الكلام الصحيح سليقة أكثر منه تعلُّم، والسليقة إنّما تتكون من كثرة ما يسمعه المرء من الفصيح الصحيح، فما جدوى دروس العربية النظرية الجافة إذا كانت (الدروس) التطبيقية في ميادين العمل، سواءً في الإذاعة والتلفزيون أو في الصحافة، أو القصص والروايات المترجمة وغير المترجمة، تجرف من ذهنه كل ما تعلمه في حياته الدراسية؟ حتى أنا الذي كانت سليقتي منذ أيام الحداثة سليمة قويمة لكثرة ما قرأت من لباب الأدب العربي في أحسن أساليبه.. أراني اليوم قد أَلِفت الأخطاء لكثرة تردّدها على سمعي من الإذاعات ومحطات التلفاز، وقراءةً في الصحف والمجلات، حتى صار بعضها، أي - الأخطاء – يغافلني فيندس في كلامي، ويجري على قلمي حين أكتب أو على لساني حين أقرأ أو أتحدث..
وليس بالإمكان استقصاء كل الأخطاء، فإذا كان المرء جاهلاً باللغة فكل الأخطاء ملك يمينه.. لهذا سأتناول هنا أهم هذه الأخطاء وأكثرها شيوعاً، وسيكون تركيزي في هذا الجهد المتواضع على السماعية منها، وأقصد بها الأخطاء التي لا نشعر بها حين نقرؤها، بل حين نسمعها، لأن عدم ضبط الألفاظ بالحركات على الحروف يجعل كلاً من المصيب والمخطئ ينطقها على طريقته.. وكل كلمة لم يتعلم المرء نطقها الصحيح فهو معرض لأن يُخطئ فيها، ناهيك عن تلقّن نطقها مغلوطة من معلميه. وعندئذ قد يكتبها صواباً، ولكن يقرؤها خطأً..
وإليك عزيزي القارئ بعض هذه الأخطاء:
تجربة: نطقها يكون بكسر الراء، وليس بضمها (تجرِبة)، وجمعها أيضاً بكسر الراء (تجارِب ).
قمّة: بكسر القاف (قِمّة)، وليس بضمها.
إرباً إرباً: ينطقها بعضهم بفتح الراء زِنَة (عِنَباً)، والصواب بتسكين الراء وليس بفتحها (إرْباً إرْباً).
اضطرَّ إلى الشيء: فتح الطاء خطأ. والصواب (اضطُرَّ) بضم الطاء.
أعجب بنفسه: فتح الهمزة بصيغة المعلوم خطأ. والصواب: أُعجِبَ بنفسه، بصيغة المجهول، فهو مُعجَبٌ بنفسه.
أكفاء: يقرأونها بالتشديد زِنَة (أحِبّاء و أعِزّاء)، وصوابُها بالتخفيف (أكْفاء)، زِنَة (أبناء و أسماء).
بخور، فطور، سحور: هذه الكلمات ينطقونها بضم الأول، والصواب: بَخور، فَطور، سَحور، أي بفتح أولها.
بلعوم: الصواب نطقها بضم الباء (بُلعوم)، لا بالفتح.
حلقوم: الصواب نطقها بضم الحاء (حُلقوم)، لا بفتحها.
بنية: بكسر الباء (بِنية)، وليس بضمها.
ترجمة: يُخطئ من ينطقها بضم الجيم، فالصواب (ترجَمة) بفتحها.
تعالي: نداء للأنثى، ينطقونها بكسر اللام. والصواب (تعالَي) بفتحها.
عبوة: عبوة ناسفة، بعضهم ينطق عُبُوَّة زِنَة (فُتُوَّة) بالضم والتشديد. والصواب (عَبْوَة) بالفتح، زِنَة (رَبْوَة).
ثغرة: ينطقها الأكثرون (ثَغرة) بالفتح. والصواب (ثُغرة) بالضم.
ثكنة: نطقها بالفتح زِنَة (سَمَكة) خطأ. الصواب: (ثُكْنة) بالضم، زِنَة (غُرفة).
جلطة: يكثر الحديث عن الجَّلطة الدموية (الدماغية)، أو الجَّلطة القلبية بالفتح. والصواب: (الجُّلطة) بالضم.
شمال: بمعنى الجهة الجغرافية المقابلة للجنوب، هي (شَمال) بفتح الشين. أما بمعنى اليسار المقابل لليمين فيُنطَق (شِمال) بالكسر.
جنوب: بمعنى الجهة الجغرافية، صوابُها: فتح الجيم (جَنوب).. أما (جُنوب) بالضم، فهو جمع (جَنْب).
