المحرر موضوع: ذكريات من الماضي : شهدائنا آمنوا بالتضحية كحتمية تاريخية  (زيارة 1286 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل دانيال سليفو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 115
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
كان الرفاق الاوائل يشعرون بمراقبة السلطات الأمنية لنشاطاتهم التنظيمية بداية الثمانينات من القرن الماضي , وقد تم مناقشة الموضوع في اجتماع تنظيم بغداد ( الدورة ) في الشهر الرابع من عام 1984 بحضور الشهيد الخالد يوبرت الذي تحدث عن كونه متأكد من المراقبة وبالخصوص بعد مطالبة الجهة الأمنية في الشركة التي يعمل فيها التعهد بان لا يعمل في أي جهة تعمل ضد الحزب والثورة !. وقال مبتسماً : يريدون إلزامنا بالتوقف عن نشاطنا في إنقاذ وجودنا وصمودنا في المدن والقرى !. كان الشهيد يوبرت مستعداً للشهادة مدفوعاً بإيمانه بالقضية ، وكان يكرر بأن الخوف من الموت يؤدي الى الرضوخ والسكون والضعف أمام الانتهاكات وإبقاء الحال على نفس المنوال ، ويقول مراراً بأن القضية لكي تعيش تستوجب بان يضحي أبناءها "الثورة تأكل أبنائها " . وخلُص الإجتماع الى أن استشهاد رفاقنا جميل وشيبا قبل شهرين من ذلك الاجتماع يرفع درجات الاصرار بالاستمرار بالمسيرة وفاءاً لهم ولمبادئ ونهج الحركة وبأن السلطة تنوي من خلال تشديد مراقبتها وخنق انفاس اعضاء الحركة ومؤازريها بان يتم إطفاء شعلتها لتنسحب من النشاط التنظيمي القومي والوطني . وأهم ما أتفق عليه المجتمعون هو ان الاعتقالات والمطاردات وعمليات التهديد والوعيد والتي طالت عددا من الكفاءات والنخب القومية والثقافية ستؤدي الى رفع نسبة التعريف بعدالة قضيتنا المنسية الى مستوى أرفع وأعلى والتوكيد على طبيعة النظام البعثي القمعي العراقي للمجتمع الدولي والى دول ومنابر عالمية وأممية معتبرة ومؤثرة حول العالم .. وهذا ما حصل فعلاً  في اواسط تموز 1984 . إذ أدت تلك الممارسات الهمجية باعتقال مجموعة خيرة من الرفاق الأوائل ووضعهم في زنازين الامن العامة وتعذيبهم بالقابلات والصعق بالكهرباء والتعليق والتهديد بالشرف والعرض ايضاً , ثم محاكمتهم في محاكمة صورية سريعة في تشرين ثاني 1984 وعزل المحكومين بالإعدام عن المحكومين بالمؤبد في زنازين مختلفة . وظلت أخبار الشهداء المحكومين تصل الينا اسبوعياً من خلال الجنود والحراس الأمنيين وموزعي الارزاق والمنظفين السجناء الى انقطع التواصل فجأة في الاسبوع الاخير قبل عملية الاعدام والتي تمت في 3 شباط 1985, وجاء الخبر الصاعقة من ذوي الشهداء وأقاربهم في زيارات السجن ( المواجهة ) الذين شرحوا عمليات التعذيب الاخيرة التي تمت بأجسادهم الطاهرة. مما صعّد لدينا درجة الغضب والإصرار على الصمود وتحّمل المشقات وكانت إجاباتنا لمن أراد إخراجنا من المعتقل من ذوي النوايا الحسنة بأننا لن نخرج حتى لو فتحوا ابواب السجن أمامنا لأننا أصحاب قضية وخروجنا يعني تنازلنا عن مبادئنا وعن دم الشهداء .   
 الشهيد يوسف توما يتصف بالهدوء والأخلاق الرفيعة وكان يحمل الكثير من الحكمة والوعي بقصص الشهداء وحركة الشعوب نحو الانعتاق .. وحينما كنت اتحدث عن الشهادة والاحكام الجائرة التي تنتظرنا , كان ينصحني  بان يتم تأجيل الحديث عن الشهادة الى أن تتوفر مستلزماتها لدى الجميع وتتكامل عن وعي عميق واستعداد وتضحية ولان الشهادة تأتي في المراتب العليا من الوعي القومي والسياسي ، وإنها ستأتي بعد نضوج المفردات التنظيمية والثقافية. وكان الشهيد يوخنا يعيش معاني الشهادة في حياته ويدرك تماما همجية النظام وإسلوبه القمعي ، ويحلل الأمور بلغة المنطق والواقع الذي لا يعرف المفاصلة والمداهنة حينما يتعلق الأمر بالمصير , ولكنه كان يتمنى أن تتاح له فترة أطول ليقدم المزيد من العمل لصالح القضية لأننا ما زلنا في بداية الطريق وأمامنا الكثير لكي نعمله .
شهداءنا ساروا بخطى واثقة في طريق التضحية ، وكانوا يعلمون بأن ذكراهم ستظل حية في القلوب  وبأنها ستظل ذخراً هادياً وخميراً حيّاً  لرفاقهم وشعبهم ، وكانوا على حق ، إذ ظلت المسيرة قائمة وساروا آخرون على خطاهم . مبروك لكم ما نلتوه من وسام المحبة والتعظيم ، فمسيرتكم ما زالت بأيدي أمينة من الآلاف الذين رخصوا حياتهم للدفاع عن الوجود وعن المستقبل ضد العنجهية والظلامية . ولتسكن أرواحكم ولتهدا النفوس فأن طواغيت الماضي قد اخزاهم الله بفناء أبدي ، وهو ذات المصير الذي ينتظر جهلة اليوم .
دانيال سليفو




































































































































































