المحرر موضوع: حرائق زمن الانهيارات  (زيارة 5263 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حرائق زمن الانهيارات
« في: 11:26 24/04/2017 »
من البعيد نرى العروس مرتدية حرائق زمن الانهيارات!
 فجأة، ذاب فرحها العتيق..
 فجأة، تناثرت بهجتها وصمتت ضحكتها، وسقط الإكليل الأبيض من فوق الرأس الفاتن!
 أين كانت تنتظركِ كلّ هذه الحرائق؟..
 أين كانت تنتظركِ كلّ هذه الأصابع المحشوة بالرماد؟..
 كان ماضيكِ طوق ياسمين على كلّ عنق..
 كان حاضركِ أكداس ضوءٍ تتجمع في كلّ عين..
 اليوم، أنتِ متَّشحة بالسواد.. وجهكِ مسوَّرٌ بالانكسار.. صدركِ محشوٌّ بالصراخ، والفم مملوء بتراب التلاشي..
أين كان ينتظركِ كل هذا التمزق؟
أين كان ينتظركِ كلّ هذا التفتت؟   
كنتِ باباً مشرعاً أمام القاطنين في كلّ زمان..
كنتِ ملجأ أمان للهاربين من وجع الأيام..
اليوم، أنتِ  ساقطة في جوف المرارة.. أحلامكِ مبعثرة.. آهات نشوتكِ مخنوقة، والعين تبكي الفرح الذاهب والوجع الذي أتى..
أيُّ زمنٍ سيصغي إلى صوتكِ الحزين؟
أيُّ زمنٍ سيصغي إلى صراخكِ، إلى الأنين؟
وأيُّ حب هذا الذي يشدّنا إليكِ؟
ذات يوم انطفأت أنوارنا.. تكدّس اللون الأسود حول أنظارنا وقلوبنا، والقهر ارتدى أوقاتَنا.. كَبُرَ ضجرنا.. كَبُرَت المرارة في حلوقنا..
ربما كان النور يأتي ويذهب، غير أنّ اللون الأسود كان أكبر، كان مصمّماً على ابتلاع قدرتنا الصابرة بشراهة عجيبة..
يومها ذهبنا إليكِ حالمين بالاتكاء على كتف الأمان، حالمين بالاتكاء على كتف بهجتكِ المقيمة..
 ويومها انفكَّ حصار اللون الأسود، وبُعِثَ الرجاء بعدما غاب الرجاء!
أيتها الفاتنة.. الساحرة...
تذهبين أنتِ، و تبقى ذكرياتنا معكِ..
تُسوِّركِ أوقاتُ التلاشي، وتبقى نظرتنا البعيدة إلى العروس المرتدية حرائق زمن الانهيارات!
ولكن، هل أنتِ ذهبتِ؟..
لِننظر عبر زمنكِ الراحل...
كتاب أيامكِ مملوء بالوجع!
الصفحات ممهورة ببصمات الأيدي المجهولة، والأرض تكشف عن مواقع أصابع شديدة الوخز..
لم تكن الأيام مسكونة بالشفافية، لكنكِ كنتِ مسكونة بالصلابة..
وجهكِ المشع سيهزم كل رغبات الطعن.. ابتسامتكِ المشرعة ستصرع كل نزعات الغدر، ويدكِ الحانية ستُنزل الأسواط من فراغ الدخان الأسود الكثيف!
لذلك، نتذكركِ ونسأل: هل أنتِ ذهبتِ؟
 أبداً...
أنتِ باقية.. باقية فينا، وباقية على رصيف الزمن الآتي..
نعم، انتظاركِ يكبر، لكنَّ انتظاركِ صلب الكيان.. انتظاركِ أكثر صلابة من مفاجآت هذه العصور المرتبكة، والأمس الضاج بالزهو سيعود، وسترتدين بياضكِ العتيق مرةً أخرى ..
نعم، عيناكِ تمتلآنِ بالدهشة والاستغراب، وبدمعٍ متجلّد، لكنَّ راحة كيانكِ آتية، لأنكِ لم تألفي القبول أو الخضوع أو الاستسلام..
ستمتد أصابعكِ لتأخذنا إلى حلمكِ الأبيض، وستستعيديننا، نحن أبناء الأرض الراكضين وراء سراب الصفاء الشامل..
ستمتد أصابعكِ لتأخذنا إليكِ نحن عشاقكِ الأبديين الذين لم تبدلنا عليكِ الأيام..
يا عروس الزمان...
من أجلنا سيحتوينا وجهُكِ لتعود إليه ابتسامته المشرقة..
من أجلكِ أيتها الفاتنة المحترقة سيحتويكِ شغفُنا بكِ..
فكلّ عرائس هذا الزمن الجاحد يرفضْنَ استعادة وجوههنَّ..
كل فاتنات هذه الدنيا تسربلْنَ بالأوقات المخنوقة، وأنتِ، أنتِ وحدكِ القادرة على استعادة وجهكِ، و وجوهنا..
عنكاوا.. أنتِ فخرنا..
 
