لماذا نكتب :
يقول ريك مودي : اظن انني عندما اكتب وبشكل ادق – متى ماكتبت , ساكون انسانا افضل واكثر سلاما
لماذا نكتب :سؤال كبير لايمكن الاجابة عليه بمقالة واحدة او عدة اسطر ,ولكن وبايجاز تعددت الاسباب وتعددت الاهداف ,وخاصة اننا في عصر الانترنيت والعولمة فالكتابة هي تفريغ لما يحمله الكاتب على مستوى مايعيشه وما يعانيه او مايختزنه في الذاكرة.
فالبعض يكتب عن اي موضوع دون هدف معين فقط لملئ الفراغ ,واخر يكتب فقط حبا بالظهور وليقال عنه انه كاتب ,وهناك من يكتب تحت عناوين براقة وخاصة الغوص في بعض النقاط الحساسة التي تثير القارئ وتعمق من الاختلافات ان كانت دينية او قومية او عرقية,وعلى مبدا خالف تعرف واخرون يكتبون فقط للنقد السلبي منطلقين من وجهة نظر احادية لاترى سوى الاخطاء والعيوب ومحاولا اجبار الاخرين لتبني افكاره والتي لاتقبل الخطا او النقاش محاولا اعطائها صفة القداسة وهناك من يكتب لحث الاخرين على تشجيع الاخرين لتبني منهج او فلسفة او عقيدة معينة. وبالمقابل هناك اقلام تفرض احترامها من خلال منهجها المتوازن والنقد الايجابي البناء وطرح وتناول القضايا بشكل محايد وعلمي ,وتحملهم المسؤولية التاريخية والامانة في الكتابة لان مايخلفه الكاتب من نتاج فكري هو بمثابة صحيفة الاعمال او السيرة الذاتية التي تظل تلاحق الكاتب كظله . ولابد للكاتب ان يحمل عنصر الدهشة والانبهار في كل مايجده حوله كي لايكرر نفسه ومواضيعه ويصبح نتاجه مملا للقارئ والمتلقي .
ومن الكتاب ومنهم من هو غزير الانتاج ويلاحق كل شاردة وواردة ولكن هل ممكن لهذا الكاتب ان تكون له مكانة محترمة في الوسط الثقافي او بين جماهير القراء اذ لم يستوف مواصفات الكاتب الملتزم؟؟؟؟
ونلاحظ ايضا بعض الكتاب من تتغلب عنده الكلمة على المبدا فتراه مجاهدا في ساحة الكلمة ينتقي منها البعض ويلوي ذراع البعض الاخر من الفاظ وكلمات منمقة هادفا من ذلك اقناع من يخالفوه بالراي وانه جندي ومقاتل لايزال محافظا على العهد.
وقد يخطا الكاتب في طرح معين اوفي توصيل فكرة معينة وهذا مقبول بشرط ان لايتكرر كثيرا وان يعترف بذلك بشجاعة ولاضير من ان يقدم اعتذار بذلك اما الاصرار والتمادي ومحاولة معالجة الخطا بخطا اخر اكبر دون محاسبة الذات ومراجعتها فسوف تكون نتائجها بالتاكيد ليست في صالحه. اذا الكتابة لم تعد ترفا او سعي لنيل شهرة او مكاسب مادية بل تعتبر الكتابة مسؤولية وأمانة ولابد من ان يكون هناك هدفا لما نكتب وان نوصل رسالة نبيلة من خلال كتاباتنا.
وعلى معظم الكتاب الملتزمين ان يحاولوا الكتابة في مواضيع مختلفة تتناول قضايا عراقية وقضايا انسانية وفكرية مختلفة وان لايضعوا انفسهم في قالب ثابت وجامد ويتخصصوا في القضايا الدينية او القومية فقط وانما التوسع اكثر الى القضايا التي تخص الانسان كانسان مجرد من كل الصفات والالقاب الوقتية ذات الطابع التي لاتخدم كونه جزءا لايتجزا من هذا العالم المختلف في كل شئ والذي يتكامل بهذا الاختلاف . كم نحن بحاجة الى الكاتب الممتلئ بمحبة الوطن وبمحبة الانسان الذي ينتمي له ، والمتمسك بالقيم ، والمجاهد من أجل ديمومة وبقاء هذا الشعب وان تتالق كتاباتهم فكلما حاولنا الغوص في عمق معانيها وهي تشبه تقطير الزهور بهدف الوصول الى العطر الثمين.
ان الشخصنة في النقد والكتابة هي حالة سلبية وانعكاس للحالة والبيئة التي يعيشها الكاتب وهي بالتاكيد انعكاس للبيئة المريضة وللوضع الاجتماعي الغير جيد والحالة الثقافية الفقيرة اذا كانت على مستوى الكاتب
او البيئة التي يعيش بها هذا الكاتب. الشخصنة تحول الكاتب او الناقد الى السباحة في مستنقع عفن وكلما حاول الغوص في العمق كلما زادت محنته .
الكاتب او الناقد يجب ان يتميز بالصدق والامانة هذا على المستوى الشخصي وان يكون ملما وموسوعيا على مستوى مايحاول نقده وان تكون لديه كافة المعلومات عن المنتقد اضافة الى جانب ذكر السلبيات لابد ان يقابلها الايجابيات ان وجدت وفي كلتا الحالتين
.
كم نحن بحاجة في زمننا هذا إلى مبدعين ومثقفين حقيقيين ! كم نحن بحاجة في هذا الزمن الردئ حيث يعلن الكثيرون الانزواء والابتعاد عن القيم والمبادئ التي تجعل من المثقف قدوة ونموذج لبقية المجتمع . وكم نحن بحاجة الى الانسان الواعي والمدرك لحاجات المجتمع ومتطلباته وان يكون صادقا من خلال الحرف والكلمة والجملة حتى وان كان على الورق حيث ان الورق هو مراة عاكسة لما في دواخلنا..
أخيراً أقول إن الأزمنة الصعبة، هي تلك الازمنة التي تواجه فيها الامم تحديات الوجود والاستمرار فتستلزم ثقافة تحمل معاني القوة والنهوض, وفي زمننا هذا، في هذا الزمن السيء حيث تتجلى السياسات المعادية لكل ماهو انساني ووطني من خلال هدم اساسات المجتمع وذلك بانشغاله بالصراع مع نفسه. ، في حروب طائفية ومذهبية ونشر أفكار وممارسات تطيح بكل القيم ، فكم نحن بحاجة الى المفكر والاديب الذي يبذل حياته في سبيل نهوض أمته الروحي والمادي وذلك من خلال قلمه وكتاباته يساعد الفكر على الارتقاء الروحي والمعنوي متجاوزا روح الاحباط والهزيمة لدى الانسان ليساهم في زرع روح الامل والتجدد ويساهم في عبور الثقافة نحو الحداثة.
د.عامر ملوكا
ملبورن/ استراليا