ليفهمها الطرف الأول بأن معناها اللون الأحمر وهناك الكثير من المفردات على هذا المنوال. ما أشرت اليه ليس فقط من باب النطق اللغوي المتعارف عليه لدى اللغويين الذين لديهم معرفة باللهجتين، وإنما الذين لا معرفة لهم، مؤكداً ذلك من خلال معاشرتي حين أسأل (بضم الألف الأولى وفتح الثانية) من زملاء لي ماذا يعنى بذلك؟ وهنا لا استثني نفسي حين كنت أقدم برنامجاً تلفزيونيا في منتصف السبعينات من تلفزيون بغداد باللغة الآشورية حين صادف مهرجان أفرام ـ حنين، بإستضافة اللغوي المرحوم ابروهوم نورو حين قال سأتحدث بلغتي الأم الخاصة ويعني بذلك قلب الف الإطلاق إلى الواو في نهاية الكلمة، وعليك أنت أن تقلبها إلى الألف لتفهم ما أعنيه.   
من خلال هذا العرض الموجز الذي نآنا عن الموضوع الرئيسي نوعاً ما، لا نعني استثناء العديد من النظريات وما لا يحصى من البحوث والمؤلفات التي عالجت منشأ الأبجدية أو الألفبائية مثلما تسمى في اليونانية واللاتينية (Alpha-Betta) من صوت الحرفين الآولين، والتي لم يُؤكَد صحتها من اللغويين الباحثين والخبراء الآثاريين، رغم ما يوعزه الباحثون اللغويون من إختلافات في الرأي عن مصدرها الأساسي. وبما أن أطوار الكتابة لقد مرت بمراحل مختلفة لا بد من الإشارة لها بإيجاز والتي هي:
   الكتابة التصويرية أو الصورية. 2. الكتابة الرمزية. 3. الكتابة المقطعية. 4. الكتابة الصوتية. 5. الكتابة الأبجدية الألفبائية.
لذا فإن المرجح لأسسها الأولى وفق أغلب الخبراء هوجنوب وادي الرافدين ومصر. في وادي الرافدين، استناداً للكتابة السومرية والآشورية البابلية المسمارية في نهاية الألفية الرابعة ق.م. التي توصل لحل رموزها مجموعة من الألمان ومنهم على وجه الخصوص العالم كارستن نيبور 1756 الذي راحت اتعابه أدراج الرياح، ليأتي بعده الشاب غروتفند المولود عام 1775، وكان يدرس اللغة اليونانية في مدرسة ألمانية، حيث استطاع أن يتوصل لفك رموز سبع علامات من خلال كلمة "ملك" المتكررة في الألواح السومرية، لتكون المفتاح الذي اهله لحل ما دُوّن آنذاك بالخط المسماري، فتم عرض ما توصل اليه على أكاديمية العلوم بمدينة غوتنغن الألمانية سنة 1802. كما  وكان لدور الإنكليزي هنري لايارد أهمية متميزة بالعثورعلى مواقع كنوز الآثار الآشورية في مناطق مختلفة   وإكتشاف العديد من الآثار والألواح أو الرقم الطينية الفخارية وخاصة في نينوى ومكتبة آشور بانيبال التي احتوت خمسة وعشرين ألف لوح مسماري، لتضاف إلى خزائن أرشيف ماري بعددها البالغ أكثر من عشرين ألف لوح مسماري، وأرشيف منطقة إيبلا في سوريا على ثلثمائة ألف لوح مسماري أيضاً، وفق المعجم المسماري للغات الأكدية والسومرية والعربية لمؤلفه نائل حنون عن بيت الحكمة ببغداد 2001، وأصول الحرف الليبي لمؤلفه عبد العزيز الصويعي.  والأساس الآخر لنشأة الأبجدية كما بينا  آنفاً في مصر، استناداً للكتابة الهيروغليفية المقطعية التي فك طلاسمها الفرنسي جون ف. شامبوليون وهو في العقد الرابع من عمره، بواسطة مقارنتها بالنص اليوناني بأن الكتابة المصرية رمزية وصوتية في آن واحد، بحيث ساعد اكتشافه فهم المصادر والوثائق لتاريخ مصر القديم.
ولكي نكون أكثر مقربة من حل رموز الكتابة المسمارية، رغم اختلاف الباحثين في آرائهم ، ننقل فيما يلي ما صدر عن قسم الآثار بكلية الآداب لجامعة بابل لإستاذ المادة أحمد مجيد حميد الجبوري فيما تم تدوينه. 
( بدأت الخطوات الأولى لحل رموز الخط المسماري من خلال الزيارات والرحلات التي قام بها الأوربيون إلى الشرق ، فلهم يعود الفضل في نقل آثارنا إلى أوروبا والتعرف عليها من قبل علمائهم ، وهكذا بدأت المسيرة الصعبة والطويلة لمعرفة الكتابة المسمارية وحلّ رموزها.
كان أول أولئك الرحالة الذين قاموا بزيارة الشرق هو التاجر الايطالي بترو ديلا فاليه الذي زاره إطلال مدينة برسيبوليس في إيران، فعثر على أجرة مكتوبة بكتابة مسمارية، كما استنسخ بعض الكتابات وقام بنشرها في أوروبا.
لقد مرّت محاولات حل الكتابة المسمارية بمراحل عديدة ومن قبل أشخاص كُثُر، كان من أقدمهم الباحث تيسكن الذي استطاع في عام 1798م قراءة أربع علامات من كتابات برسيبوليس العاصمة الأخمينيه التي نقلها العالم الألماني نيبور إلى أوروبا عام 1765م والتي تألفت من 42علامة، كما وتوصل تيسكن إلى معرفة إحدى العلامات المتكررة في النص وهو المسمار المائل الذي يفصل بين الكلمات وتمكن من إثبات أن هذه النصوص تمثل ثلاث لغات مختلفة، وأعقب هذه الخطوة نجاح الباحث الآثاري مونتر في سنة 1802م بالبرهنة على كون كتابات برسيبوليس تعود إلى السلالة الأخمينية وأن لغتها مشابهه إلى لغة الكتاب المقدس المعروف ب (زند أفيستا)، كما استطاع إن يحدد العلامات التي تؤلف كلمة ملك ، وهذه الخطوات ساعدت كثيرا في التوصل إلى حَلْ هذه الكتابة ،وأكد بأن تلك النصوص في حقيقتها نصا واحدا ولكنه مدون بثلاث لغات مختلفة .
 جاء من بعدهم كروتفند العالم الألماني الشهير الذي يعود له الفضل الحقيقي في إيجاد المفتاح الذي لولاه لما حلّت رموز الخط المسماري ووضع اللّمسات الحقيقية الأولى لعلم سمّي فيما بعد بعلم الآشوريات ASSYRIOLOGY).
وما كان يستوجب في بحثنا أن نتوسع أكثر مما هو عليه بعرضنا المقتضب، إلا أنه استثنينا ذلك، فضلاً عن الإطالة أو الإطناب الممل أو الإيجاز المخل، بغية قدح شرارة الإنارة لقرائنا عن هذه اللمحة الإيضائية والتوضيحية لبني شعبنا ومن يطمح في إثراء معلوماته، رغم وجود ما لا يحصى من الدراسات والأبحاث الخاصة بنشأة الأبجدية بلغات مختلفة.
وفي حلقتنا القادمة ـ إن سلمنا من الأمر الخارق للعادة من تداعيات دواعش اللغة دون ردعهم لإكمال مسيرتنا  الكتابية لردع اصرارهم ـ سنسلظ الضوء على حرفي الضاد والظاء في اللغة الآشورية المعاصرة. 



