وفي الإعادة إفادة ، عَسى ولعل تستغلون هذه الفرصة التاريخية التي نُفسحها لكم من خلال الوثائق والمصادر التاريخية الرصينة والثمينة التي أقوم بِنَشرها لكم وذلك للإطلاع على الحقائق التاريخية الرصينة التي كانت مخفية عَنكم .
تمخض الجبل فولد فأراً
لقد قُلتُ وأكدتُ مراراً وتكراراً عندما يستطيع "ميخائيل ممو " وغيرهُ أن يُثبتوا أنه "ميخائيل غورباتشوف " ، أو أَن "إسماعيل ياقو" هو "إسماعيل العربي" عِندها تستطيعون إثبات أن السريان هم آشوريون ، ومِن فَمكم ومِن المصادر التي تأتون بِها نَدينكم ، لذا أَرجوا وأََتمنى من جميع المُدَعين والمروجين للفكر السياسي الآشوري الزائف إلى الإلتزام بالأكاديمية كما نَفعل نَحنُ .
الحقيقة يمكن الرد على هذا الموضوع بِبساطة شديدة وكالآتي :
إن البطريرك ميخائيل الكبير (وهذا هو المهم) قد ذكر بنفسه وعن نفسه وكنيسته وشعبه ولغته (وفي عصره) حوالي ستون مرة أن اسم شعبنا هو السرياني، وكنيستنا السريانية، ولغتنا هي السريانية أو الآرامية، والسريان هم الآراميون حصراً، واللغة الآرامية هي اللغة الأولى..إلخ، ولم يذكر مرة واحدة أنه آشوري أو كلداني، أو وجود آشوريين أو كلدان أو في عصره، بل هو يستهجن بالآشوريين والكلدان القدماء، وصوَّر كل عدو للسريان أنه آشوري، فسمَّى زنكي الذي احتل الرها، (الخنزير الآشوري)، والكلدان عنده هم الوثنيون والسحرة.
وعندما تكلم عن الآشوريون والكلدان القدماء وليس في عصره اعتمد على مصادر غيره التي ورد فيها أخطاء تاريخية كثيرة ومنها ذكرهُ لمرة واحدة فقط أن الكلدان والآشوريون هم سريان، وإلى هنا كان سينتهي الجواب.
ولكن لكي نفنِّد حجة المتأشورون الهزيلة، نقول إن ما كتبه العلامة والمؤرخ الكبير ميخائيل السرياني، هو صحيح مئة بالمة، وكلام ميخائيل وليس غيره يجب أن يكون هو الفصل، لذلك نقول:
1: إن ميخائيل ذكر في ص17 سرياني، ج1 ص20، عربي، أن الكلدان والآشوريون هم سريان، ولم يقل أن السريان هم آشوريون أو كلدان، وقد ذكرها مرة واحدة دون تفصيل آخر.
إن سبب ذكر ميخائيل الكبير أن الآشوريون القدماء هم سريان، هو أن ميخائيل قَسَّم هوية الشعوب في العالم القديم على أساس اللغة، وهو التقسم الصحيح، وهو أول من قام بذلك، فاعتبر كل من تكلم اللغة الآرامية (السريانية) من الشعوب القديمة، هو سرياني، ومنهم الكلدان والآشوريون القدماء، وبالطبع إن ميخائيل الكبير وغيره في عصره لم تكن الآثار قد اُكتشفت ليعلم أن لغة الآشوريين القدماء الأصلية هي الأكدية، ثم حلَّت اللغة الآرامية محل الأكدية وأقصتها منذ القرن الثامن قبل الميلاد، فلم يكن البطريرك ميخائيل يملك مصدر تاريخي سوى الكتاب المقدس الذي يُبين أن ربشاقي قائد جيش سنحاريب الآشوري طلب منه اليهود التكلم بالآرامية (السريانية)، فقال ألياقيم بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقى: كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه، ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور (سفر الملوك الثاني 18: 26، وإشعيا 36: 11)، ونفس الأمر مع نبوخذ نصر: (فكلم الكلدانيون الملك بالآرامية عش أيها الملك إلى الأبد، اخبر عبيدك بالحلم فنبين تعبير، دا: 2: 4). ودائماً يربط ميخائيل الكلدان والآشوريون القدماء متتاليين معاً عندما يتكلم عن اللغة ويعتبرهم آراميين سريان، بينما يفرقهما أو يتكلم عنهما منفردين عند التحدث عن الكلدان والآشوريون القدماء.
