المحرر موضوع: الصباح: مسرحية " الم سيهرا" و لقاء مع المخرج رفيق نوري  (زيارة 1276 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Malka

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4751
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
فنون: اخاطــب عقـــل المشاهــد واحاول ان ابقى في الذاكرة

أربيل ـ حسن عبد راضي
للمسرح العراقي الناطق بالعربية قامة شامخة، اقتحم بها ساحات الإبداع على مدى عقود من الزمن، ولعل ذلك ناجم عن عراقة المسرح العراقي وتوفره على عناصر عديدة تكفل له النجاح حتى في أسوأ الظروف


لكن هذه الصورة المشرقة للمسرح العراقي لم تمنع أن يستبطن هذا الوضع بعضاً من أكبر الإخفاقات، ليس على صعيد الأداء المسرحي أو آليات إنتاج العروض المسرحية، ولكن على صعيد غياب التنوع الثقافي المفترض للمسرح بوصفه فناً يعبر عن المجتمع ويعكس تنوعه الثقافي (لكي لا نقول الإثني والقومي والديني) وربما كان للسلطة السابقة دور في غياب أو تغييب الثقافات العراقية الأخرى غير العربية، أو تذويبها في الثقافة العربية بوصفها ثقافة الدولة والنظام، وهو ما خلق مفارقة صارخة، ففي الوقت الذي يفخر العراقيون بمسرحهم يجد عراقيون آخرون غصة في التعبير عن أنفسهم في مسرح يقدمونه بلغتهم ويعكس ثقافتهم.. كان هذا حال الكورد والسريان(ونعني بهم هنا كل المسيحيين العراقيين بغض النظر عن التصنيفات الأخرى) وكذلك التركمان والأقليات الأخرى.
في أربيل شهدنا واحداً من العروض المسرحية السريانية الجميلة مسرحية (ألم سيهرا)، ولئن وقفت اللغة عائقاً أمام فهم الحوار الذي دار في العرض، فإن لغة الصورة والحركة وسينوغرافيا العرض عموماً أوصلت لنا الجوانب ذات البعد الإنساني في هذه التجربة التي أدارها برشاقة وبراعة المخرج رفيق نوري.
ورفيق نوري مخرج عراقي درس المسرح في بغداد وتتلمذ على عمالقة المسرح العراقي، غير أن ظروف البلد والقمع الذي تعرض له العراقيون في زمن النظام السابق دفعه إلى الهرب خارج العراق، حيث انتهى به المطاف في السويد وهناك واصل عمله في المسرح، لكنه عاد بعد ذلك ليستقر في أربيل مدرساً في معهد الفنون الجميلة فيها، ومسؤولاً عن النشاط المسرحي في جمعية الثقافة الكلدانية حيث أسس فرقة مسرحية من الشباب في مدينة عينكاوه وقدم معهم وبهم مسرحية (ألم سيهرا).. التقيناه على هامش عرضه المسرحي في حوار شامل عن مسرحه وعن المسرح السرياني:
*  كما تعلم فإن مؤسس المسرح العربي هو مارون النقاش - وهو مسيحي سوري- وقدم أعمالاً مسرحية في أواسط القرن التاسع عشر، فهل أسهم كون مؤسس المسرح العربي سريانياً في نهضة مسرحية سريانية؟
ـ مارون النقاش ساهم في نهضة المسرح العربي، وليس السرياني وكونه مسيحياً فهذا لايعني أنه ساهم في نهضة المسرح السرياني و الا فإن شكسبير كان مسيحياً وموليير أيضاً، لكن هذا خدم المسرح الانكليزي، والآخر خدم المسرح الفرنسي.. مع هذا فإن مارون النقاش اسم كبير في المسرح العربي ..عاش لفترة في ايطاليا و كان يتحدث بطلاقة اللغات الايطالية والفرنسية والعربية والتركية و ترجم مسرحيات موليير للعربية، وجعل مارون النقاش جميع افراد اسرته في خدمة المسرح، لكنه لم يقدم شيئاً للمسرح السرياني.
* هل هناك مسرح سرياني في العراق ؟
