ارجو في مداخلتك القادمة ليتسنى لي التعقيب عليها ان توضح لمن هو سؤالك اوتعقيبك موجهاً ففي هذه الحالة لا ادري لي او للبطريركية.
تعقيبي هو بكل تاكيد ليس موجه لا لك ولا للبطريركية وانما تعقيبي هو على مداخلة التي لا يهمني اطلاقا من كتبها. وفي اي شريط اكتب فان تعقيبي وسؤالي موجه للقراء وليس لشخص محدد او اشخاص محددين. وانا اكتب لاجعل القراء يفكرون بما اكتبه او اجعلهم يشكون بما يؤمنون به او اجعلهم يتبعون افكاري الخ ولهذا انا لا اشترط اطلاقا بان يقوم صاحب المقال او المداخلة بان يقدم اية اجابة. صاحب المداخلة او المقال هو حر بان يدافع عن مداخلته او افكاره امام القراء او لا يفعل.
وما اقوله انا لا يشملني لوحدي, فلو كنا نكتب موجهين التعقيب او السؤال لشخص محدد او اشخاص محددين فان افضل طريقة واسرع طريقة ستكون باستعمال الايميل وتوجيه التعقيب او السؤال للاشخاص المعنين والمحددين.
ما كتبته انا في مداخلتي السابقة كان ضمن موضوع المقال المطروح الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال الدين والعلمانين وانا تحدثت عن معنى العلمانين ومن هم العلمانين. ولكنك للاسف مداخلتك هذه جاءت بالتشعب والتفرع وجره الى زوايا جانبية. مداخلتك هي المسؤولة عن جره الى هكذا زوايا جانبية. وانا ساقدم تعقيبي على المداخلة.
الكلمتان اللتان ذكرتهما كلاهما تترجمان الى العربية بكلمة العلمانية وبالطبع هنا في المقال كما عرفت العلمانيين واشار لذلك الشماس القدير سامي في المقال الاول هم المؤمنون من غير الاكليروس ،اما العلمانيون بمفهوم من يؤمن بفصل الدولة عن الدين فهو عام يشمل الجميع حتى اللادينيين،فالمفهوم واضح جداومعرف في قانون 299 من قوانين الكنيسة.وبتعريفه سيقابل المقصود به بالانكليزية.
في البداية منطقة الشرق لا تمتلك مصطلحات خاصة بها , بمعنى لم تنتج اية مصطلحات وكما كان قد قال احدهم (اعتقد ادونيس) فان منطقة الشرق لم تنتج افكار ولا مفكرين. منطقة الشرق تقوم فقط بوضع ترجمات, وما لاحظته ان منطقة الشرق تقوم في حالة العلوم الطبيعية بعدم تغيير اسماء المصطلحات مثل الالكترون والكروموسوم الخ ولكن في العلوم الانسانية والفلسفة تقوم بتغييرها وفي الكثير من الاحيان تمتلك ترجمات خاطئة او غير دقيقة.
السؤال الاول الموجه للقراء سيكون: كم شخص في هذا الموقع كان يعرف بمصطلح اسمه Laity وهو مصطلح يتم استعماله بكثرة في الكنائس الغربية؟ على الارجح لا احد.
العلمانية في اللغة العربية هي مترجمة عن مصطلح secular والعلمانية نفسها كما في عدة نقاشات اخرى وحتى في هذا الشريط هناك الكثير من سوء الفهم حولها. هناك من يقول بان العلمانية تعني بان لا يتدخل رجل الدين في السياسة, وهناك من يقوم بمساواة العلمانية باللادينية الخ. ولكن العلمانية لا تعني سوى فصل تشريع القوانين والدساتير وادارة الدولة عن الدين, بمعنى ان لا يكون الدين مصدر لتشريع الدساتير والقوانين وانما المصدر تكون العلوم السياسية والقوانين التي بامكانها ان تنشئ مجتمع مدني. وهنا اعطي امثلة:
- اذا اصبح رجل دين رئيس للعراق ولكنه يرفض بان يكون الدين مصدر لتشريع الدستور والقوانين فان هذا الرجل الدين هو شخص علماني وحكمه علماني بنسبة مئة بالمئة.