فميخائيل تكلم في ص17، تكلم عن الدول القديمة التي لها كتب وأدب وسجلات مكتوبة، أي مرتبطة باللغة، فهو لم يقل إن السريان هم الآشوريين، بل إن الآشوريين القدماء هم سريان، لأنهم تكلموا لغتنا الآرامية (السريانية).
وقبل تلك الصفحة أي ج1 ص9 عربي، تكلم عن أصل الشعوب ونسبها العرقي وقال: بنو سام هم، الأثوريون، الكلدان، اللوديون، الآراميون وهم السريان، والملاحظ أنه فصل بين الأثوريين والكلدان القدماء ثم اللوديون ثم الآراميون وهم السريان.
وفي نفس الجزء ص406، قال بوضوح تام عن أصل الآشوريون القدماء: إن الآشوريون هم أولاد آرام بن سام.
ملاحظة (الكلام الأخير في ص، 406 نفسه قاله قبل ميخائيل من الكنيسة النسطورية يشوعداد مطران حديثة 850م كتابه نور العالم، ص176). ولا داعي لإدراج الوثيقة لأنه أكيد ميخائيل ممو وغيره عندهم هذه الوثايق!!!
ثم يُفصِّل ميخائيل ذلك في فصل واضح جداً كالشمس في ص748-750، سرياني، ج3 ص283-386 عربي، بالقول: إن السريان هم الآراميين، أبناء سوريا غرب الفرات تحديداً وعاصمتها دمشق ،وليس بلاد آشور، وكل من تكلم السريانية فهو سرياني، وفي عنوان وحده يكفي: (نكتب بنعمة الله عن ممالك الآراميين القديمة، أي بني آرام الذين سُمُّوا سرياناً أي أبناء سوريا)، واعتبر أن الأساس في تسمية القوم، هو اللغة، فكل من تكلم السريانية (الآرمية) من الشعوب القديمة فهو سرياني (آرامي)، حيث يقول:
إن كل من تكلم لغتنا الآرامية (السريانية) من الآشوريين والكلدان القدماء فهو سرياني، مستنداً إلى ربشاقي في الكتاب المقدس، قائلاً: إن ربشاقي الذي أرسله سنحاريب إلى القدس، قال له اليهود، كلم عبيدك بالآرامي.
فمن هذه الشهادات الكتابية، (ومن اللغة الآرامية)، يتضح أن ملوك الكلدانيين والآشوريين كانوا آراميين.
2: إن هدف ميخائيل الكبير كما يقول، هو تقسيم هوية الشعوب حسب اللغة التي وردت في العهد القديم، وملوك الكلدان والآشوريون هم من الشعب السرياني أن لغتهم هي السريانية، والسريان هم الآراميون، ثم لنرى أيضاً، (وهو مهم)، هل قال ميخائيل الكبير أن اسم السريان هو من آشور أم من قورس (سورس بعض المصادر)؟، فيستمر ميخائيل بالقول:
إن هدفنا هو إظهار أن الدولة التي كانت تستعمل لغتنا وكتابتنا امتدت حتى عهد كورش، وإليها يشير ديونسيوس التلمحري بقوله: لقد تنازع الإخوان قورس (سورس في المصادر الأخرى) وقليقيوس في أثناء غربة بني إسرائيل في مصر، فرحل قليقوس إلى الى منطقة البحر الأسود وباسمه دُعيت قليقية، ومكث قورس في المنطقة الواقعة غرب الفرات، وباسمه سُميت سوريا، وقام فيها ملوك دُعيوا ملوك سوريا، وجاء في الترجمة السبعينية أن هدد ملك السريان سيطر على السامرة، وعبيد ملك السريان قالوا لسيدهم إن إله إسرائيل هو إله الجبال، وقال ملك إسرائيل إن جلعاد لا تحرك ساكناً لإعادتها من ملك السريان.
