نقصد بالكلدان هنا كل من يؤمن بأن قوميته كلدانية، وليس الذي تخلّى عنها لأي سبب من الأسباب، إنْ كان عن قناعة ، مصلحة ، تأثير ، جهل أو اسباب أُخرى.
هذه الفئة ، التي خرجت بإرادتها من البيت الكلداني، أصبحتْ غير مهمة بالنسبة لمن يقرّ بكلدانيته، وحتى اراءها ومقترحاتها بخصوص الكلدان وتنظيماتهم وأحزابهم يجب ان لاتُؤخذ مأخذ الجد، بمعنى آخر تجاهلها تماماً، لأنها تأتي من أُناس لايؤمنون أصلاً بالكلدانية، وعليهم أن يلتفتوا الى مايؤمنون به ويعالجون سلبياته عوضاً عن طرق ابواب الآخرين ومحاولة إزعاجهم.
فالواثق من نفسه لايلتفت الى الوراء، وإنما يسير قدماً على الطريق الذي إختاره لنفسه - إنْ كان مقتنعا بأنه الطريق الصحيح - ليُقَوّمَ مافيه من إعوجاج بغية الوصول الى الهدف المنشود، وليس بإلقاء اللوم على نقطة الأنطلاق التي تركها بكامل إرادته عند كل مطب او حاجز يعترض طريقه الى الفردوس المنشود.
من المؤسف حقاً ان يفقد الكلدان هذه الشريحة من أبنائهم، ولكن عليهم إحترام خياراتهم وتمنّي التوفيق لهم طالما لايقفون كحجر عثرة في طريق تحقيق طموحاتهم والدفاع عن هويتهم للحصول على مايمكن الحصول عليه في المرحلة المقبلة.
يقرّ غالبية أبناء شعبنا المسيحي بأن الكلدان والسريان والآشوريين شعب واحد، وهذا جميل ومفرح، ولكن عندما تحين ساعة الجد لتطبيق ذلك، نرى بأن كل فئة تحاول إلغاء الأخرى أو إحتواءَها أو تهميشها بحجج واهية ونظرة عنصرية شوفينية، والسؤال هنا هو:
مَنْ يضحك على مَنْ عندما نقول ونتبنى فكرة "الشعب الواحد" نظرياً، بينما لانستطيع أو لانرغب بتطبيقها عملياً ؟
إننا لانضحك إلاّ على أنفسنا ،ونجعل من أنفسنا أضحوكة للآخرين، عندما ندّعي بأننا شعب واحد ونحمل هذا الفكر "القومي" الرجعي الأنتهازي.
وبما أن هذه الحالة مستمرة على هذا المنوال ، رغم وجود دعوات صادقة للوحدة من فئات قليلة من جميع الأطراف - إلاّ ان تأثيرها يكاد (مع الأسف) لايُذكَرْ، فمن الأفضل لكل طرف ان يعمل ما بوسعه لنيل أكبر قدر ممكن من الفوائد والحقوق في هذه المرحلة، لأنها ستصب بالآخر في مصلحة شعبنا الواحد إنْ كانوا يؤمنون بوحدته فعلاً.
وما دمنا نتحدث هنا عن أنفسنا نحن (أي الكلدان)، علينا أن نطرح الموضوع بكل ايجابياته وسلبياته للأستفادة من الأيجابيات ومعالجة السلبيات التي تعترضنا والعمل على الحد منها مستقبلاً بصراحة وموضوعية، إن كان يعنينا حقاً امر وحدة الكلدان ودورهم المستقبلي في العملية أو "اللعبة" السياسية في المرحلة القادمة.
لايمكن أن يتحقق أي شيء مما ذكرناه مالم تتم الدعوة لمبادرة جادة للمصالحة الشاملة بين كل الأطراف التي تؤمن بكلدانيتها، سواء كانت أطرافاً كنسية أو ناشطين كلدان ، أحزاب سياسية، منظمات اجتماعية، شخصيات أكاديمية وثقافية لتجاوز الخلافات - مهما كانت اسبابها - بهدف تحقيق المصلحة العامة للكلدان، التي يدعي كل طرف بأنه يعمل من أجلها.
حتى إذا تطلّب الأمر تقديم تنازلات وتضحيات شخصية.
ان العمل المشترك من أجل الهدف المشترك هو الذي يمكنه أن يعيد للكلدان حقوقهم ، وليس التناقضات والصراعات وفتح الصفحات المؤلمة من الخلافات الكنسية التي أضرّتْ بوحدة الصف الكلداني وكنيستهم.
هذه المرحلة يجب أن تنتهي ليتم التفكير بالأستفادة من الطاقات والأمكانيات الهائلة التي يمتلكها الكلدان وتوضيبها بأفضل طريقة لخدمتهم وخدمة قضيتهم دون إقصاء أية موهبة أو جهة كلدانية بسبب إختلاف وجهات النظر، وإنما مناقشتها بروح أخوية لأختيار الأفضل والأنسب منها للمرحلة المقبلة.