المحرر موضوع: هكذا ينظر جبران الى العبودية  (زيارة 2969 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 200
    • مشاهدة الملف الشخصي
هكذا ينظر جبران الى العبودية
شمعون كوسا

أنقلُ هنا صفحة من صفحات جبران خليل جبران ، المفكر العربي الكبير، الشاعر والكاتب الذي يتناول الطبيعة والانسان  مخترقا المظاهر والقشور باتجاه الجوهر والباطن بحثاً عن الجوهر والروح . انقل نظرة فيلسوف يفكر في كل شيء ، ويُفصح عن عصارة تحليله ، بتلقائية وجرأة ، وبخيال واسع واسلوب شيّق . كنت قد تناولتّ ، قبل خمس وثلاثين سنة ، احدى روائعه النثرية عن الريح ، ولشدة شغفي بها ومعانيها ، انطلقت في دندنتها في حينه ، فتحولت دندنتي الى غناء لم يلبث أن علا  ، وغدا يتموج مع حركة الريح ووصفها الجميل . وجدتُ الكلام رائعا ، فأنشدته بصوت يحمل ابعد نقطة في جوارحي. سجلت الكلام المغنّى  واودعته ذاكرة الحاسوب ، ولا زلت اعود اليه  لحد ّالان .يستهلّ الريح حركته بهذه الكلمات : (تمرّين آناً مترنحة فرحة ، وآونة متأوّهة نادبة .... ).
وقبل ايام ، بينما  كنتُ اتصفح مجموعة مؤلفاته ، توقفت بصورة خاصة عند  فصل العبودية . اعجبني التحليل ، ورغبت في عرضه هنا ، فهو يقول :
 
وأغربُ ما لقيت من انواع العبوديات واشكالها :
العبودية العمياء: وهي التي تربط حاضر الناس بماضي آبائهم، وتُنيخُ نفوسَهم أمام تقاليد جدودهم، وتجعلهم أجساداً جديدة لأرواح عتيقة، وقبوراً متكلسة لعظام بالية.
العبودية الخرساء: وهي التي تعلق أيام الرجل بأذيال الزوجة التي يمقتها، وتلصق جسد المرأة بمضجع الزوج الذي تكرهه، وتجعلهما من الحياة بمنزلة النعل من القدم.
العبودية الصمّاء: وهي التي تُكرِهُ الافراد على اتّباع مشارب محيطهم ، والتلوّن بألوانه والارتداء بأزيائه ، فيصبحون من الاصوات كرجع الصدى ، ومن الاجسام كالخيالات .
العبودية العرجاء: وهي التي تضع رقاب الاشداء تحت سيطرة المحتالين ، وتسلم عزم الاقوياء الى أهواء الطامعين بالمجد والشهرة ، فيُمسون مثل آلات تحركها الاصابع ثم توقفها ، ثمّ تكسرها .
العبودية الشمطاء : وهي التي تهبط بأرواح الاطفال من الفضاء الواسع إلى منزل الشقاء ، حيث تقيم الحاجة بجانب الغباوة ، ويقطن الذلّ في جوار القنوط ، فيشبّون تعساء ويعيشون مجرمين ويموتون مرذولين .
العبودية الرقطاء: وهي التي تبتاع الاشياء بغير أثمانها ، وتسمّي الامور بغير مسمياتها ، فتدعو الاحتيال ذكاء والثرثرة معرفة ، والضعف لينا ، والجبن إباء.
العبودية العوجاء: وهي التي تحرك بالخوف ألسنة الضعفاء، فيتكلمون بما لا يشعرون، ويتظاهرون بما لا يُضمِرون، ويصبحون بين أيدي المسكنة مثل ثوب تطويه وتنشره.
العبودية الحدباء: وهي التي تقود قوماً بشرائع قوم آخرين.
العبودية الجرباء: وهي التي تُتوِّج أبناء الملوك ملوكاً.
العبودية السوداء: وهي التي تلصق العار بالأبرياء  من أولاد المجرمين . 
ولما تعبتُ من ملاحقة الاجيال ، ومللت النظر الى مواكب الشعوب والامم ، جلست وحيدا في وادي الاشباح حيث تختبئ خيالات الازمنة الغابرة وتربض ارواح الازمنة الاتية ، هناك رأيت شبحا هزيلا يسير منفردا محدقا الى وجه الشمس ، فسألته : من انت وما اسمك ؟
قال: اسمي الحرية.
قلت : واين ابناؤك ؟ قال : واحد مات مصلوبا ، وواحد مات مجنونا ، وواحد لم يولد بعد . ثمّ توارى عن عيني وراء الضباب .


غير متصل maanA

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 236
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: هكذا ينظر جبران الى العبودية
« رد #1 في: 23:53 24/10/2017 »
فعلاً...واقع البشرية البائس منذ قرون..ومازال... وسيظل...حتى مجيئ المخلص

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: هكذا ينظر جبران الى العبودية
« رد #2 في: 19:27 25/10/2017 »
الاخ معن

لقد صدقت في ما نطقت ، النظرية والرؤية لمثالية شيئان جميلان ولكن الواقع ليس بهذا الجمال . شكرا لك