ـ النبتة الاصلية لزرع مثل هذا المسرح كانت وما زالت موجودة في كيان كل مخرج او مسرحي لغته الام (السريانية) سواء كان يعيش هنا في الوطن او خارجه..الا ان عملية زرع هذه النبتة لم تكن متكاملة لعدم وجود الارضية المناسبة..لذلك لم تثمر الثمرة الناضجة ..بل بقيت ..محاولات مبعثرة مشتتة متباعدة الفترات في الانتاج لعمل مسرحي سرياني والاسباب عديدة؛ ابرزها عدم الاعتراف من قبل النظام السياسي بخصوصيتنا القومية الكلدانية الاشورية السريانية ...نحن لنا تاريخ و لغة وتراث وحضارة حالنا حال اي قومية اخرى موجودة في العراق ..على سبيل المثال في التعداد السكاني كنا نقول نحن كلدان ..موظفو النظام السابق كانوا يسجلوننا (عرباً) وهذا ظلم وإجحاف بحقنا، هذا مما أدى إلى عدم السماح او اتاحة الفرصة للمسرح السرياني في العراق..
* هل تعني أنه لم تكن هناك عروض مسرحية سريانية ابان حكم الدكتاتور؟
ـ كانت هناك عروض قليلة جدا تقدمها الاندية السريانية ..أو الكنائس، وربما محاولات لمخرج أكاديمي في هذه المدينة أو تلك، لكنها لم تتواصل ولم تثمر ثمرة ناضجة تصل إلى مستوى الخصوصية التي يمكن أن نسميها خصوصية المسرح السرياني (إن صح التعبير).
* وكيف واجه المسرحيون السريان تلك المشكلة، من المؤكد أنهم لم  يتوقفوا عن العمل؟
ـ الفنان طاقة كامنة، وهناك دوافع طبيعية تدفع بتلك الطاقة نحو الخروج إلى الوجود، ونتيجة عدم وجود فرقة مركزية أو أجواء مناسبة للمسرح السرياني لإبراز تلك الطاقة نلاحظ ان الحل كان في التوجه نحو العمل باللغتين العربية أو الكوردية من قبل المسرحيين السريان أو الهجرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر اتجه أبرز الكوادر المسرحية للعمل في الفرق المسرحية العراقية باللغة العربية ومن أبرزهم الدكتور عوني كرومي والدكتور ريكاردوس يوسف وروميو يوسف وغيرهم، أما الذين كانوا يعيشون في كوردستان العراق فالتجأوا إلى اللغة الكوردية ومنهم زهير عبد المسيح ورفيق نوري وغيرهما.
* هذا قبل سقوط النظام ، فماذا عن المسرح السرياني بعد ذلك؟
ـ ما من شك كانت هناك بدايات جديدة وجدية لتحضير الأرضية المناسبة والمقومات المطلوبة والضرورية ومن دون خوف لزرع النبتة الأصيلة للمسرح السرياني. لقد بدأنا بخطوات جيدة، وكما لاحظت، فقد أنتجنا العديد من العروض المسرحية والنتاجات التلفزيوينة باللغة السريانية، منها فيلم (وطني والاغتراب) الذي عرض على شاشات التلفزة والسينما الكوردية، ومسرحية شمشوني الشجاعة، كما قمنا بتشكيل فرقة مسرحية في قره قوش وعينكاوه، وقدمت جمعية الثقافة الكلدانية الدعم الكبير لتشكيل فرقة عينكاوه للتمثيل التي قدمت باكورة أعمالها مسرحية (ألم سيهرا) التي استمر عرضها لمدة عشرة ايام.
* حدثنا عن عالم رفيق نوري المسرحي؟
ـ أفضل ما في مخيلتي وأجمله ما لم أجسده على الخشبة بعد، خاصة بلغتي الأم (السريانية) .. لكن المسرح في عالمي طقس يخاطب العين أولاً ويحاول أن يثير عقل المشاهد وتبقى بصماته في الذاكرة، وذلك من خلال التكوين والرسم بالحركات، وأهم من ذلك كله (الإيقاع) بين كل عناصر المسرح... بين الفضاء المسرحي والممثل، بين الكلمة والحركة .. بين الملابس والحركة، بين اللون والصوت، بين المشهد والمشهد ، وأخيراً بين زمن الصمت والحركة.. بين الصمت والكلمة ... إذا استطعت أن أجسد هذا النوع من الأسلوب سأقول لك (لي عالم خاص) وثقتي كبيرة في أن أحقق هذا في المستقبل القريب إذا بقيت على قيد الحياة.

 
http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=41712