ليسَ شعراً إنّهُ قلبي
أخي العزيز والغالي زهير بحزن كبير وأسى عميق ، اقدم لك تعازي القلبية الحارة بوفاة اختنا الغالية نادية، رحمها الرب وأقامها في ملكوته الابدي كما وعد لتلاميذه وللمؤمنين بإسمه له المجد
كانت واعية جدا، قوية في كلامها، مازحة في حديثها، الى الايام الاخيرة. تأثرنا كلنا في هيبتها ووقارها وجلدتها وعزمها وإيمانها ! في الوقت ذاته، كانت وديعة ولطيفة وبشوشة انا واثق بأنها لم . تمت، بل انتقلت الى وطن الله الكبير حيث القديسون يتلألؤون كالنجوم في سماء الله.
الاب أنيس
.................
نادية
يكفي أنّكِ متِّ ك (أنتِ)
وليسَ ك (ميّت)
..............
للموت سرٌّ
لا نعرفه
إلا حينما نموت
..............
أيّتها السماء
نادية كانت تحبّك
فافتحي القلبَ لها
خذي بيديها
وأجلسي اليها
ستقبّل كلَّ شيءٍ ببراءة
وتبتسمُ كورد
وتتحدّثُ كنحل
وبخشوعٍ ستترنّم
أبانا الذي
والسلام عليك
.................
لا يكفُّ الكلامُ عن البكاء
كيفَ أحكي وأنا أبكي؟
ولحسنِ الحظَّ أنَّ السماءَ ليلة أمس
هنا في حضني
أيضاً كانتْ تبكي
مطر مطر وبيدي تابوت
مطر مطر وبيدي منفى
مطر مطر أيّها الاعمى
أريدُ أن أصلَ الى الضوء
والسماء تقولُ نعياً
فيدمعُ معي الهواءُ أيضاً
بفمي المفتوحِ كمقبرةٍ
أهذي بكاءً كطيرٍ ميّت
يحدُّق بعينينِ متشرّدتين في منفى
يشبهُ شبكةَ صيدٍ في شفتي ماء
فيا ربّ خذْ بيد نادية
أغصانُ الزيتونِ بيديها
معجم ورد وكلام براءة ودن حنان
ستوزّعها هناك كما هنا
بقبلتها الورد وقلبها النحل
وعيونها النبع
تشبهُ قربان فجرِ الفصح
في رنّات أجراسِ كنائسِها المقدّسة
ها هي أراها تاتي
تسألُ كما اعتادتْ عن طفل
أضاع قبرَ أمّه
عن إمراةٍ ما زالت تترنّم بمزمارِ
نهدِها باسمِ إبنها الفقيد
في باحةِ ماريوحانا
منذُ باقتي عمرٍ ورصاص
عن وطنٍ أضاعَ مرضاه
وأطعمهم السكرَ والضغطَ والسرطانات
عن مرضى ماتوا خطأ في وطني
كيف تعرّفَ إليك
المسكوتُ عنه الموت؟
أما كانَ لهُ أنْ يخطأ
ويعبرَ الى أيِّ سواد
هل حكمة الأزل؟
أنْ تختارَ السماءُ الورود
فيا رب
أكنتَ تحتاجُ الى ورود؟
أما كانَ لكَ أنْ تمهلها أكثر؟
كنّا نحتاجُ الى عبقِها
لم أقرأ في النبوءةِ
وسعها أنْ تحبَّ البراءة
لتملأَ التراتيل من فمِ نادية
من بابِ الحياة
الى بابِ الموت
فكيفَ سمحتَ أيّها الموت
نادية من الحياة أنْ تخرجَ
لم أكنْ أتصوّر
أنّك سترحلينَ مبكّرا
وأنَّ الحياةَ التي تحبّينها
ستخونُك وتلفّك في نعشٍ أعمى
فلو كانَ للنعشِ بَصَر
لتمرّدَ مرّاتٍ على الموت
.............
