المحرر موضوع: رباعيات شعرية : أين أمضي ؟  (زيارة 1013 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رباعيات شعرية : أين أمضي ؟
« في: 00:18 27/01/2017 »
رباعيات شعرية : أين أمضي ؟
د. صباح قيّا

أصحيحٌ ما يُقالُ خلقَ الكونَ إلاهُ
وما يحصلُ للأنسِ منْ مآسٍ سيراهُ
هلْ حكمةُ الربِّ حقاً أن يفنى الكلُّ فِداهُ
قاتلٌ أو مقتولٌ كلاهما يسعى رضاهُ .......... أين أمضي ؟

فرقةٌ في كلِّ دينٍ بدعةٌ في كلِّ مذهبْ
واحدٌ يعبدُ رباً لهُ في أمرهِ مأربْ
آخرٌ يعشقُ فكراً هوَ للإلحادِ أقربْ
يا تُرى منْ ذا الذي إليهِ أنقادُ وأذهب ........ أين أمضي ؟

بعضُ ما في العهدِ القديمِ يدعو إلى العَجَبِ
أساطيرُ بابلَ قبلَ التوراةِ بالنَسَبِ
قصةُ الطوفانِ نذيرُ اللهِ بالغَضَبِ
رموزٌ يُحَددُ لُغْزَها اجتهادُ المَذْهَبِ ............ أين أمضي ؟

ألقتْلُُ مذْ بدءِ الخليقةِ أصلُهُ قابيلُ
ومِنْ زِِنى ابراهيمَ بالعبْدَةِ أتى اسماعيلُ
وزوجٌ مِنْ شهوَةِ داودَ بالحربِ قتيلُ
وكمْ حسناءٍ عليها منْ سليمانَ إكليلُ ......... أين أمضي ؟

وبعدَ تِلْكَ المعاصي هُمْ بالكتابِ أنبياءْ
كيفَ للوحْيِ أنْ يساوي الخطاةً بالأنقياءْ
فهلْ تقوى المعْمداني كسُكْرِ نوحَ  بالعراءْ
أمْ عِفَّةُ القديسينَ كَنَزَواتِ الحكماءْ ............ أين أمضي؟

أين أمضي وثلثُ العالمِ من الجوعِ يشكو
وثلثٌ لهُ من الحاكمينَ ظلمُ وهتكُ
وثالثُ منهما يتنعمُ هوَ المُلْكُ
كيف يا ربَّ العبادِ بعدلِكَ لا يُشَكُّ .................. أين أمضي ؟

إرادةُ اللهِ هذي وفي خلْقهِ شؤونُ
يحيا فقيراً منْ دماغُهُ بالعلمِ مشحونُ
ويحصدُ مالاً منْ عقلُهُ بالجهلِ مسجونُ
هل التناقضُ يوحي الكونَ بالربِ مسكونُ ....... أين أمضي ؟

حكمةُ الباري لمنْ آمنَ بهِ من الناسِ
حمْداً لهُ رغمَ هوْلِ المصائبِ والمآسي
أهلُ الضحايا باسْمهِ تُسَبّحُ وتواسي
غريزةُ النفسِ أن تهوى عبادةَ الأقداسِ ......... أين أمضي ؟

منْ أغوى حواءَ أسموهُ بالكتاب إبليسا
غادر الأرضَ وعاد بين الأنامِ جليسا
يزهو بوعظِ الفضيلةِ تخاله قسّيسا
ربما يُطوّبُ يوماٍ فيدعوه قدّيسا .................. أين أمضي ؟

أين أمضي وشياطينُ الأرضِ في كلِّ بقعهْ
ضَلالُ الفكرِ والغدرِ عندهم مصدرُ المتعهْ
كلامُ الله يتلوهُ وقومٌ يرضى بالخدعهْ
فمنْ نادى اتركوهمْ قالوا من ذا صاحبُ البدعه... أين أمضي ؟

أين أمضي والصراعاتُ تتعدى الحواجزْ
كلُّ منْ على السلطةِ بالحلولِ لها عاجزْ
منْ يرتجي من عاشقِ الأنا تشجيعَ الحوافزْ
حتى واعظُ الإيمانِ باللذات هو فائزْ ............. أينَ أمضي ؟

