المحرر موضوع: تأمل في تجارب الرب في البرية لفترة صوم باعوث نينوى  (زيارة 587 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الاب توما ككا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 153
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تأمل في تجارب الرب في البرية لفترة صوم باعوث نينوى
متى : 4
الاب توما ككا – نيوزلندا

التجربة الاولى
 "1ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا. 3فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا . 4فَأَجَابَ وَقَالَ: مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ "
التأمل:

 نرى احبتي ان الروح القدس هو الذي قاد الرب يسوع الى البرية ليجرب من الشيطان! هذا ما نمر به في حياتنا يوميا، اي كل تجارب حياتنا هي بعلم من الله، وليست من الله، كما يعتقد البعض، بأن الله هو الذي يجربنا ليكتشف ايماننا.
الله يعلم ما في القلوب ويعرف تماما قوة او ضعف ايماننا. الله لا يجربنا ولكنه يعلمنا من خلال تجارب حياتنا. الرب يسوع لم يصوم لكي يتغلب على إبليس، الرب يسوع له السلطان في السماء وعلى الارض، ولكن صوم الرب هو من اجل ان يظهر لنا بأنه كان انسانا مثلنا يجوع، يحزن يجرب ويتألم وكان يعلمنا ايضا كيف لا نخضع للتجارب والاستسلام لها.
"فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً": الرقم (40) يشير الى زمن المحنة والضيق والالم ولكن ينتهي باللقاء مع الله. ف كما ان موسى صعد الى الجبل وبقي (40) يوماً وبعدها تكلم مع الله، هكذا ايضا الشعب العبراني بقي (40) سنة في البرية في التجربة والمحنة والمعاناة وبعدها ادخله الله الى أرض الميعاد، ومثلها الرب يسوع صام (40) يوماً وبعدها جاءت الملائكة لتخدمه لتبتدأ بعدها رسالته الانجيلية الخلاصية.
وحسب المعتقد اليهودي بأنه عندما يموت انسان ما، فان روحه تبقى ترف فوق جسده لمدة ثلاثة ايام وبعدها تبتعد عن جسده وتبقى بعيدة عن الجسد لمدة 40 يوما وبعد 40 يوما تذهب الى العالم الاخر اي تنفصل تماما عن الارض.
" إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا": اراد المجرب من قوله هذا ان يشكك الرب يسوع، الابن، بأبيه السماوي، حتماً الشيطان اخذ هذه العبارة من حدث المعمودية عندما سمع صوت من السماء قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، اراد ان يشكك الابن بابيه، اي ان كنت صحيحا ابن الله، كما قال لك في معموديتك، فليمنحك السلطان ان تحول هذه الحجارة الى خبز! ولكن الرب يسوع لم يخضع للشيطان لأنه ان عمل ما طلب منه الشيطان يكون الرب يسوع بذلك قد اصبح انسانا خارقا حيث بإمكانه ان يحول الجماد الى الطعام، ولكان الكثير من الناس يتبعوه، لا من اجل رسالته الخلاصية، بل من اجل اعماله الخارقة للطبيعة.
 من جهة اخرى، نقرأ في سفر التكوين الاصحاح الثالث، انه عندما اخطأ ادم وحواء، قال الله لادم، "بعرق جبينك تأكل خبزك"، وان كان يسوع المسيح قد حول الحجارة الى خبز، لأصبح الرب يسوع مختلفاً عنا لانه قد أكل بدون عمل وكد.
يسوع المسيح كان يأكل ويشرب ولكن ايضاً كان يتعب كثيرا بالتعليم والكرازة ويتنقل من مكان الى مكان، لذلك أجاب يسوع المجرب وقال " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" هذه العبارة مأخوذة من سفر تثنية الأشتراع (8: 3) ولأن الإنسان يمتلك الجسد والنفس، فان الخبز يحيى الجسد وكلمة الله تحمي . هذه العبارة تشير بوضوح الى المسيح نفسه، لأن المسيح كان هو الكلمة والكلمة صار جسداً وحل بيننا، هذا ما نقرأه في انجيل يوحنا الاصحاح الاول.
 أما لماذا قال المجرب للمسيح أن يصنع من الحجارة خبزاً ويأكل، ولم يقل مثلاً، الأشجار أو النباتات أو الاشياء الاخرى، فلأن في البرية التي جرب فيها المسيح، أحجار كثيرة وكان تصميمها مشابهاً لأقراص الخبز، وعندما تضرب عليها أشعة الشمس فكان منظرها يشبه الخبز وشهياً.
 التجربة الثانية
" 5ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ، 6وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. 7قَالَ لَهُ يَسُوعُ: مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّب الرَّبَّ إِلهَكَ".
التأمل