 

غير متصل Adnan Adam 1966

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2883
  • شهادة الحجر لا يغيرها البشر ، منحوتة للملك سنحاريب
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شلاما وتحياتنا أستاذ دانيال
كثيراً  عندنا الاهتمام مثل هكذا مقالات لما تحوي من معلومات هامة وخاصة معلومات تأتي من اساتذة قريبين  من واقع الحال ، وحبذا لو تنشر لنا مقالات عن وجودكم في سجن النظام السابق مع رفاق زوعا الاخرين ولكي نعرف منكم عن قرب ماذا كان يحصل لكم وانتم في سجن اعتئ دكتاتوريات العالم ،وخاصة أنكم كُنتُم قذ قضيتم عدة سنين في السجون البعثية ،،
تحياتي

غير متصل دانيال سليفو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 115
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
عزيزي أستاذ عدنان المحترم
ما تفضلت به ضروري جداً .. وسأحاول تنفيذه مستقبلاً .. تحياتي .

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذ دانيال سليفو المحترم
تحية
لا احد يجب ان ينكر التضحية الكبيرة التي قدمها كل من استشهد لاجل امتنا، وهنا نحن بخصوص الياءات الثلاثة (يوسف ويوبرت ويوخنا) فما قدموه لم يقدمه انسان اخر منا، ولهذا فانهم سيبقون في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال القادمة خالدين الى الابد، ولكن مداخلتي تخص نقطتين وهي ان استعمال الثورة تأكل ابناءها غير مناسب ، لانه استعمل بعد الثورة الفرنسية وعني به ان الثوار بداو يقتلون بعضهم بعض، وهذا لم يحدث في حركتنا القومية وان كان هناك حوادث معينة فانها لم ترتقي الى القتل وانشاء الله لن نرى هذا اليوم. والامر الاخر ملاحظتي ان بعض الاخوة من الحركة ممن يكتبون عن الشهداء الثلاثة، يحاولن القول ان الشهداء مشوا الى حبل المشنقة بارادتهم وهو الامر الذي ليس مقبول، فالشهداء اعدموا غيلة وغدرا، لانهم كانوا يؤمنون بمبادئ وقيم، اعتبرها الطغاة تهديدا لهم. من هنا تأتي قيمة الشهادة وليس من الإرادة والتصميم للموت، التي تعني الانتحار وهذا نبريه من شهدانا الابرار.
وشكرا
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