المحرر موضوع: لن تتوقف المذابح في ظل هذه النصوص  (زيارة 1380 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لن تتوقف المذابح في ظل هذه النصوص
بقلم/ سلوان ساكو
في الشهر العاشرّ من عام 1995، أقبلَ رجلٌ يُغطي الشيبّ رأسه بتجاه مقر الحزب( حزب البعث)، وطلب مقابلة أمين السر الفرقة، والذي يكون عادة بدرجة عضو شعبة، بعد هُنَيْهَةً قصيرة خرج  الرجل من الغرفة وذهب، على الفور أستدعى المسؤول كل الرفاق الحاضرين، وطلب منهم مراقبة بيت هذا الرجل المسنّ من الساعة الثانية عشر ليلاً وحتى بزوغ الفجر، استغرب الحاضرين من هذا الأمر، فهذه العائلة معروفة في المنطقة وقديمة، ومسيحية مسالمة تحظى باحترام أهل الحيّ وساكنيه، فجاوبهم هذا المسؤول أن بيت الرجل تعرض للرشق مرتين خلال أسبوع، مرة بالطماطة، والثانية بالحجارة، مما أدى لكسر زجاج بيته وسيارته البرازيلي. بعد مراقبة مخارج ومداخل الحيّ على مدار أربعة  ليالي، تم أخيراً  إلقاء القبض على شخصان ثالثهم قُيضَ له الهرب، بعد جلبهم الى مقر الحزب اعترفا أنهم هم من كان يضرب بيت  داؤد المسيحي، والسبب في ذلك كان نصرة أهل الأسلام والمسلمين في حرب البوسة والهرسك والكروات والصرب. بعد ذاك تبين أنهم مجموعة من خلية كانت تخطط لفعل المزيد.
حين سُئل منفذ مجزرة مسجدي النور ولينوود في كرايست تشيرتش في نيوزيلندا، المتشدد الإرهابي بيرنتون هاريسون تارانت والذي تسبب في مقتل 50 شخصا وإصابة 50 آخرين عن الدافع وراء الجريمتين قال، (أنا أكمل ما بدأه أندريس بيهرينغ بريفيك)، وهذا الأخير هو يميني نرويجي متطرف، إرتكب هجمات النرويج في عام 2011 والذي ذهب ضحيتها 76 قتيل بينهم الكثير من الأطفال. وبرر  بيرينغ برييفيك الذي يلقب نفسه  (قائد فرسان الحق) فعلته حينها  (أنه عمل وقائي ضد خونة هذا الوطن).
لا تجلب الأفكار  الراديكالية الأصولية  المتشددة أو السلفية المتطرفة غير  الأفكار المصبوغة بأوحال نتنة هدامة تكون بمثابة إرهاص أولي لعمل إرهابي لا يلبث أن يؤول في النهاية إلى فعل تدميري يؤدي إلى قتل أُناس أبرياء، لا ناقة لهم ولا جملّ في كل ما يحدث في المطبخ السياسي والديني، والذي يتلاعب به أساطين رجال السياسة والدين. ولكن هذه الأفكار التدميرية لها ما يبررها لمن يُريد توظفها في سياقها الديني المُسياس، وخاصة النص المؤول والذي تجدّ دائماً من يُكرس له قلمه في تأجيج الصراع وزرع بذور الفتنة وتكفير  الأخر وأستثارة النوازع الحيوانية في أنسان كَلِيم بالأساس، فيجد المتطرف والمتشدد فرصة في هذا النصّ وذلك الكتاب من تبريرات في مصادرة حق الآخرين في العيشْ، دير ياسين، مجزرة نيوزيلندا، المذابح الفضيعة في سيرلانكا، كل هذه تجليات لشئ واحد هو تأويل مختلف للنصوص الدينية، خاصة أذا كان النص ذاته يتحمل هذا التأويل، فيخرج من سياقه وتاريخ كتابته، ومضامين طرحه الأساسية، ويُركب في مشهد آخر خارج  السياق التاريخي للحدث ويوظف خطئاً للحاضر، فيصبح هذا النص قنبلة موقوتة لا تحتاج غير سحب الصاعق لتنفجر في أية ساعة مع أقتناع تام أن الذي يفعل هذا العمل أنما يقترب