غير متصل san dave

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 71
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
السيد ميخائيل ممو المحترم
تحية طيبة

    بدايةً نحييكم على هذا الجهد في مواكبة التطورات التي تطرأ على لغتنا الجميلة ومتابعتكم المستمرة في هذا الجانب ورفد القارئ بمعلومات مهمة تخص اللغة ، ولهذا بودي ان استفسر من حضرتكم بعض الاستفسارات والتساؤلات المتعلقة بموضوعكم هذا خصوصاً في ما يتعلق (بألاحرف الدخيلة) كما سميتموها في مقالكم هذا ، وهي كالاتي:

- هناك من يستخدم الرمز (^) بدلاً من الرمز (~) على الاحرف الاساسية لكي تنطق حروفاً اخرى ، على سبيل المثال توضع علامة (^) على الحرف (كاب)لكىي تلفظ (ch) بدلاً من من علامة (~) كما اشرتم في مقالقم اعلاه وكذلك يسحب الامر الى بقية الحروف التي يستخدم معها هذا الرمز ، استفساري لحظرتكم ما مدى صحة هذا الاستخدام ؟ هل هناك اتفاق على استخدام هذه الرموز من قبل المختصين في اللغة ام انها اجتهادات تعتمد على خلفية المجتهد ؟
- متى اضيفت هذه الحروف على لغتنا ( اقصد /غ-ث-ذ-ض-ch...الخ)؟ هل هناك اختلاف بين خطي السريانية (الشرقي والغربي) في رسم هذه الحروف ام لا؟ نتمنى من حظرتكم اذا امكن عمل جدول لهذه الحروف توضح فيه الفروقات في رسمها و كتابتها بين خطين الشرقي والغربي وكيف تستخدم هذه الرموز مع الاحرف الاساسية لكي تلفظ الاحرف الجديدة .
- الى ماذا تعزوا من وجهة نظركم افتقار لغتنا الى حرفي (ف-ج) ضمن الاحرف الاساسية علماً ان اللغات المحيطة بلغتنا جغرافياً في اماكن نشأة هذه اللغات تحتوى على هذين الحرفين ضمن الاحرف الاساسية في لغاتها.
- هل هناك احرف مركبة في لغتنا ؟ هنا اقصد بالمركبة ليس الاحرف التي توضع تحتها اوفوقها علامات و رموز وانما الاحرف المكونة من دمج حرفين أو أكثر كما في اللغات الاخرى كالانكليزية وغيرها من اللغات ، مثلاً (ph تلفظ ف ،gh تلفظ غ ...الخ).

