الغريب
زاهر دودا
قصة قصيرة جدا / 2016
بسبب فشل الساسة ، سآءَ الوَضعُ الأمني ، إنتَشرَ الظلمُ والفساد الاداري والديني على حساب قيم الانسان الإلهية، مما ادى الى انهيار فكري اخلاقي واقتصادي، ولأجل ضمان مستقبل عائلته وسلامتهم، هاجر الى بلدة اخرى في بلد آخر، فتح متجراً (مخزنا) متواضعاً واضعاً ثقل بقايا امكاناته، يرتزق من خلاله ويعيد بناء احلامه المهاجرة معه .
رغم مرور عشرات السنين، كان يسمعهم، مِن الذين له في ذمتهم ديون وكذلك من عملاء المتجر الدائمين، ينادوه ويؤشرون الى موقع محله بـ (مخزن الألقوشيُّ)، ومِن الذينَ كانوا لا يَودّوه ويُغيظهم وجوده لنجاحاته المهنية والحياتية والاجتماعية، كانوا ينعتوه دائما بـالغريب (الأجنبي) . مرّت سنين كبروا ابنائه كما اراد وناضل لأجلهم الى آخر يوم من عمره .
أقيمَ حَفلُ تأبينيّ بمناسبةِ مرورَ الأربعين على وفاته، ألقِيَتْ القصائد وقُرِأت كلمات الرثاء تَذكِرُ مَناقِبهِ ومَواقِفِهِ الانسانية النبيلة والوطنية رغم كل ما عاناه وجرى له . كالمعتاد آخر الكلمات كانت لعائلته، ألقاها بِكر أبنائه . بعد ان شَكرَ القائمين والمشاركين، وكذلك الحاضرين والغائبين بمواساتهم وببرقياتهم عبر مختلف الوسائل ومن كل القارات . قال :
أبي الحبيبُ ، بفخرٍ أقولُ لكَ وأمامَ العالمِ أجمعْ، قد أدَّينا الجزءَ الأهمُ من دَينِنا الروحيُّ الذي كان لك عَلينا، نُفّذت الصفحة الأولى من وصيتك العزيزة .
إرقد بسلامٍ وبراحةِ بالٍ في تُرابِ البلدةِ المُقدسِ بينَ أهلِكَ في احضانِ الأحبابِ عند الأجدادِ .
أبي العزيز ، كُنتَ مُجبَر العيشُ غَريباً في الغربةِ . اليومَ .. لَن تُجبَر أن تَحيا غريباً بَعدَ المماتِ ، لَن تَسمَع ثانيةً بعد الآن كلِمَة الغريب ، بل الكل سينادوك بالحبيب ....