إنّه النور
تصبّه نادية
في فنجانِ دفئها النوراني
وحنانِها الوردي
طيورُ بشاشتِها في سماءِ الرب
في أبهى شمسٍ تدور
وأحنّ قمرٍ ناعس
ترقدُ نادية
وتغفو ويغفو في فمِها قربان
وتشعُّ من يديها كنائسُ يخديدا
ثمّة طيورٌ تذهبُ الى هناك
لتقرعَ أجراسَ فجرِ بخديدا
في يديها
ثمّة نبضٌ من يديها يأتي ليقبّلَ
حاراتِ وشوارعَ وكنائس واوشعنا وأنواء وأضواء بخديدا
ثمة بخديدا تحضرُ اليها هناك في منفاها
لتشيّيعها كملاك
لا لستُ أقولُ وداعا
ثمّة شيء فيك
يطعمنا الصبرَ والقربان والسلوان
وحضورُك جنانٌ خضر
براءةُ ضحكتك خبزٌ وكلام وربيع
وأنتِ تنثرينَ الرحيلَ المبكّر
الى الملكوتِ الابدي
لن أقول وداعا
لأنّك أنتِ فيّا
لن أقولَ سوى
رغبتي أن أقبَل نعشَكِ
كما قبّلتُ نغشَ أُمّي
.............
أوتذكرينَ يا نادية؟
في سنِّ الحليب
أقصدُ سنّ الطفولة
وبعدَ ثلاثةِ أعوامٍ من ولادتِك
كنت ببجامتي البازة المقلّمة
ووكاحتي الموقّرة
بناءً على رغبة أمّي
أحملكِ على رقبتي
كدولابِ هوى
وأتزحلق لأتفادى الصمتَ صارخا مترنّما
بصوتِ زهور حسين ومحمد عارف جزراوي
وحسن خيوكة والكبنجي وداخل حسن وبرواري
من مقاهي شارع الباتا في اربيل
ولأنّك كنتِ صغيرة
كنتُ أركضُ والقططُ معي تركض
وأنتِ تقهقهينَ كموائِها
وأبي من نافذةِ البنك
يبتسمُ لنا
ومعنا تركضُ الشمسُ والشوارع والهواء والارض
والماء والدكاكين والصيدليّات والاستوديوهات
وابواق السيارات وجنود الجمهورية واصوات الباعة والمطاعم
حديقة المتصرفيّة ووجهك المليء بالزهور والكلام البريء
وقامتك النحل وعينك الضوء أصابعك نوافذ الصباح والحرير والبيبون والدفلى والنرجس
وكنتُ حينَ أتعبُ
أبحثُ عن سببٍ لنرجعَ للبيت
فأقرصُك وتبكين
أقولُ لأمّي
أنّها لا تسكت
......................
من منفى الى منفى نحملُ منفانا
ونُنفى
من منفى الى منفى
نحملُ مرضانا
ونُنفى
من منفى الى منفى
نحملُ موتانا وننفى
حتى وإن ذهبنا الى جنّتك يا رب
فأنّنا منها فقط
لا نُنفى
من منفى الى منفى
نحملُ آشور ونينوى وبابل وأور
أشنونا والحضر وكالح
بغداد ونينوى والفيحاء بصرة
أربيل والنجف وديالى
والهور والجبل والبردي
نبحثُ في أي مكان
عن منفى
حتى صارت أجسادنا لنا منفى
منفى يدخلنا مشفى
ومشفى لا يمكن له ان يَشفِي
...........
من يبكيني من بعدك
يا نادية
..........
يقول شاكر سيفو
ا
(هل اقول مرحبا ام اقول ممتلئا حزنا ووجعا وحسرات وماذا بعد يا ويلي يا ويلي يا اخي وهل تكفي كل قواميس الدنيا ان نكتب حزننا العميق لقد طالت احزاننا قامات النخيل في بلاد الاحزان يا اخي لقد فوجئنا وفجعنا بنبا رحيل اختنا نادية ندى الروح والزهر والعنقاء والرعد والسعد والخليل وااااااااااااااااااااااااااااااااحزناه الى اين نمضي يارب وكلام الحياة الابدية عندك يا رب ارجوك لا بل نرجوك كلنا اعد نادية الينا كي نشبع من نور عينيها ولو لبضع سنين لقد خطفتها ملائكتك بسرعة من بين ايادينا)
آخ يا شاكر
أقولُ يا رب
إذا قرّرتَ أن تأخذَ نادية
فضعْها في أيّ مكان
يحتاجُ الى نادية
لأنّها كما يقولُ الاب أنيس
(كانت وديعة ولطيفة وبشوشة واعية جدا، قوية في كلامها، مازحة في حديثها،. تأثرنا كلنا هيبتها ووقارها وجلدتها وعزمها وإيمانها