المحرر موضوع: على مهلكّ يا مفتينا لم ينتهي العيد بعدْ  (زيارة 1128 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
على مهلكّ يا مفتينا لم ينتهي العيد بعدْ
حينما أراد الراحل شبلي العيسمي الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي ( فُقد في لبنان سنة 2011) أن يزور جامع أم الطبول في بغداد مع نهاية الستينيات، رفض إمام الجامع وقت ذاكّ الشيخ عبد العزيز البدري دخول العيسمي للمسجد بحجة انه درزيّ أيَّ كافر، وخلال ساعات وصلت الأخبار ( لصدام حسين)، ومع قضايا آخرى كانت تتعلق بتنظيم الإخوان المسلمين في العراق، وتكفير البعثيين وشق الصف الوطني من قبل البدري أكتمل ملفه في درجّ السيد النائب  فدخل قصر النهاية ولم يخرج بعدها ولم يرَّ النور ابداً.
في خطبة الجمعة الأخيرة وفي جامع أم الطبول أعلن مفتي الديار العراقية، مهدي الصميدعي، عدم جواز الاحتفال بأعياد رأس السنة والكريسماس، معتبراً أن من يحتفل بها كأنه يعترف بـ( عقيدة دينية لدى المسيحيين) نص الخطبة حسب القنوات الرسمية، وقال الصميدعي خلال خطبة الجمعة "لا تشاركوا النصارى الكريسمس، لأن هذا معناه أنكم تعتقدون بعقيدتهم.
 الإمام مهدي الصميدعي شخصية معروفة في عموم العراق، وله مكانة ومنصب رفيع على مستوى الدولة وعلى مستوى المجتمع والأفراد،  فهو ليس إمام جامع في قرية نائية شمال بعقوبة يفتي ويكفر هذا وذلك من الناس دون حسيب ولا رقيب لا أحد يعير له أهمية تذكر سوى أبناء القرية البائسة دون فهم حتى. فالشيخ الصميدعي بالإضافة لكونه مفتي الديار العراقية هو خطيب أكبر جامع في العاصمة، وهذا يؤمه خاصة يوم الجمعة كِبار رجال الحكومة والدولة،  وتكون الخطبة في أغلب الأحيان منقولة على الهواء مباشرةٌ، بمعنى أنها تصل لشريحة كبيرة من الناس وفي وقت سريع جداً، وبكلام غير مُتزن وغير مقبول وغير منطقي، وفي وقت حرج  والجهود مبذولة لتعزيز اللحمة الوطنية التي اهترأت من كثرة النِفاق والكذب على الناس وعلى الذات، يطلق الإمام مفتي ديار العروبة والإسلام  فتواه بتحريم الأعياد والاحتفال برأس السنة، وهذا يعُتبر كُفر وزندقة وعمل من أعمال الشيطان. ومع أن هنالك جهود مضنية يبذلها رجال الدين وحتى العلمانيين المسيحيين الكلدان، السريان، الآشوريين، من التقرب  وبناء علاقات أخوية صادقة حقيقة مع المسلمين الشيعة والسنة على حدّ سواء لترسيخ مبدأ الأخوة والمحبة بين مكونات هذا  الوطن المنكوب وتأصيل فكرة المساواة بين الجميع وأن الدين لله والوطن للجميع، وما فتِئ البطريرك لويس ساكو  يُكرر  وفي كل مناسبة دينة كانت أم وطنية على أننا شركاء حقيقيين مع الأخوة المسلمين في هذا البلد، ولسَنا جالية حديثة القدوم. وعلى بغتة كل هذا ذَهَبَ أَدْرَاجَ الرِّيَاحِ.
أقول أن هذه الْفَتَاوِي وغيرها الكثير  لها الأثر السلبي الحادّ على المجتمع العراقي والذي هو أصلاً متصدع ولا يحتاج لتصدعات أكثر،  فتفجير كنيسة سيدة النجاة ماثلة في الذاكرة  تدمي القلوب الى اليوم،  وتضر  بالنسيج الأجتماعي البالي الباقي والذي أمتلئ شقوق ولم يعد ينفع الرتق معه، يجب أن ينتبه مشايخ السنة والشيعة للخُطب التي يطلقوها من على المنابر  والأثر السيئ لها على عقول الناس، وماذا سوف تكون ردود افعالهم حيالها، وتغير هذه الرنةّ القديمة، صليبي، أتباع الغرب، كفرة، ذميين، التي لم تنفع ولن تنفع في يوم من الأيام، وبثّ روح الأخوة والتعاون والمحبة بين أبناء البلد الواحد، لربما تكون هنالك بارقة أمل في مستقبل جديد.