حينئذٍ أخذه إبليس الى المدينة المقدسة ... لا يتكلم الانجيلي هنا عن الانتقال الجسدي بل انتقال داخلي (الفكر)، فالكثير من الاحيان نقع في تجارب عدة ومن خلال المدينة المقدسة، يريد الانجيلي ان يقول لنا بأن الشيطان لا يتوقف عن محاربتنا ببعض الامور فقط بل يصل به الحد الى أن يجربنا في اماكن الله المقدسة.  مرات عديدة نقول بأننا في الكنيسة او نحن مؤمنون لذلك لا يستطيع الشيطان الاقتراب منا ومحاربتنا! ولكن يحدث العكس فالشيطان يحاول بكل قوته ان يوقع المؤمنين بالخطيئة، وايضا في الكنيسة بإمكانه ان يؤثر علينا عندما نكون في الكنيسة عندما تتجه افكارنا نحو الخبث والطمع والحقد و...الخ، فنرى ان الشيطان هنا أقوى مما كان في التجربة الأولى، لانه قد ارتقى على المستوى الأيماني، بإستناده الى الكتب المقدسة، اي استعمل آيات من المزامير (مكتوب : يوصي ملائكته) نص المزمور (91 : 11-12).
اليوم نجرب ونشكك في ايماننا من خلال بعض الانبياء الكذبة الذين يعلمون التعاليم الكاذبة والملغمة والمبطنة بفخاخ الشيطان.  كان عرض الشيطان على المسيح أن يوافق على طلبه اي "إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ" وهذا يشكل اثباتاً كما قلنا سابقاً للجموع في الهيكل، على انه انسان خارق وليس المسيح المنتظر المطيع للأب.
التجربة الثالثة
"8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9وَقَالَ لَهُ: أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي. 10حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ. 11ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ".

 فأخذه إبليس الى جبل عال جدا (4 : 8-11): للجبل معنيان، معنى سلبي ومعنى ايجابي.
 المعنى السلبي للجبل يشير الى الكبرياء والغرور والالم والمحن والمشاكل و...الخ ونلاحظ ذلك في قول الرب يسوع فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ) (مت 17: 20). والمعنى الثاني الايجابي: الجبل سابقا كان مكان اللقاء مع الله، وكما نرى الرب يسوع عندما كان يريد الصلاة كان يصعد الى جبل الزيتون ويصلي الليل كله، وايضا في حدث التجلي، وظهور الله لموسى في العليقة في جبل حوريب، وايضا استلامه الوصايا العشر.  وهذا ما نراه في حياتنا، فالكثير من الرؤساء والدول والعظماء و...الخ يجعلون من انفسهم إله يجب على الاخرين عبادتهم وتقديسهم.
نلاحظ من تسلسلية التجارب الثلاثة: السابقة ان في التجربة الاولى، حاول الشيطان ايقاع المسيح بانسانيته وبنوته، وفي التجربة الثانية ارتقى الى مستوى قدسية بيت الله والكتب المقدسة، ولكن في التجربة الثالثة ارتقى الى مستوى اعلى اذ جعل من نفسه إله ويجب الخضوع له.

 المصادر: الكتاب المقدس.