- اذا اصبح شخص ليس برجل دين وانما شخص تكنولوجي مثلا مهندس كهربائي رئيس للعراق ولكنه يؤيد تشريع القوانين والدستور بان يكون مصدرها الدين فان هذا الشخص ليس علماني وحكمه ليس علماني.
- اذا اصبح شخص لا يؤمن باي دين (بان يكون بينه وبين نفسه شخص لاديني) رئيس للعراق ولكنه يقوم بتمشية الامور تحت الامر الواقع بان غالبية المجتمع متدينين ولهذا يوافق على ان يكون الدين مصدر لتشريع القوانين والدستور فان هذا الشخص ليس بعلماني وحكمه ليس علماني وانما حكم ديني.
اما كلمة Laity فهي اذا وضعها شخص في قواميس المتوفرة على الانترنت فانها تترجمها بانها تعني العلماني وربما بالاعتماد على ترجمة العرب لها, ولكنها ترجمة خاطئة جدا. ففي الغرب لا تعني علماني واذا قرانا تنشئتها تاريخيا فانها ايضا لا تعني علماني. هذه الكلمة تم استعمالها للاشارة الى شخص هو ضمن مجال معين ولكنه قليل الخبرة او المعرفة في ذاك المجال. وهذه يمكن استعمالها هكذا ايضا خارج مجال الدين. فشخص معين مثلا يعمل في حقل الميكانيك ولكنه لم يدرس الميكانيك لا في معهد ولا في كلية وجامعة ولكنه اكتسب الخبرة هكذا من الاخرين ويقوم بربط البواري مثلا الخ فانه هكذا شخص هو ميكانيكي لايتي (Laity )
من هنا نجد ان مقال البطريركية صحيح عندما يتحدث عن الرتبة في المهنة او المجال المعين ولكن مقال البطريركية غير صحيح باستعمالهم مصطلح العلمانية. هو صحيح من ناحية الحديث عن الرتبة لان في كل الاحوال فان دراسة اللاهوت هو عبارة عن دراسة قسم مثل غيره من دراسة الاقسام الاخرى, ففي الاقسام الاخرى ايضا ومن بينها قسم الاجتماع لن يقبلوا بان يتولى شخص (شخص Laity ) يمتلك خبرة ضعيفة في علم الاجتماع بان يمتلك نفس حقوق خريج قسم الاجتماع. مجالس الكنيسة في الغرب لها علاقة بامور اخرى لا علاقة بقضايا اللاهوت او التدخل به.
اذا كان "المؤمنون من غير الاكليروس هم علمانين" جملة صحيحة فهنا فبما انها ترجمة من اللغة العربية فيجب ان تنطبق ايضا على العرب وتكون صحيحة. فهنا هل يمكن للقراء ان يقولوا ما يلي: المسلمون المتدينون الذين هم ليسوا رجال دين مسلمين هم علمانين؟ انا اقول كلا. الاغلبية الساحقة من المسلمين هم ليسوا علمانيون. حجتي هذه لوحدها تؤكد بشكل لا يقبل الشك من ان استعمال كلمة علماني هو استعمال خاطئ.
الحل؟ بما اننا لا نملك مصطلحات ونستعمل ترجمات في غير محلها فاعتقد بان ما جاء ضمن مقالتك بالاشارة الى استعمال مصطلح "الرعية" هو الاصح واجد الاكتفاء به. في حالة عدم الاكتفاء به فربما سيكون استعمال مصطلح "لايتي" كما هو دون ترجمته مع اعطاء شرح لمعنى الكلمة.
المنطق يقول هناك شعب يعيش على كوكبنا اسمه العرب ولو كنت منطقيا فتذكر خصائصه بالمنطق اما تستهزأ به فهذا انقياد عاطفي وسياسي مؤدلج وليس علمي ،فالمفكر او الباحث او العالم ينطق كل شيء باسمه.