من، الله، الرب، يهوه، فالإرهاب والقتل واحد وأن تعددت الصور. لم يأخذ كتاب مكتوبً بالغة العربية في هذا المجال كما أخذ كتاب ‫الجهاد الفريضة الغائبة، حيث يعد هو الأساس الفكري الأول لتنظيم الجهاد في العالم العربي والأسلامي وبنيانه ولبناته الأولى، ‬وهو باكورة الأفكار الجهادية التكفيرية، ضم في دفتي الكتاب كل أقوال العلماء التي يستدل بها أهل الجهاد ليخرج الكاتب بخلاصة تتناسب ومقاييس الفكر الجهادي‫. الكتاب تأليف الشيخ المهندس محمد عبد السلام فرج، والذي أعدم في 1982 في قضية اغتيال السادات حيث ‬تأثر هو نفسه بكتابات سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، وابن تيمية.‫ الكتاب يقع في 32 صفحة من الحجم المتوسط، ولكن وقعها كبير على من يجد في نفسه ‬مُسَوِّغٌ‫ للجهاد. جاء في المقدمة ما يلي ( والذي لا شك فيه هو أن طواغيت الارض لن تزول إلابقوة السيف ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم، ص2 ط 81 )، الكتاب متوفر بشكل كبير في المكتبات، أو حتى على النيت PDF وهو غير محضور لا في مصر ولا غيرها. بعدة فترة من صدور  الفريضة الغائبة ردّ الدكتور فرج فودة بكتاب أسماه الحقيقة الغائبة، ‬قامت فكرة الكتاب على ما اعتبره فودة خطايا للحكم شهدتها فترات الخلافة الراشدة والأموية والعباسية، وتقديمها حقائق غائبة سعى الإسلاميون إلى إخفائها عن الناس والأكتفاء بتقديم الوجه المشرق لتلك الفترات، كما خلص إلى أن الإسلام دين لا دولة، والشريعة وسيلة لا غاية،‫ على وقع هذا السجِال وهذه الأفكار المثيرة للجدل والخطيرة  تم أغتياله عام 1992. ‬
‫التعقل والتبصر في القراءات لأيَّ موضوع كان سواءً ديني أو سياسي أو فلسفي أو أجتماعي، يتطلب عقلاً نقدياً جدلياً مركباً، حتى وإن أصطبغ بصبغة ماركسية ديالكتيكية جدلية لا مشكلة، فمع هذا تستقيم الحالة المطروحة للنقاش، أما أن يتم قراءة موضوع ما أو نص ديني من زاوية واحدة فقط ويتم الأخذ بها فهذا عين الخطر بذاته‬، الآيات القرأنية التي تأُخذ بمعزل عن سياقها التاريخي والأجتماعي  وظرف وجودها وتفسر تفسيراً خاصاً بعيداً عن روح ذلك العصر تكون بمثابة بلاءً على الأمة والشعوب‫. من هذا المنطلق يجب تغير طرق التفكير   وتعميق المدارك وطرح أفكاراً جديدة، بحيث تكون هي الدافع في خلق وعياً جديداً وتيارات ليبراليا تحاكي قيمة الأنسان ذاته، بغض النظر عن الدين أو القومية او المذهب أو العرق. إن لم يكون هنالك تغير في مُجمل القراءات السطحية للنص الديني  سوف نشهد الكثير  من المذابح والمجازر  والتفجيرات والقتل باسم الدين، ولن نتمكن من تخطي هذه العتبة الدامية بعد ذلك ابداً، وفي سبيل ذلك تسيل أنهاراً  غزيرة من الدماء البريئه، لأن الوصول إلى ذلك يكون سهل في ظل هذه النصوص التكفيرية الجاهزة للأستخدام في كل زمان ومكان. ‬


غير متصل josef1

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4780
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ سلوان العزيز
موضوع قيم بارك الله بك لاهتمامك بهذه المواضيع التي تهم شعبنا وكذلك الانسانية .