المحرر موضوع: من يوميات مهاجر سوريايا يتأبط حقيبة سفره -6-  (زيارة 872 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نزار حنا الديراني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 326
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من يوميات مهاجر سوريايا يتأبط حقيبة سفره
-6-
نزار حنا الديراني

  كنا نعتقد انها نهاية الحرب الا انها كانت اعادة تنظيم لحرب اكبر واشرس منها ... يبدوا ان نصيبنا في الحياة ان يكون لنا وطن حكومته تغتال دوما العلم ولا تفكر الا بالحروب .... وطن حكومته تجبر طلابها ان يحفظوا شعارات جوفاء بدلا من نشيدها القومي ... ما ذنبنا نحن ان نجبر على حروب لا ناقة لنا فيها ولا شاة ... لم تمر الا سنتين واذ بقواتنا تجتاح الحدود العراقية الكويتية لتنتهك حرمة بيوتها وتنهبها لتمتلئ شوارعنا بالسيارات والبضائع المسروقة ... اي مستقبل لاولادنا وهم يسمعون بالغنائم واولاد قادتنا وضعاف النفوس المتواجدين في الكويت يتباهون بشاحنات من الغنائم التي نهبوها ابائهم او اشقائهم من الدور والمؤسسات الكويتية لتبيعها ، فكثير منهم قفز من خط الفقر ليحل في خانة الاغنياء ... لا زلت اتذكر احد الزملاء العائد من الكويت كان قد جلب معه انواعا من المشروبات الكحولية لم نسمع حتى باسمائها .. وكانت الجالية الفلبينية الموجودة في الكويت كعمالة تفرش ازقة بغداد لتبيع ما لديها وتعود الى ديارها .. وبعد اشهر قليلة استطاعت امريكا ان تحرك كل دول العالم لتتجه لمعاقبة العراق وشعبها وتجبرنا مدمراتها التي كانت تزلزل الارض لنتأبط من جديد حقائب سفرنا ، لنترك بغداد العاصمة ونتجه الى قرى اكثر أمانا ان كانت في ضواحي ديالى او نينوى او ... وحتى سكان اقليم كوردستان تركوا مدنهم باتجاه تركيا او ايران خوفا ان تجتاح قوات صدام حسين مدنهم بالكيمياوي ... وبفضل عشقنا للحروب صارت الصواريخ الامريكية تدك مؤسساتنا والقصور الرئاسية فتهتز بغداد وتدمرها ، ولاول مرة نجد صواريخ تحوي تقنيات الكترونية هائلة الى حد كان الاعلام الحربي العراقي يعتقد انها اجزاء لطائرات اسقطها سلاحه الجوي لذا كان يصرح بانه قد اسقط كما من الطائرات ... وبفضلها استطاع السلاح الجوي الامريكي ان يشل البنى التحتية للبلاد لينتصر على شعب يحلم دوما بمفردات سلمية ليُعَرف فيها الوطن والوطنية ...  وبعد فترة قصيرة خرجت القوات العراقية من الكويت... وفي الطريق كانت مجاميع المعارضة تفترس جنودنا الفارين لتنتقم هي الاخرى منهم وتجبرهم ان تردد عبارتها الشهيرة ( لا ولي الا علي ... نريد حكومة جعفري ) ، والكثير من قوات الجيش اضطرت للاستسلام لترسل الى المخيمات التي اعدت لها في السعودية لتذوق طعم الذل وهي تحلم بالسفر عبر الطائرات الامريكية الى قارات اخرى ، واصبحت القوات الامريكية على بعد عدة كيلومترات من بغداد ... انتهت الجولة الاولى من الحرب سماها البعض الجولة الاولى من اللعبة لانه كان يتساءل لماذ توقفت هذه القوات والتي كانت بأمرة القائد شوارسكوف زحفها الى بغداد وتعود الى دول الخليج لتترك القوات العراقية وخصوصا الحرس الجمهوري لتتجه نحو المحافظات الجنوبية لتلقن اهل الجنوب درسا قاسيا فامتلئت الشوارع بالجثث .. انتهت الحرب او لنقل القصف وعدنا الى بيوتنا من جديد وحقائبنا تلازمنا واعيننا تتجه نحو الهجرة ولكن كيف ؟؟؟؟   
مقابل ذلك استحصلت امريكا ومن معها موافقة الامم المتحدة لجعل المحافظات الشمالية ( دهوك ، اربيل ، سليمانية ) منطقة آمنة محمية تتجمع فيها المعارضة العراقية ، فاصبحت اقليما مستقلا ... فكرنا ان نستغل الفرصة ونعود الى قرانا ولكن اصطدمنا بواقع مرير حين علمنا بالقرار الحكومي بعدم الجواز للسيارات ان تجتاز السيطرات الحكومية متجهة نحو الاقليم لذا علينا ان نقطع المسافة المحصورة بين السيطرتين مشيا على الاقدام بمعنى لا يحق لنا حتى ان ناخذ معنا صديقة العمر حقيبتنا ونحن نعلم ان بيوتنا مهدمة وفي هذه الحالة استغل الاخوة الكورد والايزيديين ترك العوائل العربية ( التي جاءت بها الحكومة من الوسط والجنوب بهدف التعريب ) المنطقة لتجتاح دورهم وتحتل قرانا لتسكن فيها وتتقاسم اراضينا لتضع حدا لاحلامنا ... ومن منا كان يريد ان ياتي الى الشمال عليه ان يغتال كرامته حين يعبر سيطرة الجيش العراقي وهي تجرده واخيرا سمحت له ركوب السيارات الكبيرة (اللوريات) ولكن في الخلف اي البدي لا في القمارة لاجتياز المسافة المحصورة بين السيطرتين حقا كانت وسيلة لاغتيال الكرامة  ....
يتبع