المحرر موضوع: أحزاب أشورية حرّفت دعوة النضال من اجل الحقوق الى دعوة حق يراد بها باطل!!  (زيارة 1808 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

أحزاب أشورية حرّفت دعوة النضال من اجل الحقوق الى دعوة حق يراد بها باطل!!
أوشـــانا نيســان
" أعتقد أنه من الافضل تشكيل مجلس أعلى يجمع قيادات منتخبة من جميع ألاحزاب السياسية الاشورية بهدف تصحيح المسيرة السياسية". هذا ما قاله رجل دين بارز في كنيسة المشرق الاشورية لسكرتير حزب سياسي أشوري معروف، أثناء مشاركته في أنعقاد المجمع السنهادوسي الثالث في أربيل اعتبارا من 13-18 مايو/أيار 2019.  المقترح الذي يتفق مضمونه كثيرا مع دعوة الكاردينال لويس روفائيل ساكو لمسيحيّي العراق،  بتشكيل مرجعية مسيحية موحدة بتاريخ 02 نيسان 2019. الفرق الوحيد بين الدعوتين هي المرجعية المسيحية بدلا من المرجعية القومية كما يراد لها.
علما أن الدعوتين جاءتا ضمن سياق الملاحظات التي أثارت أهتماماتي شخصيا بعدما حفظتها في ذاكرتي قبل رفع شعار العودة الى الوطن عام 2013. حيث أعتقد وبعد معايشتي للواقع السياسي داخل الوطن عن قرب، أن مسيرتنا السياسية وتحديدا مسيرة أحزابنا ومنظماتنا السياسية فشلت نوعا ما خلال ما يقارب من نصف قرن متواصل، فشلت في أنجاز مهمتها الاساسية واليوم بحاجة الى تغييرات جذرية وقرارات شجاعة وحاسمة قد لا تحبذها الكثير من القيادات الحزبية المتنفذة.
ولتفادي الوقوع في أي التباس ذي نتائج تاريخية عكسية خلال البحث عن أيجاد الدليل القطعي الذي يثبت مسألة تراجع دور الاحزاب أن لم نقل فشلها، تلك الدعوة التي وجهها البيت الأبيض الامريكي الى المطران مار بشار متي وردة راعي ابرشية اربيل للكلدان الكاثوليك بتاريخ 12/12/2018، لحضور مراسيم توقيع مشروع القرارالذي يقّر بأن جرائم داعش ضد المسيحيين والايزيديين في العراق وسوريا هي " ابادة جماعية"، وان الحكومة الامريكية تعهدت في تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لهم لإعادة إعمار مناطقهم المحررة وملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم.
هذه الدعوة/ دعوة زعيمة العالم كان يفترض بها أن توجه أساسا الى القيادات الحزبية ونحن في بداية الالفية الثالثة، ولكنها لم توجه لا لاعتبارات الغباء الامريكي كما يعتقد الكثيرون، وانما بسبب أصرار النخب السياسية "المتحزبة" لابناء شعبنا الابي على رفع اسوار الاحزاب فوق تخوم وارادة شعبنا المضطهد. رغم أن الدول المتحكمة في خيوط صنع القرارات الدولية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية، تفضل دوما التعامل مع النواب او الممثلين الحقيقين للشعوب وليس مع أجندة الاحزاب ومصالحها الفئوية الضيقة.
ولربما لهذه الاسباب وغيرها تعهد هذا الرجل الديني البارز، أن لايقف ساكنا وشعبه يباد أويدفع للهجرة عنوة كما يجري في العراق وسوريا ولبنان، فقد قررتكثيف جولاته المكوكية ولقاء وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، بهدف دعوة الحكومة البريطانية الى تقديم مساعدات عاجلة لمنع جماعات الأقليات الدينية المضطهدة من الموت في أوطانها القديمة. وفي الاجتماعات التي عُقِدتْ بتاريخ 21/مايو الجاري طلبَ رئيس الأساقفة الكاثوليكي الكلداني، المطران بشار وردة، من حكومة المملكة المتحدة تقديم مساعدة مباشرة للمسيحيين وغيرهم ممن عانوا من الإبادة الجماعية في العراق. وطلبَ رئيس الأساقفة الذي إلتقى أيضاً بوزير الدائرة الخارجية لورد أحمد من ويمبلدون من المملكة المتحدة ممارسة الضغط الدبلوماسي على حكومة العراق لتحسين الأمن وإنهاء التمييز المؤسسي ضد المسيحيين والأقليات الأخرى، أنتهى الاقتباس.
 
 
في الوقت الذي تستمرفيه القيادات الحزبية التي أدمنت الفردية والشمولية والاحتراف الزائف في تصعيد خلافاتها الذاتية وتحويلها الى المحاكم من دون تردد رغم تداعياتها المادية المكلفة ودورها في تبديد ألاموال التي يتبرع بها المغتربون في بلدان الغرب للعوائل النازحة والاسر المحتاجة داخل الوطن.
