بمناسبة مرور 40 عاما على رحيله ، نعيد - بتصرف - كتابة قصة حياة المرحوم الخوري اوراها يوسف الهوزي كما دونها إبنه الصغير الشماس جبرائيل منذ خمس سنوات ونشرها حينها في موقع الهوز قبل إغلاقه.
الخوري اوراها غني عن التعريف لمسيحيي زاخو ومعظم قراها لأنه خدمها بتفانٍ كبير حتى إنتقاله الى رحمة الله عن شيخوخة صالحة (84 عاما) .
والقصة تلقي الضوء على فترة عصيبة من تاريخ شعبنا ونزوحه من تركيا بسبب المجازر التي تعرض لها أثناء الحرب العالمية الأولى .
رسمه كاهناً مثلث الرحمات المطران العلامة يعقوب اوجين منا، ورقّاه مثلث الرحمات المطران العلامة يوسف بابانا عام (1972) الى درجة الخور أسقف بمناسبة يوبيله الكهنوتي الذهبي .
حياة الخوري أوراها يوسف الهوزي / بقلم الشماس جبرائيل الخوري أوراها يوسف الهوزي
ولد في قرية هوز بتركيا 15\ايار\م1893 . هاجر مع ذويه وابناء قريته الهوزيين سنة 1915م بسبب الاضطهادات التي تعرض لها المسيحيون ودخل الاراضي العراقية مطلع عام1919 م بعد رحلة عناء طويلة وشاقة مملوءة بالمخاطر دامت قرابة اربع سنوات حيث شاءت الاقدار ان يصلوا الى تخوم بحيرة وان هو ومجموعة من الشباب الهوزيين الشجعان واخص بالذكر منهم المرحوم توما ريٍٍٍس اوراها الهوزي حيث كان من اعز اصدقائه المقربين ومكثوا فيها مدة طويلة من الزمن لكونها تحت حماية روسيا القيصرية أنذاك .
وقد غادروها بعد انسحاب القوات الروسية منها.
وعند دخولهم الاراضي العراقية مطلع عام 1919 م كما اسلفنا في مستهل هذا الحديث ودخلوا كمب بعقوبة للمهاجرين والذي كانت قد انشأته الحكومة البريطانية تحت اشرافها وقد جمع هذا الكمب اكبر عدد من العوائل الهوزية الناجية من المجازر العثمانية الوحشية حيث مكثوا فيه مدة من الزمن ثم انتقلوا الى كمب البوسيف قرب مدينة الموصل وكان ايضا تحت اشراف الانكليز.
وقد عمل فيه الشماس اوراها الهوزي مراقبا للكمب وفي هذه الفترة كان يتررد الشماس اوراها الهوزي على كنائس الموصل الكلدانية كلما سنحت له الفرصة لكونه شماسا مرسوما وفي هذه الاثناء التقى به المثلث الرحمات المطران طيماثوس مقدسي مطران ابرشية زاخو وتوابعها حيث كان الكرسي الاسقفي وقتئذ في قرية بيدار ثم نقله المثلث الرحمة الى محلة النصارى بجوار كنيسة الشهيد العظيم مار كوركيس لكون زاخو مركز القضاء .
اختاره المثلث الرحمة لخدمة الكهنوت بعد اخذ وموافقة عائلته وذلك لدماثة خلقه وسيرته الحسنة فأدخله المعهد الكهنوتي البطريركي الكلداني في الموصل لتلقي العلوم الليتروجية واللاهوتية وبعد اكماله المناهج المقررة للكهنوت.
سيم كاهنا بوضع يد الطيب الذكر العلامة المطران يعقوب اوجين منا هو واربعة كهنة اخرين كان من ضمنهم القس توما ريس مطران زاخو ونوهدرا بعدئذ وقد تسمت الرسامة الكهنوتية في كنيسة شمعون الصفا الاثرية بالموصل صبيحة 29\حزيران\1923 ذكرى الرسولين ماربطرس ومار بولس.
عين لخدمة ابرشية زاخو في مراكز وقرى مختلفة.
1-سنتان في قرية بيدار كاهنا مساعدا للخوري يونان بيداويد.
2- عشرون سنة كاهنا في ركاوة التي كانت تضم اكبر عدد من المسيحين المهاجرين من شتى القرى المسيحية في تركيا الذين نجوا من مذابحها الوحشية .
3-اربع سنوات كاهن في قرية مركاصور وتوابعها
4- اربع عشرة سنة كاهنا لقريتي مهمدية واشكفت مارا علاوة على اناطة خدمة ثلاث قرى اخرى به وهي تلكبر,دارهوزا ,هيزاوا وذلك لقلة عدد الكهنة أنذاك فكان يقوم بخدمتهم جميعا بتضحية وغيرة رسولية منقطعة النظير فكان يعمذ اطفالهم ويكلل شبانهم وشاباتهم ويقيم لهم قداديس في الاعياد والمناسبات الدينية ويزودهم بالاسرار الكنسية,وهناك سجل عماذ وبراخ مدون باللغة الكلدانية وبخط يده يضم المئات ممن تعمذوا وتكللوا على يديه منذ بداية الخدمة الكهنوتية ولحد ايام مكوثه في المطرانية الكلدانية في محلة النصارى وهو محفوظ لحد الان في دار المطرانية اعلاه.
