ما ضرورة أن تحمل الكنيسة التي لا يهمها اللغة والتراث اسماً قومياً
Nov.25,2017 /
بقلم: جلال برنومساء يوم الأحد الموافق 25 نوفمبر 2017 ، حضرت قداس ترأسهُ غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى وتمت مراسيم الاستقبال والصلوات والتراتيل بشكل لم أعتاد على سماعهُ وبالأحرى لم تستسيغهُ أذناي من حيث اللغة فهي لغة غريبة ، أعجمية ولكنها مفهومة بالنسبة لي ، ألا وهي اللغة العربية " الراقية " بنظر معظم أباءنا الروحانيين الأجلاء .
التراتيل لا تشبه تلك التي اعتادت أذني على سماعها أيام كنا نرتاد كنيستنا في بلدة القوش العريقة وأنا أتحدث هنا عن أيام كان المطران الطيب الذكر الراحل أبلحد صنا راعياً ملماً وضليعاً بالطقس الكلداني و طبعاً ما سبقهُ من الكهنة ، وكان ما يُزيد تلك التراتيل والميامر و القينات " قيناثا " والمداريش الموشحات " القصائد المغناة " عذوبةً ، صوتهُ الرائع الجميل .
وههنا في كنيسة ونزر ، توضحت الصورة لي وبرزت ابداعات رعاتنا الموقرين عندما استبدلوا لغة الطقس الكلداني العذب وجعلوها عربية بحسب مزاجهم وليس نتيجة دراسة مستفيضة و نقاش سنهودوسي منعقد في الوطن الأم ولا في روما الشهيرة بأجود أنواع النبيذ الطلياني !
أما البطيرك ساكو الجزيل الأحترام فأصر على التحدث باللغة العربية وتحديداً بلهجة محلية موصليّة وليس باللهجة البغدادية المألوفة لدى عموم العراقيين .
انتهى القداس الذي طغت على معظم تفاصيلهِ اللغة العربية بهدوء ، وعند باب الخروج همست بأذن أحد الأصدقاء وقلت لهُ لقد صدع سيدنا البطرك الجزيل الاحترام رؤوسنا بالقومية الكلدانية والرابطة الكلدانية والمجلس الأعلى العالمي الكلداني و( الكبة الكلدانية العالمية ) ولم أراه مهتماً بلغة الطقس الكلداني العريق ؟ فأجاب ربما لأن هناك ضيوف لا يفقهون الكلدانية ، وأعتقد هكذا سيكون جواب الكثيرين ! ولكن حسب ظني أن هكذا جواب دبلوماسي لهو كلمة حق يُراد بها باطل .
والحقيقة ، أو على الأرجح لم يكن هناك غرباء سوى مطران وخوري من الكنيسة المارونية و ربما نفر ضئيل آخر وهؤلاء معظمهم يتقنون اللغة الآرامية السريانية أو على الأقل انهم مُلمين بها وهؤلاء حالهم في الواقع أفضل من حالنا حيث أنهم وبعد قرون من هجرهم لِلغة أباءهم ما زالوا يؤدون الكلام الجوهري عندما ( يكسرون الخبز ويحتسون الخمر ) بلحن عذب جميل أثناء خدمة القداس ، وهذا بعكس ما فعلهُ غبطة البطريك ساكو الذي يُفترض أن يكون الحارس الأمين على طقس كنيستهِ العريقة ، حيث ردد كلمات الكلام الجوهري دون أي لحن أو نغمة وكأنهُ يمر على كلام أي كلام ...
والآن ركّز معي عزيزي القارئ و تأكد بأنني لم أسمع طيلة فترة القداس أي كلمة بالانكَليزية رغم أن القداس تم في بلد لغتهُ الرسمية هي الانكَليزية ورغم وجود عدد كبير من الشباب والشابات المؤمنين والمؤمنات الذين لا يفهمون اللغة العربية !!!
لا أدري اذا كان التعريب في كنستنا الكلدانية التي طالما نعتز بِ ليتورجيتها وطقسها العريق ممنهج وفي طريقهِ الى غزو جميع كنائسنا في الوطن الأم و في المهجر أم هو ممارسة عفوية مستندة الى مقولة " الجمهور عاوز كده " كأن يكون مطلب شعبي لغالبية رواد كنيستنا ؟
يقول الكثيرون أن رسالة الكنيسة رسالة تبشيرية واللغة ليست مهمة والمهم هو نشر وتعميق الايمان بين الناس ! وهنا السؤال يطرح نفسهُ ألا وهو : اذن ما ضرورة أن تحمل الكنيسة التي لا يهمها اللغة والتراث اسماً قومياً ؟