مذبحة صوريا، رصاصةٌ في قلب الإنسانية
سعد توما عليبك
لم تكن قرية صوريا المنكوبة جحراً لقطاع الطرق أو وكرا لحبك المؤامرات ضد النظام الحاكم آنذاك.... في بلدٍ خنق فيه كل شهيق و زفير يحمل نبض الحرية و قصت أجنحة الطيور لكي لا تعبر الحدود و ترى الوان الحياة الزاهية خلف قضبان سجن الوطن الكبير.
انها قرية صوريا الكلدانية ، تلك البقعة الرائعة من بلاد النهرين .. الجميلة بأهلها و عشبها و نسيمها و ربيعها. إنها قطعة من الجنة أهديت لهؤلاء البسطاء الكرماء الطيبين الذين لا يردون سائلاً أو محتاجاً الاّ و أدخلوا الفرحة و الأمان في قلبه و قضوا له حاجته و ودعوه بسلام الرب.
في قرية صوريا لم يكن هناك مركزاً للشرطة ولا كاهنا مقيماً في الكنيسة لأن أهلها اناس مسالمين و يعيشون حياتهم بمحبة الرب و الأيمان الصادق ، فلم تكن لديهم مشاكل او خلافات الاّ ما ندر أو صغر منها.
إن ما حدث يوم السادس عشر من ايلول عام 69 كان عرسا دامياً للأفكار الشوفينية و رصاصةً في قلب الإنسانية هُدمت فيه آمال و أماني عشرات من العوائل الكلدانية لتصبح ضحية لنزوة الشر في قلب جانٍ محترف الإجرام دخل كذئبٍ غاشمٍ بين خراف الأيمان و دعاة السلام لا ترده عن غيّه أحاديث الكاهن القدسية و لا توسلات النساء و الكهول ولا دموع الأطفال البريئة.
فقد كانت رصاصات الغدر و الشر أقوى من جموع الخير و المحبة في زمن الظلم و ارهاب الدولة المنظم و القتل الجماعي اللامبرر...
سَقيتِ ثراك يا صوريا منذ سبعة و اربعين عاماً خلت بدماء زكية طاهرة من أوردة الأطفال و النساء و الشيوخ و أخضّرت مشاتل الأماني بعد الصبر و بسقَ فجرٌ جديد و دحر الطاغي الآثم.
فكلُ برعمٍ سيحكي قصة ليلى وذلك ألشرير ، وكل حجرٍ سيحفظ للتاريخ سيرة الجناة ، وكل ذرة من ترابك ستصبح تذكاراً مدوياً يطارد القتلة في أحلامهم و بقايا ضمائرهم.
المجد و الخلود لشهداء صوريا و كل شهداء الكلدان و العراق.