المحرر موضوع: بِحار بلاْ مرافئ  (زيارة 908 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بِحار بلاْ مرافئ
« في: 13:50 23/11/2016 »
بِحار بلاْ مرافئ
تسقط قطرة من فنجان القهوة على الأرض بشكل عشوائي ، فيتشكل وجه إنسان له ملامح الصينيين ، أو يتراءى لنا ذلك!. شموع مُوقدة وآخرى منطفئة والأخرى على وشكْ الانطفاء، بجانب حائط عند تمثال السيدة العذراء فيرسم  الدخان المُتصاعد من الشموع صورة العذراء مع الطفل، أو نتمنى في سرنا أن يكون كذلك لنمتلئ إيماناً. شخص يولد في مكان ويعيش في مكان، وحين يلفظ أنفاسه الاخيرة يجد نفسه في مكان آخر بعيد منسي في تلك الإمكان اللامرئية من المجال اللامتناهي  للأقدار والذي يخاتله طيفاً من اليقين فنظل متوجسين الحياة التي ترسم لنا طريقنا. 
نتوهم في الأحيان الكثيرة أن الحياة والأقدار تسَير في خط واحد متوازي كالقطار، ونتوهم أيضاً إننا نُسيطر على مسار حياتنا ، فنحاول تشكيل الحاضر لننطلق كالبرق الى المستقبل متناسين أن للحياة كلمة الفصل ، وهي تحددّ المسير والخط والحظ معاً. فذلك الرسام العبقري توهم ، أو أوهم نفسه أنه لا شيء وأن رسوماته مجرد خربشة على ورقْ لا أكثر ولا أقل،  فيبيعها من أجل وجبة طعام ، ومن شدة سخطه على واقعه يقطع أذنه ويعطيها لمومس فترفض أخذها أحتقارا له ، وبعد موته يتحول الى أسطورة ، وفنه مدرسة ،  وتباع لوحاته بأثمان تفوق الخيال حتى . هل لدينا سلطان على الاقدار؟، أم أن عجلة الحظ والسخرية  تدور في دورانها الدائم والأزلي ، وأن أخذت في الكثير من المعاني شكل جديْ في التعامل مع مفردات الواقع اليومي. نحن في اللامكان  ونتوهم أننا في وسط الحقيقة المُطلقة كما تصور نرسيس أبن الأله الإغريقي كيفيسيا، أنه جميل فأصابه الغرور في مقتل، وظل يحدق في مرأته التي كانت دون إطار، طالَع وجهُه كما في كل صبّاح ، فكان مُتريث هذه المرة، الى أن أكتشف صورته معكوسة على صفحة النَّهر فأراد اللحاق بها فمات غريقًا.
نرسيس أنتَ لم تعد هُنَا ، أو حتى هناك ، أنتَ عابر داخل ذلك الوهم الذي صنعته أنتَ.
ولكن يسألني نرسيس... أوَليست أوهامنا جزءاً من حياتنا؟.