المحرر موضوع: الظلمُ منهجاً............  (زيارة 1118 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الظلمُ منهجاً............
« في: 10:54 17/05/2007 »
                 
  الظلمُ منهجاً............
                                      رشيد كَرمـة
                                   - 2  -
أشرت في القسم الأول من كتاب الباحثة الإيرانية ( جميلة كديور) رؤية من وراء جُدر إلى جدية البحث الذي تناولته حيث إقتربت من جوهر المشكل الذي يعانيه الإنسان , الإغتراب
الذي تكرسه السلطة عبر مجموعة  الأساليب القمعية إبتداء ًمن الخلية الأصغر في المجتمع ( الأسرة ) وانتهاءً بالحلقات الكبرى للمجتمع .
 ولابد للقارئ ان يلحظ عمق الهوة بين السلطة والناس في مجتمعاتنا الإسلامية ,إذ حرص أغلب الحكام على إبقاء المجتمع في ظروف متخلفة كي لا تتكشف أخطاؤهـم الفاحشة وفي نظر السلطات تبقى الجماهير مجرد أرقام تتألم وتعاني دون إكتراث ودون ان يعترف أحدأ بحقوقها ولكن السلطات تحتمي بها وتلجأ إليها إضفاءً للشرعية .
في الصفحة 35 من الكتاب تذكر الباحثة بعد ان تستعرض تاريخياً المراحل التي جعلت من الشعوب الإيرانية تدفع السهم الأكبر من ضريبة الصراع على السلطة ’ سلطة السيف والقوة بأن القيم الإجتماعية التي أفرزتها فترات من التجربة راحت تفقد أهميتها, الأمر الذي حول مايرتضيه السلطان ,(  الولي , الإمـام  )من معائب ونقائص إلى لون من الفضيلة والبراعـة .
وفي فصول كثيرة من الكتاب تلجأ ( جميلة كديور ) الى باحثين أجانب فلقد أستعانت بـ  فينسان مونتي أحد الكتاب الغربيين : ((  يتميز الإنسان الإيراني منذ طفولته بأنه يشعر بالإستلاب والإضطهاد , لانه إعتاد على التشاؤم نتيجة إساليب السلطة الذي أصبح الظلم منهجا ًلها  )) ..
وثمة عـالم إجتماع آخر مهتم بالمجتمعات الشرق أوسطية وبناها الحديثة يقول :   في الأرض التي إعتاد أهلها مواجهة خطر التدخل الأجنبي , يكتسب الإحساس بغياب الأمن طابعا مزمنا ً.
ومن االباحثين المحليين تذكر بعد ان تشرح كيف يسوغ السلطوي مصلحته الشخصية على المصلحة العامة حيث يقول مصطفى فاتح مؤلف كتاب ( النفط في خمسين عاما ً ) : إستنادا الى تجاربي حيث شغلت موقع معاون الإدارة المركزية لشركة النفط الإيرانية وعايشت عن قرب رجال السلطة تأكد لي أن غالبية الشريحة الحاكمة في إيران من الوزير والوكيل والكاتب والساسة , كلهم على شاكلة واحدة , لا يعادل عندهم الوطـن والدين والحكومـة والضمير فلسا واحدا ً فغايتهم التي يقدمون لها فروض الطاعـة هـي السلطة والمـال ولذلك فهم يمثلون كالخدم لدى من يتكفل لهم تأمين مطامعهم الوضيعة , ويتحول الكذب والنفاق والرياء ـ بالطريقة الشرقية ـ رأسمال حياتهم ..
