المحرر موضوع: الآيديولوجية لا يقتلها الرصاص ، والفكر الوطني لا يُهزم بالعنف والإرهاب  (زيارة 786 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الدكتور علي الخالدي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 486
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
الآيديولوجية لا يقتلها الرصاص ، والفكر الوطني لا يُهزم بالعنف والإرهاب 
دكتور/ علي الخالدي
في كثير من الدول الفقيرة والتي تتصاعد فيها نسبة الامية والتخلف في اصدار القوانين المدنية التي تحمي المواطن من بطش سارقي قوته وعدم محاسبتهم . في هذه الدول ، يُستخدم بسطاء الأميين  كأدوات تصدي لكل من يدعو الي التعليم ونشر الثقافة في أوساط المجتمع ، وكثيرا ما حاولت القوى الرجعية والأحزاب الإسلامية المتشددة مع البرجوازية إستخدامهم لعرقلة الثقافة التنويرية وتقويض العلم بالغيبيات ، لسبب معروف لدى الكثير من عامة الناس ، وخاصة من سَهُل خدعه بلباس التدين الذي يرتديه البعض ، ليُظهروا ورعهم الديني ، مع العلم أغلبتهم العظمى إرتقى سلم الغناء لعيش بحبوحة الحياة الدنيوية ، التي أبقته يَخدع ناسه بتدينه الجديد ، مشكلا منهم ميليشيات سائبة تُسَهل له تكفير الآخر وإتهامه بنفكيك المجتمع . وتُمَكنَه تحويل خرافات غريبة مستوردة من الخارج لقوانين وشريعة تَجعل من الله سيف لقطع الرقاب ، ظاننا وناسه أن ذلك سيكون له شفيعا يوم الحساب ، بينما يكتفي البعض الآخر من المتديين الجدد تجييش المناسيات المذهبية طائفيا ، من ضمن هؤلاء ما كان يدعو لفرض التدين بقوة السلاح وبالفتاوي ، مقتنعا بأن ذلك سيكون ورقة تُغفر بها ذنوبه يوم حساب الآخرة . وبطرق ذكية يستغل الثغرات التي أوجدت في دساتير بعض تلك الدول والتي تتماهى مع شرائعهم الدينية (الشريعة مصدر التشريع) ، وعلى أساس ذلك تُبعَد الجماهير الشعبية عن المساهمة في إبداء رأيها بحجة أنهم لوحدهم المؤهلون لذلك ، وإن لديهم تخويل إلاهي  بإستعمال القوة لإرهاب الوطنيين من مدنيين وعلمانيين ، ُمأخوذين بعزة التوهم أيضا ، أن أساليبهم تلك ستُضيق الخناق على الأفكار الوطنية التنويرية  وخاصة ما يتعلق منها بالمطالبة بنحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين الناس جميعا كما جاءت بذالك الرسالات السماوية 
 
وبناءا على ذلك ينمو تصور في عقول بعض حكام أنظمة تلك الدول وقادة بعض الأجزاب الإسلامية الشمولية ، إن إستعمال الرصاص الحي في تصفية حاملي الأفكار التنويريه فرديا وجمعيا يكون حاسما في قتل آيديولوجيتهم ، التي تهدف التغيير والإصلاح ضمن حراك إجتماعي - إقتصادي في مجتمعاتها ، وإن الخير والتقدم تقوم به أحزابها البرجوازية الدينية (ذات الآيديولوجية الهوائية والغير ثابتة)، لكونها تقوم على نشر مصالح تدينهم الذاتية ، كما عكسه تاريخ تلك الحكومات والأنظمة التي توالت على حكم دول العالم الثالث . ذلك التاريخ القائم على فرض فكرهم الهوائي بإستغلال ما أنيط لهم من مناصب ، خلالها شرعنوا