أين أمضي وطريق الحياةِ فيه تناقضْ
يبكي على الإيمانِ منْ دنياهُ صارتْ فرائضْ
لا يبالي بالوصايا هو للمنطقِ رافضْ
فإما السكوتٌ أو للصراحةِ سعرٌ باهضْ ......... أين أمضي ؟

كلما أطالعُ التاريخَ أغرقُ بالحزنِ
هيَ المسيحيةُ بدءً كانت كما في ذهني
رسلٌ طافتْ ببشرى الخلاصِ في كلِّ ركنِ
وعمدتْ بالروح القدسِ والآبِ وبالإبنِ ....... أين أمضي ؟

ما للهِ للهِ وما لقيصرَ لقيصرْ
أعطوا كما المسيحُ في أورشليمَ بها أمرْ
فلمَ كلماتُ ربي تغدو لِكانَ خبرْ
لو الرعاةُ بغيرِ الأناجيلِ لا تؤتمرْ .............. أين أمضي ؟

كنيسةٌ عبرَ الزمانِ انشقتْ عنها كنائسْ
ومنْ تلكَ الكنائسِ صارت اليوم مجالسْ
وما يجري في هذي المجالسِ نقاشٌ يائسْ
ما دام الحاضرُ على حريرِ السلطةِ جالسْ .... أين أمضي ؟

زماناً كم عالمٍ باسم الصليبِ أحرقوهُ
وكم مجتهدٍ باللاهوتِ عِلماً هرطقوهُ
ومنْ سعى لإصلاحِ الكنيسةِ حرموهُ
وكلّ منْ خالف الرأيَ يومها عزلوهُ ........... أين أمضي ؟

أليوم راعٍ راحلُ وغداً آتٍ بديلُ
وجمعُ الكنيسةِ في صراعٍ لِمَنْ يميلُ
بعضٌ يضحكُ فرَحاً ودمعُ البعضِ يسيلُ
ولاءُ القريةِ طاغٍ على الإيمانِ دخيلُ ........... أين أمضي ؟

عجَباً لداءِ الكنائسِ لا يلقى شفاءا
فالعلّةُ مافياتٌ في كلِّ عهدٍ لها باعا
علاجها ما يأمرُ به الكاهنُ يُطاعا
ولكنَّ البلْسَمَ في المصالجِ لا يُراعى ........... أين أمضي ؟

لِمَ الكاهنُ يظنُّ عن الخطأِ معصومُ
هلْ هوَ بديلُ الربِّ بالعالمينَ مهمومُ
أم أنَّ الغرورَ وهوى الأنا بها محكومُ
أحقاً يا تُرى مِنْ مباهجِ الدنيا محرومُ ........... أين أمضي ؟

بعضٌ منَ الكنائس في الليلِ غدتْ مراقصْ
لوحةُ الإعلاناتِ فيها مطرباتٌ وراقصْ
وراعٍ من خلالها يبصرُ الدولارَ شاخصْ
نعمْ برناردشو كلٌ يبحثُ عن ما فيه ناقصْ .... أين أمضي ؟

وأخرى في كلِّ عيدٍ لها حفلُ التراتيلِ
لاتينيةٌ كانت أم من أتباعِ الأناجيلِ
أسفي على كنائسي تُحشى بالأباطيلِ
يبغي رعاتُها جاهاً من بناءِ الأساطيلِ   ........ أين أمضي ؟

لكنْ بينهم على النذور باقٍ كما قبلا
جوقةُ الترانيمِ تشدو بالقداسِ ما أحلى
لا صخبٌ ولا هزُّ الخصرِ وهْيَ بالخمرِ ثملى
ولا حجةُ التعارفِ تُغري من لهُ أصلا .......... أين أمضي ؟

في كلِّ عهدٍ لنا بالمسيحيةِ صراعُ
هيَ المناصب من عشقها الإيمانُ يُباعُ
نداءُ المخلّصِ للوحدةِ متى يُطاعُ
فهلْ يُجدي يومَ القيامةِ عُذرٌ أو دفاعُ ......... أين أمضي ؟

لمَ المسيحيةُ من أمسٍ تعاني انقساما
وكمْ من الكنائسِ في الشرقِ صارت حطاما
وماذا عن أفواجِ الصليبِ أُجبرتْ إسلاما
ومواكبُ الشهداءِ بالأجسادِ تُداما ............. أين أمضي ؟