انا شخصيا احتقر العربجية والعروبجية الى درجة اذا كان هناك مسيحين يعتبرون انفسهم عرب فانني مع ان يتحولوا الى الاسلام باسرع وقت ممكن. واحتقاري للثقافة العربجية والعروبجية هو يمتلك اقوى منطق ممكن في التاريخ, فمنطقي يعتمد على المنطق والخبرة العالمية الدولية. فلو كان قانون المسالة والعدالة بعد سقوط البعث قد انتج نفس قرارات محاكمات نورنبيرغ في محاربة ومعاقبة ثقافة النازية ومعاقبة اي شخص يستعمل الرموز التي استعملتها النازية فكان ينبغي اصدار قرارات بمعاقبة فورية لاي شخص عربجي يسمي العراق ارض عربية او يعتبرها جزء من الامة العربجيية لان هذه الشعارات كانت كلها رموز البعث المجرم.
وعليه يؤكد هابرماس :علينا احترام تقاليد الحضارات التي نتعامل ونتعاطى معها
جملة "علينا احترام تقاليد الحضارات التي نتعامل ونتعاطى معها" هي جملة عامة شاملة وهي تستطيع فقط ان تصمد لمدة لا تتجاوز ثانيتين. فهذه كان قد قالها لي اشخاص تابعين لليسار , حيث في احدى النقاشات حول ثقافة الاسلام قالوا لي جملة مشابهة لها وقلت لهم ما يلي: انا معكم , فعلينا ان نحترم الثقافات, ففي العراق انا مع انشاء مجتمع مقفول محاط بسياج في منطقة الفلوجة والرمادي تحوي كل الجماعات الاسلامية والبعثيين العرب وهذا مع اعطائهم كافة الحقوق في ان يعيشوا في منطقتهم هذه الثقافة التي يريدونها من ممارسة التفجيرات بين انفسهم او تخوين بعضهم البعض... فقالوا لي "هل انت تمزح؟" فقلت لهم "كلا بالتاكيد... انا اقوم فقط باحترام الثقافات واقوم فقط بالمحافظة على الثقافات كما تطلبون منا".
واما بالنسبة لاصول المخاطبة:المنطق وطبعا المنطق الحديث يقول وهذه نتائج دراسات علمية :ان كل حضارة لها عناصرها من القيم والعادات والتقاليد والسلوكيات ومنها عادات المخاطبة تنتقل للفرد وتصبح جزءا منه وهي نسبية بين حضارة واخرى فنحن جزء من حضارة شرق اوسطية تعلمنا اداب المخاطبة بتعريف من نخاطب والتحية وما شابه وانت تاتي دائما وتقول في المواقع الغربية لايوجد هكذا،يا اخي ثقافتنا ثقافة شرق اوسطية شئنا ام ابينا ما لنا وما الغرب منا ،قد يعتبر الغربيون طريقتهم صحيحة لان هكذا تعلموا ونحن ايضا وكل شعب في المعمورة له تقاليده وادابه وطرقه للمخاطبة والنقاش ويعتبرها الصحيحة
انت لا تتحدث عن المشكلة في حد ذاتها: في المنتديات الغربية بالفعل ليس هناك القاء تحية ولا ربط الموضوع بشخص معين وانما يتعاملون مع المداخلة فقط. فهم يؤيدون مداخلة او يرفضون مداخلة. هم لا يؤيدون شخص او يرفضون شخص. وهذه طريقة صحيحة, لماذا؟ لان تصور شخص يمتلك فكرة معينة, فمن قال بان نفس الشخص سيمتلك نفس الفكرة ولن يغيرها بعد سنتين او بعد عشر سنوات؟ وحتى طبيعة الانسان هي دائما في تغيير... اما في هذا المنتدى فهناك اما تاييد لشخص او رفض للشخص وهذا ليس نقاش. وحتى حول التعامل مع الشخص فهناك طريقة مختلفة تماما وكنت قد شرحتها واقتبسها الان:
اولا الظاهرة في المنطقة المتاثرة بالثقافة العربية والاسلامية: عندما يلتقي شخص بشخص اخر في منتدى حواري او في الحياة اليومية فان هذا الشخص الاول
يخمن ويفترض فورا بان الشخص المقابل هو لا بد انه سيئ ويمتلك نية غير خيرة الى ان يثبت العكس.طبعا هكذا تفكير منتشر في الثقافة المتاثرة بالثقافة العربية هي غير منطقية ولا يمكن ان تصل الى اي نتيجة. لماذا؟ لان كم من الفترة يجب ان ينتظر الشخص الى ان يثبت المقابل العكس, اي بان نيته هي خيرة وليس يمتلك نية سيئة؟ سنة؟ سنتين؟ عشرة سنوات؟ مئة سنة؟ من يستطيع ان يحدد فترة معينة وعلى اي اساس؟ كيف سيبرر فترة اذا حددها؟ هذه ستكون عبارة عن شخص يدور الى الابد والى ما لانهاية في حلقة مفرغة.
