المحرر موضوع: في الحمّام  (زيارة 1744 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 692
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في الحمّام
« في: 11:09 07/01/2017 »

في الحمّام
         
                                                       
لطيف نعمان سياوش

(من دفاتر طفولتي)
في زاوية من الحمّام وضع موقد (بريمز) يتدفق غضبا .. ينتهي برأس  حديدي  محمر  تتدفق  منه نار زرقاء فيها بعض الاخضرار والاصفرار مصحوبه بهدير قوي وكأنك دخلت مخبز لفرن الارغفه ، ولو أردت أن تتكلم لاأحد يسمع صوتك لفرط الفوضى في أجواء ذلك الحمّام ..
أبان الخمسينات كان وقود التدفئه ، والطبخ ، وتسخين الماء في البيوت  بالكيروسين (النفط الابيض) ولم يكن الغاز السائل مكتشف بعد ..
 يحيط رأس المشعل مسند حديدي ، ووضع فوقه قدر كبير من الماء المغلي ..

العمليه برمتها لاتخل من المخاطر التي راحت ضحيتها أرواح العديد من المساكين ، سواء نتيجة ألتسمم الناتج من غاز الموقد ، أو لأنقلاب قدر الماء المغلي لكون المسند غير محكّم أحيانا  ، أو لم يوضع القدر عليه بشكل متوازن ..
وعندما كانت الوالده تسوقنا الى الحمّام ونحن في حالة البكاء والصراخ ، وكأننا نسوّق الى دوائر الامن لغرض التعذيب ..
كنا ندرك جيدا ماذا ينتظرنا في ذلك الحمّام اللعين للحد الذي صرنا نمقت أيام الجمع التي تكون عملية الاستحمام والتعذيب  فيها في الغالب ..
كانت الامهات تحمل من الحكمه في تنشئة اطفالها بهذه الطريقه التي ربما لم نكن ندركها وقتها ، لكننا في قادم السنين تيقنا أن الدلال الزائد والرقه في غير محلها قد تسيء للأطفال ..
تبدأ عملية الاستحمام بقيادة الوالده بالماء الحار وصابون الحلب (الرقي) وتبدأ معه حرقة العيون نتيجة ماء الصابون  دون الاكتراث للبكاء والصراخ الذي يذوب مع صوت الموقد ، تعقبها فرك عنيف بليفة الحمام المشعره ، وكانت تلك الليفه عندما تلامس أجسامنا الناعمه ونحن صغار نخالها أشواك قاسيه تجعل اجسامنا محمرّه تماما ..
أما مسك الختام يكون مع حجر الحمّام بأنتظار أسفل القدمين ، ثم سكب الماء الحار  ، وتلتف المنشفه الكبيره لتحتضن اجسامنا الصغيره ، ونتنفس الصعداء لأنتهاء حفلة التعذيب  لكننا نشعر بعدها بالعافيه والراحه التامه ..
بعدها يأتي الدور لأخي الاخر ..
أخرج من الحمّام  ، وأقف قبالة المرآة الكبيرة في غرفة النوم  ، وأنظر الى وجهي تلفت نظري العيون المحمرّة  نتيجة ماء الصابون ..
 وهكذا الى أن ينتهي جميع افراد الاسره من الاستحمام ، وطيلة هذه المده يستمر هدير صوت الموقد دون انقطاع ..
يقينا لمن تجاوز الستين أو السبعين من عمره فما فوق يتذكر تلك الايام  وذلك الحمّام ، وربما يحن اليها ..
أن الذي جعلني أتذكر تلك الايام هو حال النازحين الذين يفتقرون حتى الى تلك الحمّامات البدائيه ، وهم يضطرون للاغتسال داخل الخيم ، أو في أماكن تغلفها طبقات من الصفيح ، وربما في العراء !!..
ترى متى يعود هؤلاء المهجّرين الى ديارهم ويضعوا خاتمة لعذاباتهم ويداو جراحهم ؟..

عنكاوا 7/1/2017


غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: في الحمّام
« رد #1 في: 12:23 16/01/2017 »
الاستاذ لطيف نعمان المحترم
شلاما
مقالتك هذه ذكرتني بطرفة او نكتة، وهي تعبر عن مدى انزعاج الاطفال في تلك الفترة من طريقة التحميم التي كانت الام تستخدمها.
يقال: كان لإحدى الامهات توأم، شديدي الشبه ببعضهما. في يوم ما خرج احدهما الى الشارع وظل يلعب مع اصحابه، ونسى ان يرجع الى بيته الى ان جاء المساء. وحتى لا تراه والدته وهو عائد في وقت متأخر، انسل الى البيت خلسة، واستطاع ان يدخل الى غرفة النوم حيث هو  واخيه ينامان، فاستقبله اخيه بغضب وعصبية، لكن بصوت خافت، كي لا تسمعه الام ومن ثم يتعرض الى عقوبة الضرب بالـ(نعال!) وهي الطريقة التقليدية في معاقبة الام لأبنائها.
قال الاخ الذي كان في الدار بعصبية وصوت خافت: هاي وين جنت من الصبح ليهسة ؟!
قال الاخ الذي كان خارج الدار: هاي شبيك، ليش صاير عصبي ؟... جنت دا العب ويا اصدقائي! 
اجابه الاخر: شلون ما اصير عصبي ؟!
قال الاخ القادم من خارج الدار: ليش ... شكو ... صاير شي، حتى تصير عصبي علي ؟!!
قال اخيه: شلون ما اصير عصبي ؟ امك صار مرتين سبحتني !!!
تحياتي

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 692
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: في الحمّام
« رد #2 في: 22:45 17/01/2017 »
رابي أوراها دنخا سياوش
تحياتي لكم وشكرا لمرورك العطر - صدق أضحكتنا أنا والاهل  كثيرا بالموقف الطريف الذي ذكرته ..
تقبل كل أحترامي عزيزي أبن العم ..

لطيف نعمان سياوش