 
 




                                                                     

                               
 
 




                                                                     



غير متصل بطرس هرمز نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 440
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #1 في: 12:19 25/04/2017 »
صديقي العزيز كمال
نص جميل مليء بالروعة رغم حرائقه ، عنوانه يصلح ليكون عنوانا لرواية  ،  كنت افضل  ان ينشر   في زاوية الأدب كي يظل في الصدارة لمدة أطول   تحياتي لك
بطرس نباتي

غير متصل falpatty

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 393
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #2 في: 14:22 25/04/2017 »
الصديق العزيز كمال ...حقا انه نص مؤثر واستذكار مؤلم وصرخة موجعه  لما حدث لعنكاوا الشامخه  في تغير ديموغرافيتها والتلاعب في مقددرات اهلها.في هذا الزمن الردئ ..
 الف تحية لك ولقلمك ولنصك الرائع
  فريد قرياقوس داود

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #3 في: 05:24 26/04/2017 »
الصديق العزيز بطرس نباتي..
تحية عطرة..
أشكر مروركم الكريم على المقال والتعقيب عليه..
نعم، النص طغى عليه الأسلوب الأدبي، وهي محاولة مقصودة مني لإضفاء جمالية زائدة إلى المضمون، وكما تفضلت، كان عليَّ نشره في حقل الثقافة والأدب، إلّا أنَّ عدد زوار هذا الحقل - للأسف الشديد - هم قلّة، ربّما لأنه مخصص للنخبة، وبغية فسح المجال لأكبر عدد ممكن من القراء للإطّلاع عليه، ارتأيت نشره في المنبر الحر.. 
أخي بطرس / ماذا عسانا أن نفعل: أنا، وأنت، ومن كان على شاكلتنا، إزاء الهجمة البربرية التي تتعرض لها بلدتنا (عنكاوا)، التي هي إرث الآباء والأجداد، وأمانة السلف الصالح في أعناقنا.. لا نمتلك غير هذا القلم سلاحاً للدفاع عنها في وجه قذائف الحقد التي بدأت - منذ ردحٍ من الزمن - تنهال عليها من كل حدبٍ و صوب، وكلّما كان هذا السلاح مشحوناً بالعاطفة، كان وقعه أكبر وتأثيره أسرع في تأجيج المشاعر وكسب الأصوات الرافضة لهذا المخطط الجهنمي المشبوه... لا أريد أن أطيل أكثر لأنني متيقّن و واثق من مشاعرك..
مرة أخرى تقبل شكري مع فائق الإحترام...
                أخوكم / كمال

 
 

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #4 في: 16:53 26/04/2017 »
إلى صديقي العزيز وجاري القديم الأخ الكبير فريد قرياقوس المحترم..
أسعدني كثيراً مروركم الكريم على المقال وتعقيبكم عليه..
كل الشكر لكم على تواجدكم الجميل في هذه الصفحة، وردكم الرائع المفعم بالمحبة، وثنائِكم الذي يحملني للسحاب..
تأكد يا أخ فريد، أنَّ الحالمين يصعب عليهم الرضوخ تحت أشد الأضواء سطوعاً..
ليس لنا نحن أبناء (عنكاوا)، غير الاستعانة برب العالمين، لينتقم ممن أساء وتطاول على هذه البلدة الوديعة..
تحياتي القلبية لك وللعائلة الكريمة، وتحية خاصة للعزيزة ( مي ).
لكم خالص احترامي..
   أخوكم / كمال

