المحرر موضوع: مشاكسة بشــرى . . . غيـــر ســــارة  (زيارة 766 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 558
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشاكســة
.............

بشــرى . . . غيـــر ســــارة
..................................
  مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
 .............................
بعد أن أصيب عامة الشعب بالخذلان في هذا الزمان، لا سيما الفقراء منهم والمعدمين والمسحوقين والعاطلين والجياع والمشردين والمتسولين والمتعففين، ووكذلك المتعفنين الذين ما زالوا يرزحون تحت رطوبة وعفونة خط الفقر اللعين، مرغمين على استنشاق روائحه الكريهة ليل نهار بعد أن خذلهم البعض من القوى والاحزاب والحكومات والتحالفات والتكتلات واعضاء البرلمان والمسؤولين، ملوحين لهم بشعار (التوزيــع العــــادل للثـــروات)، لاسيما أيام الاستعدادات للانتخابات، لكن هؤلاء المعدمين المساكين لم يستلموا إلا الوعود والشعارات والفواجع والمآسي والنكبات، ومع ذلك يبدو أن الموعد قد حان، لكن بطريقة وآلية وستراتيجية لم تكن في الحسبان.
 فبعد أن انتظر الفقراء طويلاً ووقفوا على اُهبة الاستعداد لاستقبال موعد (التوزيــع العـــادل للثـــروات) وهم يحملون معهم جميع الوثائق التي تثبت عراقيتهم، بدءاً من البطاقة التموينية مروراً بهوية الاحوال المدنية (ام الفسفـــــورة) وشهادة الجنسية (ام الفسفـــورة ايضــا) وبطاقة السكن وتأييد المجلس المحلي والقسم البلدي وختم المختار، والشهادة الدراسية وعدم المحكومية وشهادة حسن السير والسلوك مصدقة من مجموعة سوق مريدي وفروعه في المحافظات، الا ان تلك الثروات تقلصت وتراجعت وانكمشت واستنزفت وتسللت وهاجرت إلى الخارج لتستقر في حسابات عدد من الفاسدين من جهة، ولتصبح من جهة اخرى، ضحية هدر وأمزجة وسوء تصرف بعض المسؤولين غير الكفوئين، حتى أن ميزانية عام 2014 على سبيل المثال والتي كانت تقدر بــ(150) مليار دولار حملت حساباتها الختامية وهاجرت الى جهة مجهولة محتمية بصمت وتجاهل بعض الجهات المسؤولة، لتطيح بنا (حكمـــة) بعض مسؤولينا وحكوماتنا (الاقتصاديــــة) من مجموعة دول المانحين الى درك مجموعة المتسولين، وبدل أن يحظى الفقراء والمعدمون بحصصهم من ستراتيجية (التوزيــع العــادل للثـــروات) أمست رواتب الموظفين والمتقاعدين ضحية للاستقطاعات، بيد أن بصيصا من الامل استطاع أن يشق طريقه من بين هذه الظلمات المدلهمة لينير دياجير الياس والخذلان مبشرا بحتمية التوزيع العادل لما تبقى، أو لما سوف يأتينا من الثروات عبر المساعدات (التسوليـــة)، وذلك بصدور قانون الاحزاب السياسية.
ففي الوقت الذي (بشـــرنا) فيه هذا القانون عبر مادته الحادية عشرة بأن من حق (2000) عضو وسبعة اعضاء مؤسسين تشكيل حزب أو تنظيم سياسي والمطالبة بإجازته وفقا للشروط التي ضمها القانون، فضلا عن أن المشرع نظر بعين (الشفقـــة والرحمـــة) إلى المكونات الاثنية والاقليات، مانحا اياها عبر الفقرة (ب) من المادة نفسها (مكرمـــة) انسانية بتخفيضه عدد اعضائها الذين يحق لهم المطالبة بإجازتها رسميا من (2000) عضو الى (500) عضو مؤسس، بيد أن هذا القانون توقف بمزيد من الاهتمام و(الحكمـــة) الوطنية إزاء عملية (التوزيــع العـــادل للثــــروات) معيدا اليها الحياة بعد ان رقدت طويلا في غرفة العناية المركزة وهي تكاد بحالتها الخطيره ان تلفظ أنفاسها الاخيرة.