على الصليبِ ماتتْ للإسودِ سيقتْ طعاما
لم تنكرُ الإيمانً بل زادَ عشقاً وهياما
غابَ ما كان قديماً ليس للراعي اهتماما
غيرَ أن يملأَ جيباً بالحلالِ أو حراما ............أين أمضي ؟

إلى متى أحلامُ اليقظةِ تسري في العروقِ
والقناعةُ أنَّ الشعبَ لن يحضى بالحقوقِ
فالحقُّ عمْقُ سباتهِ غيبوبةُ المصعوقِ
والعدلُ حلّقَ عالياً بربطةِ المشنوقِ ........... أين أمضي ؟

هرطقةٌ أطرقْ أطرقْ فعندَ البابِ يسوعُ
شهودُ يهوه تفتري هيَ للحقِّ شموعُ
تحسبُ الفاديَ أنساً عنهُ يشتطُّ الخشوعُ
تنكرُ الثالوثَ رباً إنجيلَهُ لا تُطيعُ ............... أين أمضي ؟

جعلَ المورمونُ منَ الخالقِ مِزواجاً وأبْ
أنزلَ الوحيَ كتاباتٍ على ألواحِ ذهَبْ
غادرَ القدْسَ لأمريكا وفي كفَّيْهِ نُدَبْ
عجباً للعاقلِ أن يتبع رؤيا من كذَبْ  ........... أين أمضي ؟

أيُّ دينٍ يستهوي من المشاهيرِ أتباعا
يصعدُ السُلَّمَ منْ للمنهجِ يمضي ابتياعا
بزغتْ أركانُهُ منْ قصةٍ لاقت سماعا
أصبحَ الكاتبُ للطامحِ معبوداً مُطاعا .......... أين أمضي ؟

أسألُ العدلَ لمَ الفتنةُ منْ نفسِ المكانِ
هلْ هيَ الصدفةُ حقاً أم من تدبيرِ ساسانِ
زيدوا الكنائسَ قيلتْ حقبةً قبل الزمانِ
يرتد عن الأصل طوعاً من ليسَ بالحسبانِ ... أين أمضي ؟
 
أنا اليوم ضيفٌ على الحياةِ غداً مسافرْ
لا أدري كيف السبيلُ ومَنْ مِنْ قبلي يهاجرْ
كلُّ علمي مَنْ على الأرضِ حتماً بعدي يغادرْ
هيَ الأجسادُ على الأجسادِ نامتْ بالمقابرْ......أين أمضي ؟


مَنْ يصنعُ الخيرَ يلقى في الخلدِ خيراً وفيرا
ومنْ يزرعُ الشرَّ حصاده نبتاً مريرا
قطارُ العمرِ ماضٍ نحو منْ رسمَ المصيرا
فرحُ هناك أو الأسنان تشكو صريرا ......... أين أمضي ؟

مَنْ يظنُّ أني عن الإيمانِ زاغٍ واهمُ
كمْ ناقدٍ للكنيسةِ باللاهوتِ فاهمُ
وكمْ حبيبٍ يعاني وهْوَ بالعُشْقِ هائمُ
وما قالهُ غاندي في الواقعِ حقاً قائمُ .......... أين أمضي ؟

أنا مع الإيمانِ رغمَ ما أملكُ من عِلْمِ
أنا معَ العلْمِ وإيماني يُزيدُ مِنْ فهمي
تصميمُ الكونِ إبداعُ الخَلْقِ بالشَكْلِ والجسمِ
بصيرٌ مَنْ لا يعي مصابٌ بالصُمِّ والبُكْمِ ....... أين أمضي ؟

كلما اقتربتُ منَ الإيمانِ نسيتُ بؤسي
أينما سمعتُ إسمَ المسيحِ أحنيتُ رأسي
يسجدُ الشعبُ لمنْ لأجلهِ مشى لرمسِ
هوَ حُبّي وخلاصي كيف لا أفديه نفسي ........أين أمضي

أنا سالكٌ كلّ دربٍ للحقيقةِ يفْضي
 لا أبالي طولَ المسارِ وكمْ به سأقضي
 مقولةُ الحقِّ همّي مهما جابهتُ من بُغْضِ
فمنْ مدرسةِ الحياةِ علمتُ أين أمضي ......... أين أمضي