 نتمنى لكم النجاح والتوفيق في مهمتكم

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ سان دافي .. تحياتي .. في البدء شكراً لك على ما تفضلت به في مقدمتك، وأن كل ذلك هو من حسن ظنكم بنا فيما نعمد اليه لأجل أن ننشر الظلال الوارفة لحجب ما تذيبه الشمس ، وإيصال الفكر الذي ننهجه ونعلن عنه من أمهات المصادر والمنابع التي يفتقدها الكثيرون، ومن أجل حصرها في نقاط تلسلية واضحة المعالم ليتسنى للغرباء ومن أبناء شعبنا على معرفتها بكل سهولة ، ولتكون أيضاً دافعاً محفزاً في الإعتماد على ما نشير اليه من المصادر، رغم إبداء رأينا الحر بما نعتمده ونستمده منها.
كما وأني في الوقت ذاته، أحيي فيك همتك وإهتمامك بما تفضلت من أسئلة في غاية الأهمية للوقوف على الكنوز اللغوية في بحر اللغة.. وفي مداخلتك وجدت فيك شخصية تطرق ابواب الوعي لإصلاح ما يمكن إصلاحه وتجديد مكوناته، وهذه صفة من أبلغ صفات الإنسان المدرك والواعي لأمور الحياة بسياجاتها المختلفة المتفاوتة.
لذا أود الإشارة هنا بأن أية لغة من لغات العالم شبيهة بالشجرة المغمورة جذورها في عمق أرضية التاريخ، وبمرور وجودها الزمني تصارعها عناصر الطبيعة لتجد من يرعاها ويشذبها مثلما يتم تقليم الأشجار الوارفة في أوقات متفاوتة من نموها الحي بتساقط أوراقها وأغصانها الفرعية لستحدثها بأكثر من ذلك. هذا ما عاشته ومرت به أشهر اللغات منذ فجر الكتابة ولحد يومنا الذي نعيشه بدلالة العربية والإنكليزية  والألمانية  على أقل تقدير. ولغتنا ـ سمها ما شئت ـ عاشت ذات المرحلة وشذت عن قاعدة الوحدة اللغوية التي توحد الشعب لتتفرع عنها اسس لغوية تمنهجت في دوائر اللهجات المختلفة عن بعضها، وبالتالي ليتم تزيينها بما يحلو لكل مجموعة ، ومن هذا المنطلق تشتت روادنا لأسباب ايمانية ومذهبية في تحزب لغوي إن جاز التعبير بذلك. فإختلف شكل الحرف، وتفاوت النطق بألفاظ معتمدة لدى كل مجموعة ليطال قواعد الصرف والتهجي في الكتابة الصحيحة التي كانت في يوم ما هي ذات الأصول.. وأكبر دليل لذلك يؤكده تساؤلنا التالي: كم هو عدد الذين يفقهون مفاهيم اللغة الطقسية المعتمدة في الكنائس؟  ومن جراء ذلك تم ترجمتها إلى العربية لسهولة استيعاب مفاهيمها، وإعتماد فرق الآناشيد أي الكورولات الكنسية على الكرشوني وبلغات مختلفة. ولكن على اعلمه ان الكنيسة الشرقية الآشورية حاولت تبسيط تلك اللغة الكلاسيكية إلى اللغة الحديثة المعاصرة لغة التعامل اليومي والمدرسي أيضاً، بالرغم من المفردات الدخيلة أو المستحدثة في التعبير الأدبي أيضاَ حالها حال كافة لغات العالم، وهذه من صفات الحداثة بحكم المجاراة ومحيط أرضية التعايش إضافة للتقنيات الحديثة  المشتركة نوعا ما في لغات العالم. اللهم إلا في حال أن يتم ترجمة المصطلح الخاص وفق مفاهيم التعريب أو التأصيل كما نعبر اليوم عن الكومبيوتر بالحاسوب وفي الآشورية رانويا وغيرها إن لم يكن لها مصادر جذرية من الفعل.
فيما يخص الرمزين اللذين اشرتَ لهما: الرمز (^) بدلاً من الرمز (~). يمكنني القول بأن الرمزين اجتهاد ممن سبقونا في البحر اللغوي. وقد تكون مدعاة ذلك لسهولة الإستعمال والتمييز من النقاط التي تشمل التقشية أي الحروف القاسية التي تحتفظ على لفظها الأصلي والتركيخ أي الحروف اللينة بتغيير لفظها إلى لفظ حرف مغاير والتي هي حروف (ܒܓܕܟܦܬ : بگدكپت) وهي (و= ڤ،غ، ذ، خ، ف،ث)  وخاصة لدى الكتاب الآشوريين بإستعمال اشارة (~) في الخط الشرقي، علماً بأن الخط الغربي يستعمل في الغالب رمز السكون العربي ( ــْـ ) أي دائرة حمراء التي تحولت الى سوداء للدلالة على المفارقة بين التركيخ والتقشية. هذا ما يؤكده المطران اقليمس يوسف داود في كتابه "اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية" ص22 ، وكذلك القس يعقوب اوجين منا في كتابه "الاصول الجلية في نحو اللغة الارامية" ص340 وغيرها من المصادر. ونها ينبغي الإشارة إلى أن العربية اضافت ستة حروف وتم استدراجها وفق شكل أو صورة الحرف المشابه رسمه مثل ب، ت، ث الخ. أما حروفنا بقيت محافظة على شكلها الأبجد هوز ومن ثم إلحاق الألفاظ الستة التي لها قوانين خاصة لعملية التركيخ أو التليين. ولهذا لم يتم استدراجها كما في الألفباء العربية. أما زمنها فيعود عهدها منذ استعمال الكتاب المقدس بتلك الحروف البالغ عددها 22 حرفاً، لكون قواعد التركيخ هي التي تتحكم في تليينها.
وعن الإختلاف بين حرفي الشرقي والغربي. نعم هناك اختلاف في العديد من الحروف المستنبطة من الحرف الإسطرنجيلي، حيث تجد الحرف الشرقي أقرب الى الإسطرنجيلي من شكل الحرف الغربي الذي تلاحظ أكثر من نصف الحروف مغايرة للأصل.
 ملاحظة: بعد معاينة النص للتأكد من ارسال كل شئ لم اجد الجدول الذي نظمته وفقا لطلبك وذلك لأسباب تكنيكية بحاجة لرموز حديثة كالرموز التي نستحدثهاهههههه اليس كذلك؟