فمن هنا يبدو أن سوريا تقع غرب الفرات، وكل من تكلم لغتنا الآرامية، يُسمَّون سرياناً، لأنهم جزء فقط، أمَّا الباقون فاستوطنوا شرق الفرات حتى فارس.
وقد قام في هذه المنطقة عدة ملوك، في أثور وبابل منهم نبوخذ نصر الذي تكلم الآرامية، وقد نوهنا بهذا (أي باللغة) لنبرهن على أن سكان غربي الفرات يُسمَّون سرياناً رسمياً، وأن الرها أصل اللغة، ولا صحة لإدعاء البعض عدم قيام ملوك من هذا الشعب، فقد ظهر أن ملوك الكلدان والأثوريون هم من هذا الشعب الذي دُعي السرياني.
وزيادةً في الموضوع ولكي يكون بحثنا دقيقاً، فبعد نقل كلام البطريرك ميخائيل نفسه، ننقل ما نقله ميخائيل عن التلمحري وهو ما يُسمَّى بعلم الأصول التاريخية، أي الذهاب مباشرةً إلى المصدر الذي يُشير إليه الكاتب عند توفره، وليس كمثل ميخائيل ممو وغيره من ناقلي الكوبي بيست، وهذا هو قول التلمحري:
تسمية السريان وسوريا / بقلم البطريرك ديونيسيوس التلمحري +845م
كثيراً ما نستعمل كلمة سوريا عندما نتحدث عن الغرب، وعبارة الهلال الخصيب وبين النهرين لدى ذكرنا الجزيرة، غير أننا لاحظنا أن البسطاء لا يفعلون هذا، لكنهم يدعون منطقة ما بين النهرين سوريا رسمياً، ويُسمَّون سكان غرب الفرات سوريين استعارياً، وهنا نقول إن سوريا اسم جنس وهو نوعان، فاسم السوريين يُطلق على الذين يقطنون غرب الفرات الممتدة من جبل أمنون شمال أنطاكية حتى حدود فلسطين جنوباً، ومن البحر حتى نهر الفرات عرضاً.
لقد ذكرتُ هذا لأن البعض يدَّعي عدم قيام ملك من السريان، ومن جهة أخرى فبني إسرائيل دخلوا أرض الميعاد وأسسوا مملكة خاصة، كما أسس أهل صور مملكة خاصة أيضاً، ودُعي ملوك الآراميين الذين حكموا دمشق، سرياناً، ونجد ذلك في الترجمة السبعينية (للعهد القديم 280 ق.م.) التي تقول: جمع بن هدد ملك سوريا وصعد إلى السامرة.
فالساكنون غرب الفرات هم سرياناً رسمياً، ويُسمون سوريين من باب الاستعارة، وهم يتكلمون اللغة الآرامية سواء الذين هم في غرب الفرات أو شرقه أي المنطقة الممتدة من البحر وحتى بلاد فارس حيث قام ملوك كثيرون كآل أبجر في الرها، وسنطروق في نطيرا (الحضر) في أرض العرب، وحكم آل نينوس في نينوى، ونبوخذ نصر في بابل، ذاك الذي تكلم بالآرامية لدى الحديث عن حلمه وتفسيره.
إننا نورد هذا لنؤكد أن السريان هم حقيقةً سكان منطقة الغرب وأبناء الجزيرة أي ما بين النهرين الذين يسكنون شرق نهر الفرات، وأن أصل اللغة السريانية وأساسها هو مدينة الرها. (رحلات البطريرك ديونيسيوس التلمحري في عهد الخلفيتين المأمون والمعتصم، تحقيق تيسير خلف، ملحق2 ص123-125. وقد حاز الكتاب على جائزة ابن بطوطة لتحقيق المخطوطات 2013-2014م).