عينة: ينطقونها زِنَة (سيّدة) بفتح العين وتشديد الياء. والصواب: بكسر العين، وبدون تشديد، زِنَة (حِيلة).
حرفي، أي مهني: ينطقونها (حِرَفي)، بفتح الراء، كأنّها منسوبة إلى (حِرَف)، جمع (حِرْفة). والصواب أن تُنسب إلى حِرْفة ومهنة، بتسكين الراء في الأولى، والهاء في الثانية، أي حِرْفي و مِهْني.
حلقة: نطقها بفتح اللام خطأ. والصواب: (حلْقة) بتسكين اللام.
مسودة: البعض ينطقها (مُسْوَدَّة) بضم الميم وتسكين السين وتشديد الدال، والصواب: (مُسَوَّدَة) بضم الميم وفتح السين وتشديد الواو، من الفعل (سَوَّدَ).
منتزه: خطأ، فلا وجود للفعل (انتَزَهَ) في اللغة العربية. الصواب: مُتَنَزَّه من (تَنَزَّهَ)، وهو اسم مكان (مكان التنزُّه)، مصاغ على وزن اسم المفعول، أي بتحويل المضارع المبني للمعلوم إلى المبني للمجهول، ومن ثَمَّ استبدال ياء المضارعة بـميم مضمومة (تَنَزَّهَ يَتَنزَّهُ يُتَنَزَّهُ مُتَنَزَّه).
حلويات: النطق الشائع فتح الحاء واللام مع تشديد الياء (حَلَوِيّات) خطأ. والصواب: (حَلْوَيات) لأنه جمع مؤنث سالم لـِ (حلوى)، تُقلب الألف المقصورة إلى الياء و من ثَمَّ زيادة ألف و تاء مبسوطة (ات) في الآخر، لكونه اسم مقصور عدد أحرفه أكثر من ثلاثة.
حنجرة: بعضهم ينطقها بكسر الحاء. والصواب: (حَنجرة) بالفتح.
الخصر: بضم الخاء خطأ. والصواب: بالفتح (الخَصر) زِنَة النَّصر.
خطبة: بمعنى طلب يد امرأة للزواج.. يقرؤها الكثيرون بضم الخاء. والصواب إنَّها (خِطبة) بالكسر، أما الخُطبة بالضم، فتعني الخَطابة، والخطاب الذي يتفوه به الخطيب.. والخَطابة أيضاً ينطقونها (الخِطابة) بكسر الخاء، وهذا خطأ. والصواب فتحها.
تكرار: بكسر التاء خطأ. والصواب بالفتح (تَكرار).
الدولي: ينطقونها بفتح الدال، نسبة إلى الدولة، بينما المقصود نسبتها إلى الدول، لذلك كان الأصوب نطقها (الدُّوَلي) بالضم.
ساذج: صوابها بفتح الذال (ساذَج)، وليس بالكسر.
صمام: ينطقونها بفتح الصاد وتشديد الميم (صَمّام). والصواب بكسر الصاد وتخفيف الميم (صِمام)، زِنَة (سِلاح).
بردٌ قارص: خطأ، لأن (قارص) بمعنى لاذع. الصواب: بردٌ قارس. بالسين، بمعنى شديد.
وجدان: بضم الواو خطأ. والصواب بكسرها (وِجدان).
مُسْبَق: زِنَة مُطْلَق خطأ. والصواب: (مُسَبَّق) زِنَة (مُعَلَّق) بتشديد الباء.
معرض: بفتح الراء خطأ. والصواب (مَعرِض) بكسرها، لأن الفعل المضارع (يَعرِض) مكسور الراء، لذا فإنَّ اسم المكان منه يكون على وزن (مَفعِل). معرِض: بمعنى مكان العرض.
علاقة: بعضهم ينطِقها بفتح العين، وبعضهم بكسرها، دون تمييز بين معنَيَيها المادي والمعنوي. فهي مكسورة، إذا كانت (العِلاقة) مادية، ومفتوحة، إذا كانت العَلاقة (معنوية)، وبالنظر لندرة استعمالها بالمعنى المادي، فإنَّ الاستعمال المستمر يبقى بفتح العين، بمعنى الصلة المعنوية.
أهرامات: خطأ. صوابها أهرام، ومفردها (هَرَم)، فجعل المفرد جمعَ تكسير (أهرام)، ثم جمعه مرةً أخرى جمع مؤنثٍ سالم (أهرامات) خطأ كبير، فلا يجوز جمع الجمع.. ومثل هذا الخطأ يسري على (رسومات، شروحات، فحوصات، كشوفات، حجوزات، بحوثات، فروقات.... إلخ).
