اعداء النجاح
ان طبيعة الانسان البشرية تبحث عن النجاح والتفوق والتميز، وان هذا البحث حالة صحية جعلت من الانسان ان يدخل التنافس الشريف مع الاخرين ليصل للافضل والاحسن ، وفي جميع المستويات العلمية والمعرفية العامة وان التطور الاتصالاتي الهائل الذي حدث في العشرين سنة الاخيرة زاد من حدة هذا التنافس واصبح المتميز والناجح نموذجاً يقتدى به في كل انحاء العالم ، وكل هذا جعل الانسان والعالم يقفز قفزات هائلة وضمن حدود زمنية قياسية .
واذا اردنا ان نُعرِفَ النجاح : فانه القدرة على تحقيق اهدافك الشخصية ، ولتحقيق ذلك لابد من التخطيط وقوة الارادة ، حيث ان الفرق بين الانسان الناجح والاخرين ليس في نقص القوة او نقص العلم ، ولكن يكون عادة في نقص الارادة. ايضا يجب ان يكون لك تصوراً وتكون صاحب استراتيجية ومليئاً بالحماس . وقد وصف علماء النفس حماسة الانسان الناجح بالشخص الذي يذهب لعمله وكانه ذاهب لموعد غرامي. وان تتميز بالمرونة وتضع اولويات لخطواتك وقوة تفكيرك الايجابي .
وعندما تفكر بالنجاح وترى نفسك ناجحا ، حيث يعتبر النجاح حالة ذهنية للفرد ، يجب ان تتمسك بفكرة النجاح ، حينذاك تكون لك فرصة اكثر لتحقيق النجاح ، وتذكر دائما بانك لستَ انسانا غير عاديٍ فسوف تمر بتجارب وصعوبات الحياة كما مر بها غيرك. وكما يوجد في المجتمع الكثير من الناجحين فهناك مايقابلهم الكثير من الفاشلين او الغير قادرين على تحقيق ما انت وصلت اليه .
ويجب ان لاننظر الى النجاح على كونه مبني على الشهرة او جمع المال دائما، فتاجر المخدرات والسلاح بامكانهما ان يكونا الانجح بمقاييس جمع المال . فنجاح العالِم ليس بعدد بحوثه او امواله ولكن بقدر فائدة هذه البحوث في خدمة الانسانية ، وهكذا بالنسبة للكاتب ، فالشهرة ليست بعدد المقالات التي ينشرها بل بقدر الفائدة التي تصل للقارئ ومدى تاثيرها في المجتمع.
ونستطيع تعريف الفاشلين بانهم الناجحون الذين لم يحاولوا !. وهؤلاء هم من نطلق عليهم اعداء النجاح اذ يحاولون هدم كل شئ جميل ويبحثون عن الخطا في مسيرتك الناجحة مهما كان هذا الخطا صغيرا، كالذي ينظر الى نقطة سوداء تكاد لاترى في وسط صفحة ناصعة البياض .
من اهم صفات اعداء النجاح انهم بارعون في فن تحطيم الاخر وهم عادة يضعون العراقيل امام الناجحين ويتصفون بالانانية وحب الذات ، ولديهم حب التملك المطلق مقابل حرمان الاخرين. وان تجاهلهم وعدم الالتفات الى افعالهم والمضي في طريق النجاح هو من اهم عوامل ديمومة النجاح واستمراريته. وهم ايضا دائمي الاعتراض ويدلون بدلوهم في كل صغيرة وكبيرة ، ان كان الموضوع علميا او ادبيا او سياسيا الخ ... فهم دائمي الاحساس بالنقص ويعتقدون بفضولهم هذا انهم يعوضون هذا النقص وهم بذلك لايقلون نجاحاً عن الاخرين حسب وجهة نظرهم، ويتميزون ايضا بالنقد السلبي او النقد الهدام وهو تعبير صريح عن مقدار الكراهية في داخل الانسان. وعادة يحاولون النقد السلبي عندما تبدا في مشروع ناجح وعندما يستمر النجاح يتحول هذا النقد الى حقد، وعندما يكتمل النجاح يكون اعداء النجاح قد فقدوا جميع اسلحتهم فيتحولون الى اصدقاء ومحبين.
وان قصة كولومبس والبيضة خير معبر عن الصراع بين مكتشف لقارة امريكا، الانسان الناجح ، وبين اعداء النجاح الذين حاولوا امام الملك عند استقبال كولمبوس كاستقبال الفاتحين ، التقليل من شان هذا الاكتشاف مدعين بان اي انسان لو ابحر غربا لكان اكتشف هذه القارة ، فرد كولمبوس عليهم باختبار وضع البيضة على الراس دون ان تقع "في تحدٍ لهم امام الملك " فحاول الجميع دون ان ينجح احدهم ، بعدها طلب الملك من كولمبوس ذلك فقام بكسر قشرتها الخارجية من احد الجوانب ومن ثم لتستقر على راسه دون ان تقع . عندها وقف الملك والحضور وقال: كلكم كان بإمكانكم أن يوقف البيضة على رأسه ، لو أنه فعل ما فعله كريستوفر ، لكن لم يفكر أحد بكسر طرف البيضة ، ولكنكم دائماً تنظرون إلى الأعمال العظيمة بعيون ضيقة ، فكيف كان بإمكانكم اكتشاف قارة؟؟
و يقول عمر بن عبد العزيز إن استطعت فكن عالما، فإن لم تستطع فكن متعلما، فإن لم تستطع فأحبهم، فإن لم تستطع فلا تبغضهم .
د.عامر ملوكا
ملبورن\ استراليا