قد لايستسيغ البعض طرح مثل هذه الأفكار، وقد يعتبرها آخرون من الموالين لهذا الحزب أو ذاك - وخصوصا تلك التي لها تمثيل برلماني لدى حكومة المركز أو الأقليم - بأنها تَدَخُلٌّ في شؤون هذه الأحزاب ومحاولة لنزع ( شرعية ) تمثيلها لأبناء شعبنا بعد فوزها بمقاعد الكوتا المخصصة لهم في أنتخابات "حرة وديمقراطية".
لو أسلمنا بهذا الأمر وإعتبرنا هذه الحجج منطقية، فهل مازالت هذه الأحزاب قادرة على حماية مصالح شعبنا ؟ وأين كانت أصلاً في محنته المستمرة منذ غزو داعش لأراضيه وتدمير مدنه وقراه وتدنيس مقدساته ؟ وما الذي قدمته للاجئين والمشردين مقارنةً بدور المنظمات الأنسانية وعموم كنائسنا، والكنيسة الكلدانية خصوصاً ؟
فبِأيّ حق إذاً يَدّعون تمثيل هذا الشعب ؟
المفروض في حالات كهذه، أن تقرّ هذه الأحزاب بفشلها وتعترف بعجزها عن تقديم المساعدة المتوقعة لمن إنتخبها، ولكنها مازالت تتباهى بأنها ممثلة شرعية لهم .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
هل كانت هذه الأحزاب عاجزة حقاً عن مد يد العون للذين فقدوا كل شيء في رمشة عين ووجدوا أنفسهم وعوائلهم بين ليلةٍ وضحاها مرميين على الأرصفة وفي الحدائق ؟
شخصياً، لا أعتقد ذلك، وربما يشاركني الكثير من الأخوة القراء هذه الحقيقة المرّة ويعرفون تفاصيل أكثر دقة بسبب معايشتهم او قربهم من الأحداث خلال الأعوام العشرة التي تلت سقوط النظام السابق وحتى غزو داعش المشؤوم لأراضينا .
ويحق لكل فرد من أبناء شعبنا ان يسأل اليوم :
كم من مسؤول ، ممثل ، مرتزق، مطبل ومزمّر ... الخ إستغنا لحد التخمة، وحتى عشرات، مئات أو ربما أكثر من الأشخاص العاديين الموالين لهذه الأحزاب ويعرفهم الكثيرون كانوا معدومين وأصبحوا ، بقدرة قادر ..... ، فهل سألهم أحد يوماً : من أين لك هذا ؟
إذا عرف السبب بطل العجب .
لذلك يحق لهم أن يعلنوا عن عجزهم "المادي" والمعنوي وفشلهم في دعم شعبنا في محنته ، ولكن لا يحق لهم أن يضعوا العراقيل في طريق من مدّ ويمد يد العون له، أو يدّعون أحقّية تمثيلهم له بعد كل ماجرى !
وقد ينبري أحدهم ويقول بأن النظام في العراق كله فاسد من رأسه الى قدميه فلماذا نلوم ممثلينا في الأحزاب والسلطة ؟
نقول له بأن نفس النظام قائم على المحاصصة الطائفية، فلماذا نلوم الكنيسة الكلدانية بطرحها تسمية (المكون المسيحي) كتسمية مرحلية ، وتدخلها في الشؤون السياسية طالما بقي هذا النظام قائما من جهة، وعجز أحزابنا وأنحسار دورها من جهة أخرى ؟
والغريب في الأمر، هناك من اعلن تخوفه من تبنّي هذه التسمية المؤقتة لأنها ستجعلنا كمسيحيين أهدافاً سهلة للمتشددين الأسلاميين ، فهل إستثنى داعش في إجتياحه لمناطقنا مقرات الأحزاب ( الكلدانية السريانية الآشورية ) من حرف النون بإعتبارها مقار لأحزاب قومية سياسية لاعلاقة لها بالدين والطائفية. أي منطق هذا ؟
في الختام، إذا كانت أحزابنا عاجزة عن مد يد العون لشعبنا والكنيسة ومقترحاتها غير مُرَحّب بها ، ألم يحن الوقت لتشكيل مجلس إنقاذ يضم أشخاصاً كفوئين لهم خبرات في المجالات السياسية والأقتصادية والقانونية وغيرها يمثلون كافة الفئات المسيحية من الكلدان والسريان والآشوريين، وحتى الأرمن وغيرهم ، ويكون ممثلا ً لهم جميعا وناطقاً بأسمهم في هذه المرحلة المهمة والحرجة، على ان تقدم الأحزاب والكنائس الدعم الكامل له كبادرة حسن نيّة من الجميع.
جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com