الفساد والمحسوبية ( الأقربون أولى بالمعروف ) كما يحصل في بلدان الشرق الأوسط التي تتطلع شعوبها نحو الحرية والحياة الحرة الكريمة ، فمنهم من تبني نهج المحاصصة الطائفية والإثنية سياسيا لتقاسم السلطة بين مذهبين وقوميتين  ومنهم من إتخذ  سيطرة مذهب أحادي الجانب على دفة الحكم ، لتحقيق أجنداته ومذهبه (إيران والسودان وتركيا ). و هذه الأنظمة على إختلاف مذاهبها الإسلامية تعتبر ليومنا هذا أن كل حدث خارج مذهبها وشريعتها لا يعدوا كونه تفاصيل خالية من المعنى والأهمية . إذ ليس من مصلحتها أن تلتهي شعوبها بأمور وقضايا تشغلهم عن معركة إسناد تشبثهم بسيطرة حكمهم الإسلامي في دوائر الدولة الأمنية والإدارية وخاصة المالكة للسيولة المالية . لذا فهم لن يهتموا بالتعليم وبدور الثقافة وخاصة المدرسة ، المسؤولة  الأولى عن صقل سلوكيات الطفل وتطور عقليته ، بالإضافة إلى العائلة التي تتحمل مسؤولة تواصل تأمين حياة مناسبة لمواصلة تعليمه ، مع العلم أن أغلب العوائل في تلك الدول تكون عاجزة عن القيام بوظيفتها لما تمر به من ضائقة إقتصادية ، صنعها نهب المتدينين الجدد ( بإسم الدين باكونا الحرامية )،  رغم غنى بلدانها . لذا تبقى مسؤولية رسم إستراتيجية تعليمية كإنشاء رياض الأطفال والمدارس والجامعات باعتبارها ركن أساسي تقوم عليها التنمية البشرية للمجتمع ، بينما تبقى أدوات الثقافة الأخرى تلعب دورا طليعيا في ذلك ، فمروجي الثقافة من أمثال مروجي حملة انا عراقي أنا أقراء لن تغيب عن مواصلة نشر الثقافة حتى بين صفوف المتعلمين الذين يخافهم لابس التدين الجديد . فتقويم الطفل يتوقف اولا وأخيرا على التعليم في المدإرس التي تفتقر لها الكثير من تلك الدول ، ولا يغيب هنا دور بعض المراكز الدينية بخطابها الديني القائم على نشر ثقافة الكراهية للأديان الأخرى وخاصة في أوروبا بدل التثقيف بمعاني نشر المحبة والتعاون الإجتماعي ونبذ العنف بين المذاهب والأديان   
فإذا لم تتم محاربة فساد الأحزاب الإسلامية المتشددة في تلك الدول ، وكشف دورهم في حرمان الشعب من الإطلاع على ينابيع الثقافة الوطنية والعالمية ،وإيقاف حملات التكفير وتحريف ما يتفوه به التنويريين لصالح شعوبهم ، بما فيه ذهاب البعض منهم الى شن أعتداءات غير مبررة على مقرات أحزابهم . وإذا لم يقف الشعب على مصادر تمويل أحزابهم وميليشياتهم ، وإبقاء قادتها ومحسوبيهم في مواقع القرار دون سؤالهم من اين لك هذا ماليا ، وأين الكفاءة التي تملكها لتشغل هكذا منصب  ، فإن كل الإجراءات تبقى مشوشة ومبهمة ، فسيستمر الفاسدون السابقون والطارؤون من الآهثون وراء المواقع السيادية في الدولة تحاصصيا بسرقة الشعب والوطن . وإذ لم يتم تهديم نهجهم الذي ليومنا هذا وقف حجر عثرة أمام التنمية البشرية إقتصاديا وإجتماعيا فكريا وثقافيا ، فستستمر معوقات أنطلاق الشعوب نحو بناء أوطاناً خالية من الفساد والمحاصصة اللتان غيبتا الوطنية التي كان يتحلى بها بعض قادة تلك الأحزاب الإسلامية بعد تبرجزهم