يسترسل مصطفى فاتح : ((  هناك أشخاص يمارسون السمسرة السياسية تحت غطاء النضال مـن أجل الحرية والديمقراطية التشديد مني ( ر . كَ )
وبعجالة تنتقل مؤلفة الكتاب من حضور المرأة في ميدان الإنتاج إبان الثورة الصناعية وكيف تم إستغلال جسدها وطرحها كسلعة في عملية التسويق ثم ظهورها وحضورها الواسع في مرحلتي نهضة التنباكو والحركة الدستورية ,,,, وتصل الى جدية البحث وتذكر : إن حضور المرأة ودورها الفاعل في الحدث الثوري كان يتوخى الإعتراض على الرؤية الإجتماعية المتخلفة لها , ويطمح إلى تقديم صورة اخرى مغايرة عن المرأة , ومع ملاحظة الطابع الديني للمجتمع في إيران فقد تمكنت الصورة المغلوطة حول المرأة ببالغ الأسف من إكتساب مشروعية دينية عبر طائفة من النصوص الموضوعـة التي يمكن تتبع جذورها في الإسرائيليات .
ان ماتضمنته هذه المقدمة الإجمالية هو موضوع مهم ومحوري لم يحصل على القدر الكافي من الإهتمام , ونعني به النظريات المشوهة حول المرأة مما راج في الأدب والفكر وتصورات العامة ( الفلكلور ) وتحول الى ثقافة بذاتها في هذا المجال , وحيث ان هذه الثقافة قد تأسست على بعض الروايات والنصوص الدينية فإنها راحت تكتسب مشروعية من الإسلام من الله ومن محمد وتستعرض في ص 50 نماذج من تلك النصوص التي وردت بطرق سنية وشيعية , وتسجل جميلة كديور موقفها من جملة أحاديث تنال من قدر المرأة وكرامتها كما انها تندد ما ورد من ( صدر المتألهين الشيرازي ) وهو فيلسوف كبير ومفسر ممتاز وعلامة بارز لكنه وقع تحت تأثير جملة روايات .
ونلاحظه حينما يعالج موضوع خلق الإنـسان , يتردد فب البت بإمتلاك المرأة روحا إلهية إنسانية , ثم يصنفها في مجموعـة الحيوان , وحين يأخذ بتعداد خصائص بعض من أصناف الحيوان يذكر أن ثمـة صنفاً للأكل وآخر للركـوب والزينة ُم يقول (( وبعضها للنكاح )) مستشهدا ًبقول الله ( والله جعل لكـم من أنفـسكم أزواجا ً ) النحل 16-72
ويكتب المولى هادي السبزواري في شرح ذلك ماهو أعجب من كلام صدر المتألهين نفسه فيقول : إن إدراجه للمرأة في أصناف الحيوانات هو إيماء لطيف إلى أنها ولضعف عقلها توشك ان تلحق بالحيوانات , وذلك لأن عقلها لا يدرك سوى الجزئيات ولإنصرافها إلى زخارف الدنيا ,, لكن الله منحها صورة إنسانية كي لايفر منها الرجال !!!!!!!
وتشير الباحثة بمرارة الى كيفية تأثير الفتاوي الفقهية الواقعة في هذا السياق في رؤية المجتمع .
 وثمة تعبير رائج تتداوله الحركات الإسلامية عن زعمائها يقرر أن المرأة يمكنها الخروج من المنزل في ثلاث حالات : حين تلدها أمها , وحـين تنتقل الى بيت الزوجية , وعند موتها حيث تؤخذ إلى التجهيز والدفـن ,,
ختاما , لاشك ان هذا الكتاب لا ينتمي الى العلمانية بشئ رغم استشهاداته ورغم حضور المؤلفة الى الملتقى لعالمي للنساء في الصين , الا انه يشكل علامة مضية في مجال البحث عن نوازع السلطة التي تكرس الظلم منهجا لها ,,
ومن ناحية اخرى ان بحثا كهذا يصدر من إمرأة تمارس عملها في إحدى الأنظمة الأكثر إستبدادا في العالم ( إيران ) .....                                                                           وما من شك ان السلطة هنا هي السلطة الدينية التي تناقض نفسها بين تكريس الإستبداد والظلم والآية الصريحة التي تقول : وما الله بظلام للعبيد
 
السويد 17أيار 07 رشيد كَرمة