وهنا نود أن نُبيِّن ملاحظة مهمة هي: إن ميخائيل ومؤرخي اليهود واليونان والرومان والعرب كصاعد الأندلسي وغيرهم، قبل اكتشاف الآثار والطرق العلمية لم يكن لهم مرجع علمي تاريخي للشعوب القديمة باستثناء العهد القديم الذي تم تقسم الشعوب على أساس الأسماء واللغات الواردة فيه، أو نقلاً عن آخرين كاليهود واليونان والرومان، وقد خلط كثير من المؤرخين بين الأسماء، أو إعطاء اسم واحد لمنطقتين، أو اسم منطقة بدل أخرى وغيرها، لذلك يجب التفريق عندما يذكر مؤرخ أسماء موجودة في عصره وبالذات عندما يتكلم عن نفسه وشعبه، وعندما يتكلم عن العصور القديمة أو ينقل عن آخرين قدماء أو العهد القديم فقط، لذلك اعتقد ميخائيل الكبير أن أسماء ملوك الآشوريون والكلدان القدماء كانت سريانية لكن اليونان بدَّلوها، قائلاً: ومن الشهادات الكتابية ومن اللغة الآرامية يتضح أن ملوك الكلدان والآشوريون كانوا آراميين، وأسمائهم سريانية لكن اليونان بدَّلوها، وكلامه هنا غير صحيح، فالحقيقة أن أسماء ملوك الآشوريون والكلدان القدماء كانت أكدية، وليست سريانية، وهذا ما أكدته كل المصادر العلمية بعد اكتشاف الآثار التي لم يكن ميخائيل وغيره يعلموها.
وأول من قسَّمَ الشعوب القديمة على العهد القديم هو المؤرخ اليهودي يوسيفوس، تبعه آخرون، واعتمد الخلف على السلف، لذلك هناك خلطاً كبيراً في تقسيم الشعوب، فقسم من المؤرخين الذين اعتمد عليهم ميخائيل يُسمَّون الملوك، كلداناً من زمن آدم، ومن هؤلاء الكلدان ملوك اليونان، ويُسمِّي كتبة اليونان أيضاً كلداناً، وميخائيل نفسه ذكر (ج1 ص9، 19، ج3 ص383 عربي) أن لنوح أبناً آخر اسمه يوناثان، وكلدو هو من أبناء سام بن نوح، علماً أنه لا وجود لشخص اسمه كلدو في التاريخ مطلقاً، وأن ممتوس ملك الآشوريين، وأن الفرس من أبناء سام، وعوص العربي ذكره بالعيلامي وذريته من أبنته سكنت دمشق وفلسطين، وهم كلدان وآشوريون منذ أن سكن آشور نينوى التي بناها نينوس، علماً أن نينوى لم يبنيها نينوس وهي آخر عواصم الآشوريين ولم يكن لها ذكر قبل أن يتخذها الملك سرجون 705 ق.م. عاصمة له مدة قصيرة ثم تركها وشيَّد خورسباد، ولم تصبح نينوى مدينة مهمة وعاصمة إلاَّ سنة 691 ق.م. في عهد سنحاريب الملك، وأول عواصم الآشوريون هي الشرقاط، وغيرها من الخلط والأخطاء التاريخية الكثيرة، والسبب أن ميخائيل وغيره لم يكنوا يعلم ذلك قبل اكتشاف الآثار.
ويعتبر ميخائيل الكبير أول من قَسَّمَ الشعوب في التاريخ على أساس اللغة، وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن هذا هو التقسم الصحيح، فقد أكَّد حديثاً شيخ المؤرخين العراقيين طه باقر على ذلك بقوله: إن التسميات القديمة للشعوب كالسومرين والأكديين والبابليين وغيرهم، لم تكن تحمل مدلول قومي بل كانت تُنسب وتُشتق من المواضع الجغرافية أو الآلِهة، وقائمة إثبات الملوك الآشوريين هي بالأسماء الجغرافية، وفي العصر الحديث اتجه البحث عن الأقوام على أساس لغوي وليس عرقي، وهو ما سيتَّبِعهُ هو نفسه (باقر) لمعالجة موضوع الأمم في كتابه، ويربط التحول القومي قديماً باللغة أيضاً، فيقول: طغى التحول القومي اللغوي السامي في العراق على السومري القديم. (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ص65، 435).
وفي الخِتام أود أن أُنوه وأُوجِه ملاحظة هامة الى جميع الضالين من الإخوة (النساطرة ) المتأشورون ، لأقول لهم بأنني مُستعدٌ لإستقبال أسئلتكم بِمختلف أشكالها ، حتى أقوم بالرد والإجابة عليها وبالوثائق والمصادر التاريخية الرصينة ، وبِكل فرح وبَهجة وسرور .وكل عام والجميع بألف خير