أما ما يتعلق بحرف الجيم والكاف والشين والزاي بدلا من دمج حرفين للتعبير عن لفظ ما مثلما ذكرت عن مثلاً ph تلفظ ف ، gh تلفظ غ، فأنه من وجهة نظري وتصوري تم استعاضة العملية بطريقة أخرى وهي على سبيل المثال الجيم العربية و( چ ، ژ ) الفارسيتين من جراء المعايشة والتواجد الجغرافي الذي فرض على ملائمة التعبير عند الضرورة في الحديث أو الكتابة ثبتها القدامى من لغويينا ومنهم العلامة اللغوي المرحوم توما اودو صاحب القاموس الثري المُعتمد والموسوم " سيمتا دليشانا سوريايا " أي كنز اللغة حين يذكر في كتابه " غرماطيقي اللغة السوادية " ص 6 بما ترجمته: ( هناك رمزان جديدان يتم استعمالهما في أربعة حروف هي أي بما معناه (ܓ ܙ ܟܟ ܫ) والتي هي ( الجيم المصرية ، زين ، الكاف والشين) بحيث يوضع رمز (~) تحت ( ܓ̰) و (ܟـ̰ ) وكذلك  بوضعه فوق حرفي زاي وشين  (ܙ) و (ܫ) ليصدر عنهما صوت (ژ) و (چ) الفارسيين.. ويدعم المطران اودو رأيه بالعديد من الأمثلة ، علماً بان تحقيقي في هذه المسالة ووفق معرفتي لا تقتصر على الآشوريين فقط وإنما على اللهجة الكلدانية أيضاً ومن المفردات التي تحضرني ( جهيا، عاجبواثا، بعيجلِه، جايق وجيقلِه ، جعِزله) وغيرها .. والأهم إن كان المرحوم اودو قد نوه عن ذلم عام 1905 من كتابه اللغوي الآنف الذكر فمعنى ذلك هناك من سار على ذات المسار من قبله.
والله يا أخي العزيز سان اتعبتني ولدي الكثير للقول ولكني اكتفي بهذا القدر ، آملاً إني وفيت بوعدي للإجابة ، ومن المحتمل أن تكون على معرفة أكثر في المستقبل القريب في الحلقة القادمة، ولا تبخل علينا بأي مداخلة أو استفسار أو أي سؤال، بغية أن نستفيد من بعضنا، وكما يقول الشاعر:
الناس للناس من بدو ومن حضر   وإن لم يشعرو خدم
مع بالغ تحياتي
ميخائيل ممو