 فقد بشرنا هذا القانون الذي سيكون بالتأكيد منطلقا ثوريا لبناء العراق الجديد العتيد، بالتوزيع (المدهــش والمحيـــر) للثروات عبر المادة (17) منه، حيث نصت الفقرة (ب) منها على (تقديــم مقتــرح إلـــى وزارة الماليـــة بالتقديــر الســنوي للمبلــغ الكلــي للإعانــة الماليــة للاحــزاب او التنظيمــات السياســية)، اما المادة (44) فقد (بشـــرتنا) بالتوزيع العادل للثروات، ليس على الشعب الذي هو (مصــدر الســلطات والمــالك الشــرعي للثـــروات)، وإنما على الاحزاب والتنظيمات السياسية، حيث نصت على أن (تتولــى دائــرة الاحـــزاب أو التنظيمــات السياســية توزيــع المبلــغ الكلــي للإعانـــة الماليــة علــى الاحــزاب أو التنظيمــات السياســية وفقــاً للنســب الآتيـــة: أولاً: 20 % عشــرون بالمائـــة بالتســاوي علـــى الاحـــزاب او التنظيمــات السياســـية المســجلة وفــق أحكــام هـــذا القانـــون. ثانيـــا : 80 % ثمانـــون بالمــائة علــى الاحــزاب او التنظيمــات السياســية الممثلـــة فــي مجلــس النــواب وفقــاً لعــدد المقاعـــد التــي حــاز عليهــا مرشحوهــا فــي الانتخابـــات النيابيــــة).
في ضوء هذا (الكـــرم الحاتمــي) للاحزاب والتنظيمات السياسية وتوزيع ما تبقى من الثروات عليهم في وقت يرزح فيه أكثر من ستة ملايين عراقي تحت خط الفقر فإن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل من واجب الحكومات ومسؤولياتها تمويل الاحزاب والتنظيمات السياسية من المال العام وعلى حساب حقوق الشعوب ورغيف خبزها؟ ثم ألن يكون مثل هذا الدعم المالي حافزا مغريا لتشكيل اعداد هائلة من الاحزاب والمنظمات السياسية (الكارتونيــــة) ومسارعة بعض العشائر لاستقطاب ابنائها وتقديم اسماء ألفي عضو لانتزاع الاجازة الرسمية والتمتع بالدعم المالي؟
لقد فتحت هذه (الاغــــراءات الماليـــة) الابواب واسعة امام مختلف المنظمات والجهات والجماعات لتشكيل الاحزاب، فقد كشفت مصادر إعلامية قبل حوالي شهرين عن ارتفاع أعداد الاحزاب لدينا إلى (300) حزب، (80%) منها تتسم بطابع ديني، وربما ستتناسل وتتوالد هذه الاحزاب لتتجاوز حاجز الخمسمائة او ربما الالف حزب وبما يؤهلنا هذا الرقم (الخرافـــي) لدخول موسوعة (غينيــس) للارقام القياسية، في وقت تشير فيه الاحصائيات الى أن الاحزاب الرئيسية في فرنسا هي قرابة (16) حزبا، وفي روسيا قرابة (10) احزاب، اما في السودان فهنالك (36) حزبا، وفي المانيا قرابة (6) احزاب،  وفي ايران بحدود (14) حزبا، وفي تركيا (12) حزبا، اما في الصين فهنالك (5) احزاب، فهل تدفع حكومات هذه الدول منحا ومساعدات لأحزابها على حساب حقوق شعوبها؟
ولو افترضنا في ظل هذا السعي المحموم لتشكيل المنظمات السياسية ومبادرة الكثير من المنظمات القومية ومنظمات المجتمع المدني للتحول الى احزاب، وصول عدد احزابنا الثورية التقدمية الاشتراكية النهضوية الديمقراطية التحررية الشرقية منها والغربية، الدينية والعلمانية، الى (500) حزب، وان حصة كل حزب من المنحة المالية السنوية ستكون (افتراضـــا)، بحدود خمسين مليون دينار كمثال، فإن مبالغ المنح لها من الموازنة السنوية ستكون بحدود (25) مليار دينار، اليس الاولى بهذا المبلغ قطاع الخدمات والكهرباء والصحة والتعليم والفقراء والمعدمون والعاطلون والمتسولون والارامل واليتامى والمشردون وسكان أكواخ الطين والصفيح والنازحون والمهجرون، بدل الاحزاب والسياسيين الذين أوصل بعضهم بخلافاتهم وسوء ادارتهم هم والمسؤولون الفاشلون، البلاد والمواطنين الى هذا الواقع المزري والمخزي، المشين والحزين؟ ثم أليس العمل السياسي عملا نضاليا طوعيا لقيادة البلدان إلى مستقبل أفضل؟
لقد عصفت بالبلاد وما تزال واحدة من أخطر الازمات المالية فماذا قدم معظم السياسيين واحزابهم ومنظماتهم الذين يمتلكون عشرات وربما مئات المليارات من الدولارات في البنوك الاجنبية من دعم وتبرعات او حتى قروض نقدية للحكومة لانتشالها من أزمتها المالية؟
فقد صمت السياسيون والمسؤولون الفاشلون، ودفع ويدفع فواتير خيباتهم وفشلهم الموظفون والمتقاعدون.