اليوم وبعد جل هذه الاختراقات والاختلاسات العلنية، يفترض بنا جميعا أن نقرأ ذاتنا وتاريخنا لنفلح ولو مرة في تغييرمستقبل الاجيال، وألا سنستمر في ترديد القول القائل" نحن شعب لا يقرأ ولايفهم التاريخ ومشكلتنا الاساسية هي أننا لا نعرف ماذا نريد". 
حيث الكل بات يعرف، أن نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في البرلمانين بغداد وأربيل خلال العقود الاخيرة، أثبتت بالدليل القطعي أن بوصلة القيادات الحزبية أنحرفت كثيرا عن مسارها الحقيقي الذي يجب أن تكون عليه. حيث بدلا من أن يكون هم القيادات الحزبية، تحقيق حقوقنا ورص صفوفنا القومية والوطنية الممزقة، أصبح همها الوحيد، التكالب على كرسي السلطة والبرلمان الى جانب ضرورة التمسك بأجندة الجهة السياسية الممولة من وراء الكواليس. لدرجة يمكن القول ، أن الفشل سينتظر منذ البداية مصير كل مرشح يحمل أجندة التغيير ويتكيء على أصوات أبناء شعبه الاشوري، كما حدث معي في الانتخابات النيابية في بغداد بتاريخ 12 مايو 2018، لابسبب الخلل في برنامجي الانتخابي وانما بسبب غياب العناصر التالية:
- غياب المناخ السياسي والفكري المناسب لاخصاب بذور التجربة الديمقراطية النزيهة في العراق
- غياب الصفوة السياسية الراغبة في أطلاق مسيرة الاصلاح والتغيير
- غياب البرنامج القومي – الوطني المتفق عليه من قبل الاكثرية والذي يمكن تسميته بالمرجعية
فالمعلوم أن غياب العناصر المذكورة أعلاه ، مهدت بشكل أو باخر في توسيع الفجوة القاتلة بين الأحزاب السياسية على اختلاف تسمياتها و بين المواطنين المتشبثين بجذورهم داخل الوطن، بعدما نفضت الجماهير يدها من تلك القيادات الحزبية. ولاسيما بعدما أصبح الشغل الشاغل للاحزاب، هو الوصول تحت قبة البرلمان أوالمشاركة في  الحكومة بأية وسيلة كانت حتى و لو جاء الوصول على حساب المبادئ والشعب كله، بالاضافة الى حرص نتفة من القيادات الحزبية المتنفذة على تفضيل الانتماء القبلي على الايديولوجي.
الامر الاخر، فأن المعروف عن الانشقاقات أوالخلافات الحزبية التي عصفت وتعصف باستمرار بين القيادات الحزبية لآبناء شعبنا، فأنها نادرا ما تحمل طابعا ايديولوجيا أو فكريا أو حتى الحرص على وحدة صفوف أبناء شعبنا الابي، وانما مسألة التطاحن والتنافس على رئاسة الحزب الى جانب الرغبة الجامحة بالاستحواذ على ميزانية الحزب ومصادرها، جاءت دوما في مقدمة الاسباب التي وقفت وتقف بانتظام وراء مجمل الانشقاقات التي جرت داخل الاحزاب.
وفي الختام لربما يقول قائل، أن عصر الحركات القومية وتحديدا التقدمية منها قد انتهى منذ الربع الأخير من القرن العشرين تقريبا فلماذا يجب أن أن نتبع الاحزاب؟  ولكن وللحق يقال فان النظام الديمقراطي الليبرالي الموعود لم يزدهر بعد في عصر ما بعد الحداثة أو حتى عصر نهاية التاريخ كما بشّر فوكوياما قبل عقود، لا في الغرب ولا في جميع بلدان الشرق الاوسط . وأن الاحزاب العراقية عموما وأحزابنا على وجه التحديد مثلما لم تنجح في ايصال شعبنا الى بر الامان بالقدر نفسه نجحت في اطفاء بذور الامل في قلوبهم للاسف الشديد. لآن القيادات الحزبية المسموعة صوتها، لاتستمد قوة الارادة ومشروعيتها من ارادة شعبها ومعاناته وتطلعاته، وانما من الجهات الخارجية التي تضافرت حتى الامس القريب في أضعاف أرادتنا وتقزيم وجودنا القومي والوطني ونحن على أرض الاباء والاجداد. عليه يجب الاسراع في خلق المناخ السياسي الملائم في تصحيح المسار وضبط البوصلة التي ترشدنا نحو المسار القومي الصحيح تحت ظل مرجعية جديدة أو قيادة نزيهة لا تدخر اي جهد في سبيل ضمان شرعية وجودنا وحقوقنا القومية داخل العراق الجديد اليوم قبل الغد!!