كيف ولماذا فاز دونالد ترامب في أميركا ؟
في البداية كان دونالد ترامب خاسراً في كل التقديرات ، حتى بين بعض أعضاء حزبه ، ولكن سياسة التردد الأمريكي لثمان سنوات كانت بحاجة إلى حسم من قبل الجماهير الغاضبة
ضد السلطة الحاكمة ، وكان أوباما رمزاً للرخاوة والميوعة وشخصيته باهتة لم تحقق شيئاً ،
فخسرت أميركا معظم اصدقائها وهيبتها كأقوى دولة في العالم .
في عام 2015 حدث إطلاق نار جماعي في سان برناردينو(كاليفورنيا) من قبل زوجان لهما علاقة ب (داعش الإرهابي) ، فأطلق ترامب خطبه النارية ضد دخول المتطرفين المسلمين إلى أميركا ، وخاصة المهاجرين السوريين وإندساس الإرهابيين بينهم ، ووعد بترحيل 11مليون لاجيء غير شرعي في أميركا ، والأكثرية قادمة من المكسيك وهي
أغلبية مجرمة تجلب معها الإجرام والعنف والمخدرات على حد زعم ترامب ، وبناء
حائط لصد المتسللين من المكسيك ، كما سخر من الإحتباس الحراري ، وقال إن الشركات
الأمريكية غير قادرة على المنافسة ، كما أيد حمل السلاح للناس الشرفاء ، ووعد بإعادة
النظر في إتفاقية التجارة الحرة ( نافتا) بين دول أميركا الشمالية ، والكلفة الباهضة لحلف
الناتو على الميزانية الأمريكية ، وقال إن تدخل أميركا في العراق كان خطأً فادحاً .
لقد طرح ترامب نفسه كمنقذ لكل هذه التداعيات ، وخطبه الكاسحة غير العادية أحبتها
الجماهير الهائجة المتماشية مع غرائزهم وإنفعالاتهم ، فالجماهير تنفعل فتعمل ولا يهم أن
تندم فيما بعد ، فالملايين قادها موسليني في إيطاليا لكنهم هم من طالبوا بشنقه ، ومنقذ فرنسا
شارل ديغول الجماهير الغفيرة نادت بسقوطه ، والمرأة الحديدية ماركريت تاتشر سيدة النهضة
إستقالت بعد أن خذلتها الجماهير التي دعمتها في البداية ، وصدام حسين كانت الجماهير
ترقص أمامه وتذبح الذبائح أثناء زياراته وتجواله ، وهي من ضربت تمثاله بالأحذية بعد
سقوطه .
فعلى الخائفين من صعود ترامب الإنتظار، فالخطب الإنتخابية لكسب الأصوات ليست
بالضرورة قابلة للتنفيذ ، سيما وإن السياسة فن الممكن تتغير حسب المستجدات المتسارعة
وما تتطلبه مصلحة البلد ، وإن ترامب محاط بالعشرات من المستشارين السياسيين العمالقة
الخبراء ، وإن مجلسي النواب والشيوخ لهما القول الفصل فيما يتعلق بالسياسة الخارجبة والداخلية الستراتيجية لأميركا ، والرئيس ليس دكتاتوراً يعمل مايشاء كما في الدول النامية
بل محكوم بمصادقة نواب الشعب على قرارته ، وهناك فريق من الخبراء لتدريب الرئيس
على كيفية قيادة اميركا ، وقد باشر عمله منذ الآن ، فلا تهلعوا ؟
منصور سناطي