5-سنة واحدة في دير شيش وذلك عند حادثة قصف قرية اشكفت مارا من قبل مدفعية الجيش ودخول الفرسان اليها بحجة انهم يأوون المتمردين الاكراد , فسقط عدد من شبانها جرحى كان من ضمنهم ابن اختي المدعو بهنام كوركيس حنا الهوزي والذي استشهد بعدئذ في الح رب العراقية الايرانية .
وعند حلول الظلام ليلا قامو اهالي قرية مهمدية بترك بيوتهم لخوفهم من دخول الجيش والفرسان اليها صباح اليوم الثاني للانتقام لانه قتل في هذا القصف المدفعي ايضا اثنان من اولاد رئيس الفرسان بشار أغا وشرطي مسيحي من اهالي سناط فأنقلب السحر على الساحر.
لكن الاب أوراها الهوزي لم يترك ابناء رعيته لوحدهم بل شد الرحال معهم وقوى عزيمتهم وواصل السير معهم ليلا الى ان وصلوا الى منطقة تسمى كوزف فارتاحوا فيها وواصلوا السير مشيا على الاقدام الى ان وصلوا الى قرية دير شيش وهناك جمعهم الاب الغيور والراعي الامين على خرافه وعاش معهم جنبا الى جنب في السراء والضراء الى ان اعلن بيان الحادي عشر من أذار التاريخي فرجعوا جميعهم مع كاهنهم الى قريتهم مهمدية,لكنهم لم يروا فيها سوى الاطلال وقد حل فيها الخراب والدمار من قبل الجيش والفرسان فتشتت شمل اهالي القرية فمنهم من سكن زاخو ومنهم من ذهب الى الموصل وأخرون رحلوا الى العاصمة بغداد.
وبعد هذا العناء الطويل قرر الاب الفاضل اوراها يوسف الهوزي السكن في دار المطرانية الكلدانية في محلة النصارى.
6- اربع عشرة سنة اخرى في دار المطرانية وخلال هذه الفترة تم تكريمه لجهوده في حقل الرب لمدة خمسين عام .
فرقي الى مقام الخوراسقفية وسيم خوريا بوضع يد المطران يوسف بابانا المثلث الرحمات صباح يوم الاحد الاول من تموز عام 1973 وذلك في كاتدرائية مار كوركيس الشهيد بزاخو احتفاءا بيوبيله الكهنوتي الذهبي , وقد نال معه اربعة شمامسة متزوجون درجة شماس إنجيلي أصبحوا بعدها كهنة وهم : القس بولس حنا الهوزي ,القس شليمون , القس عوديشو والقس لويس.
خدم كنيسة الله في ابرشية زاخو وتوابعها دون مغادرتها مدة خمسة وخمسين عاما امضاها في خدمة النفوس بتفاني ووداعة وغيرة رسولية .
وافته المنية اثر عجز في البطين الايسر فجلطة قلبية اودت بحياته الطاهرة في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الاحد السابع والعشرون من أذار عام 1977
اعماله:
1- قام بتوسيع كنيسة ركاوة واهتم بمسكن الكاهن ليلتقي ابناء رعيته الكبيرة مطلعا على احوالهم العامة .
2- اهتم بكنيسة مركاصور وقام بترميمها.
3-قام بتبديل اعمدة كنيسة قلب مريم الطاهر في مهمدية بأخرى ضخمة مع صيانة قبة الكنيسة وجلب ناقوس جديد,كما قام بأضافة ملحق جديد لسكن الكاهن وذلك ببناء ديوان كبير يستقبل به مساءا ابناء رعيته مطلعا على احوالهم العامةوشرح ايات ونصوص من الكتاب المقدس لهم .
حياته الخاصة :
اقترن عندما كان شماسا في كمب البوسيف من المربية الفاضلة خاتون بطرس يونان بيداويد ورزقه الرب له المجد ببنته البكر ريجينة ثم ستة ابناء وهم: جوزيف ,اندريوس,بطرس ,الشماس ومربي الاجيال عبد المسيح , عمانوئيل, الشماس جبرائيل والابناء الثلاثة الاوائل افتكرهم الرب وارادهم له وهم بعمر الورود.
ولم يبقى من أولاده سوى اصغر اولاده الشماس جبرائيل الخوري اوراها الهوزي وهو متزوج وله ابن وبنت وهم فادي جبرائيل الخوري اوراها الهوزي وسارة جبرائيل الخوري اوراها الهوزي ويعيش حاليا في كندا وهو شماس رسائلي في كنيسة الرسولين مار بطرس ومار بولس الكلدانية في ابرشية فانكوفر .