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #5 في: 16:57 26/04/2017 »
الى الأخ والصديق الحبيب الكاتب المتألق الأستاذ كمال لازار المحترم
تقبلوا محبتنا الأخوية مع أطيب وأرق تحياتنا يا ابن عينكاوه الشامخة
انبهرنا حقيقة عند قرأتنا لوصفكم الرائع والجميل لمدينتكم ومدينتنا عينكاوه الخالدة خلود الزمن والتاريخ والتي ستخلد الى الأبد بوجود أبناء نجباء لها من أمثالكم وغيركم الكثيرين من الأصدقاء الطيبين الذين تربطنا بهم علاقات صداقة ومحبة ، وقد أبدعتم في التعبير بهذا الشأن عندما قلتم أقتبس " أنتِ باقية.. باقية فينا، وباقية على رصيف الزمن الآتي.." نعم إنها ستبقى شامخة لأنكم تحملونها في قلوبكم وقُرة عيونكم رغم أنف من يسعى الى إلحاق الأذى بها من الغرباء الطامعين والحاقدين ... نعم ستبقى عينكاوه لأنها فخركم وعزتكم وكرامتكم فمتى ما فقدتموها فقدتم وجودكم ..... دمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

                 محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد                 
   

غير متصل كمال لازار بطرس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 160
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #6 في: 17:17 28/04/2017 »
إلى أخي وصديقي العزيزالكاتب المقتدر خوشابا سولاقا..
تحية بعبق الورد..
نبض من الجمال يتدفق بمروركم الرائع على كتاباتي، فتستنير به مواضيعي، وتبتهج فرحاً..
يسعدني دائماً هذا الحضور الدائم المميز، وهذا الثناء والإطراء الذي يقف أمامه منطقي حائراً، لعدم توافر ما يناسبه من الكلمات، والتعبير يقصر دونه، لما يحمله من تعابير نقية و وفية ومخلصة..
شكراً لكم من الأعماق على كلماتكم الطيبة الراقية المعبّرة، التي دائماً ما تجعلني أقف احتراماً و إجلالاً لكم..
أخي العزيز خوشابا / نعم، (عنكاوا) هي بلدتكم، وبلدة كل إنسان مخلص شريف، يحمل في جيبه بطاقة الغيرة والنخوة والشرف..هي بلدة كل إنسان ينتمي إلى هذه التربة، وحريص على البقاء فيها، كما هو حرصه على أبناء شعبه، ومسؤولية المحافظة عليها تقع على عاتق جميع الخيّرين من أبناء شعبنا، لأن بسقوطها (لا سامح الله)، يسقط الجميع، فهي الدرع الواقي والحصن المنيع، والساتر الأخير الذي يضمن لنا البقاء في أرضنا والعيش فيها بكرامة، فوجودنا مرهون بوجودها حرة، لا يعكّر سماءَها دخان أسود، أو أيّة غيوم داكنة..
تقبلوا خالص احترامي وتقديري..
لكم كل المحبة، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام..
                        أخوكم / كمال

غير متصل عبد فرنسي

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 21
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #7 في: 06:55 13/11/2018 »
الى اخي وصديقي العزيزاستاذ كمال لازار المحترم - بصراحة  انا عاجزعن التعليق وحتى من ايجاد كلمات مناسبة للرد للوصف الرائع باسلوبك الادبي وبمشاعرك الاكثر روعة  تجاه بلدتنا التي عشقتها بكل ما تملك من مشاعر واحاسيس نابعة من القلب الصادق الحريص -كل هذا الوصف الحزين والمؤلم لواقع  هذه العروسة هناك من يعتبر هذه الاوصاف  بترويج واكاذيب وتشويه وحقد على بلدتنا من قبل ابنائها لان يعتبرون هذه الاوصاف تطورا مع الزمن وتحصيل حاصل ومبالغات بحق عنكاوا من الحاقدين تقبل محبتي يا ابن عنكاوا البار- عاش قلمك وتسلم اناملك 
 

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: حرائق زمن الانهيارات
« رد #8 في: 08:03 13/11/2018 »


السيد كمال لازار المحترم

يا له من عشق صادق
كنتُ اظن ، وأنا استرسل في  قراءة الأسطر الجميلة ، بأن الخاتمة ستقودنا الى " ‏الكنيسة " المنتهكة الصامدة ،  تلك العروس التي إنتهكوا حرماتها ونزعوا ‏الصلبان من تيجانها ، لكنها بقيت شامخة ,,,‏
لا بأس ، فإن عنكاوا وكل بلدة مسيحية اخرى يحاولون النيل منها ، هي " الكنيسة ‏‏" ذاتها .‏
‏ تحياتي

متي اسو