خدمات: خدمات البلدية. ينطقها الأكثرون - حتى بعض المختصين - بفتح الخاء (خَدَمات)، وهذا خطأ مزدوج، فمن ناحية، لفظة (خَدَم) جمع (خادم)، وقد تم جمع اللفظة مرةً أخرى جمع مؤنث سالم، بزيادة ألف وتاء مبسوطة (ات)، وهذا لا يجوز كما أسلفنا. ومن ناحية أخرى، (البلدية) تقدم خِدمة، وجمعها (خِدمات)، ولا تقدم خادماً أو خَدَماً أو خَدَمات.
طابور: يقولون (الطابور الخامس)، و(الطابور) لشراء السلعة.. هذه الكلمة دخيلة على اللغة العربية، أي أصولها وجذورها ليست عربية، فلا أثر لها في القواميس والمناجد. وصوابها: (الرَّتَل)، زِنَة العَمَل. فقل منذ الآن: الرَّتَل الخامس، بدل الطابور الخامس.
هناك صفات يستوي فيها المذكر والمؤنث، فلا حاجة إلى تأنيثها بالتاء، لأنَّ في ذلك خطأ، فعلى سبيل المثال نقول: إمرأةٌ جريح، لا (جريحة).. نذكر هنا بعضاً من هذه الصفات، وهي كثيرة ولها عدة أوزان، مثل: صبور، غيور، مسكين، قتيل، عدل، سجين، حسود، حقود، مهذار، فخور، خطيب، وقور، ودود، عقيم، شكور...
استلمَ الرسالة: خطأ. والصواب: تسلَّمَ الرسالة، أما الاستلام، فمعناه: اللمس.
باشر بالعمل خطأ. الصواب: باشر العمل.
ثُمَّ: حرف عطف، إذا جاء بعد حرف الجر (مِن) المسبوق بـ (واو)، وَجَبَ فتح الثاء، ليصبح نطقها (ومِن ثَمَّ)، لا (ومِن ثُمَّ).
توفير الإمكانيات: خطأ. الصواب: توفير الإمكانات، من الفعل (أمكَنَ)، ومصدره (إمكان)، وجمعهُ (إمكانات) بحسب القاعدة التي تقول: ما زاد من المصادر عن ثلاثة أحرف يُجمع جمعَ مؤنثٍ سالماً.
تخرَّج مِن: خطأ. والصواب: تخرَّج في، وكنت قد أشرت إلى هذا الخطأ في مقال سابق.
شيء ملفت للنظر: خطأ. الصواب (شيء لافت للنظر)، لأن الفعل (لَفَتَ) ثلاثي، واسم الفاعل منه على وزن (فاعل)، أي (لافت).
عمل مشين: خطأ. الصواب (عمل شائن)، لأن الفعل الثلاثي (شانَ) مضارعه (يشينُ)، واسم الفاعل منه (شائن) على وزن (فاعل)، مثل: شاعَ - يشيعُ - شائع.
كلامٌ شَيّق: خطأ. الصواب (كلامٌ شائق)، لأن شيّق: بمعنى مشتاق.
سُوّاح: خطأ. الصواب (سُيّاح)، وهو جمع (سائح)، والمصدر (سياحة)، وليس (سواحة)، عليه فالجمع يكون بحرف الياء، لا بحرف الواو.
حرف الجر (في) يستعملونه أحياناً بدل (من) في مثل قولهم:
إنَّه متضلِّعٌ في علوم الطبيعة. الصواب: متضلِّعٌ من علوم الطبيعة، لأن (المتضلِّع) لغةً: هو الممتلئ، والمتضلِّع من العلم: هو الممتلئ منه، لا الممتلئ فيه.
الباء والفاء: أحياناً يستعملون كلّاً منها في مكان الأخرى، فمن استعمال الباء بدل الفاء مثلاً:
انهمك به. صوابها: انهمك فيه.
استغرق بالنوم. صوابها: استغرق فيه.
رغِبَ بالشيء. صوابها رغِبَ فيه.
يفكر به. صوابها: يفكر فيه.
وعكس ذلك يستعملون الفاء بدل الباء، في مثل:
يثق فيه. صوابها: يثق به.
يرضى فيه. صوابها: يرضى به.
يعتز فيه. صوابها: يعتز به.
يهتم فيه. صوابها: يهتم به.
وهناك أخطاء أخرى كثيرة، من الصعب حصرها وعرضها هنا، فهي تحتاج إلى مساحة أكبر، أو إلى أكثر من مقال، لذا سأكتفي بهذا القدر.. عسى أن يترسخ الصحيح في أذهان القراء، حتى يساعد ذلك على مكافحتها والقضاء عليها.