الظاهرة في الغرب: في الغرب عندما يلتقي شخص بشخص اخر في منتدى او في الحياة اليومية فان هذا الشخص
يخمن فورا بان الشخص المقابل بانه شخص جيد ويمتلك نية خيرة الى ان يثبت العكس, او بشكل ادق الى ان تصبح الاحتمالات بان نيته ليست خيرة ضعيفة للغاية.وهذه الطريقة هي منطقية جدا. اين الاثبات؟ ابسط اثبات ان القوانين في المحاكم تتعامل على هذا الاساس, فالمتهم برئ الى ان تصبح الاحتمالات بانه ليس برئ ضعيفة للغاية. وهذه القوانين نفسها جاء استخلاصها بالاعتماد على ممارسات منطقية.
اذ تصور مجتمع يقوم فيه كل شخص بالتخمين فورا بان المقابل لا بد انه يمتلك نية سيئة الى ان يثبت العكس...هكذا مجتمع لن تجد فيه سوى اتهامات متبادلة لا تنتهي وسيبقى المجتمع يدور في هكذا اتهامات الى الابد... وهذا هو حال المجتمع العراقي بالضبط.
وهذا هو حال هذا المنتدى الذي تغلب عليه طابع الاتهامات في اغلبية المقالات والمداخلات.
في الغرب لانهم يخمنون منذ البداية بان كل شخص هو يمتلك نية خيرة الى ان تصبح الاحتمالات بان نيته ليست خيرة ضعيفة للغاية , فلهذا هم ايضا غير مهتمين بمن هو ذاك الشخص وانما يهتمون بالمادة المطروحة. هذه هي الاسباب في تفوق النقاش في الغرب الى جانب عدة اسباب اخرى, حيث هم يعرفون باغلبية المغالطات المنطقية, فالطعن في الايمان المسيحي لاشخاص معينين لن يعني اطلاقا بان ما يقوله المقابل قد تم دحضه, فهذه مغالطة منطقية لا يستعملها الاوربين لانها مضيعة للوقت وتدمر الاسلوب الحضاري للنقاش ويصبح النقاش نفسه عديم المعنى..هذا بالاضافة الى تطور العلوم والفلسفة عند الغرب عبر فترة طويلة...
هذا المنتدى هنا لم يرتقي لحد الان الى مستوى نستطيع ان نسميه بانه منبر حواري يتعامل مع النقاشات. هكذا سلوكيات وعادات ينبغي ان تتغير وليس هناك مبرر منطقي للقبول بضرورة احترام كل السلوكيات والعادات لكل الشعوب, فالسلوكيات والعادات هي ليست بايولوجية مرتبطة دائما والى الابد بمجموعة معينة وانما يمكن لها ان تتغيير, فاذا فقد شعب سلوكيات او عادات معينة فانه لن يصبح بدون سلوكيات وعادات حتى نقول نحن لا نحترم هذا الشعب, وانما الشعب سيكتسب عادات وسلوكيات جديدة.