المحرر موضوع: أبي، أنت معنا دائماً  (زيارة 1001 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أمير يوسف

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 27
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أبي، أنت معنا دائماً
« في: 10:24 09/06/2019 »
أبي، أنت معنا دائماً
أأبي أنت همسة في الفكر، وطيبة تعلمني، وبساطة تنير لي الطريق. أنت أبسط إنسان شاهدته في حياتي.
عشرون عاماً مرت مذ تركتنا وأنت لاتزال في قلوب كل الذين عرفوك. نعم، أفتقدك كثيراً وأكتب لك من عقلي ونفسي، فقد قلت لك في السبعينيات من القرن العشرين: “لن أخيب ظنك يا أبي، وأنا أعني ما أقول". قلتُ ذلك لأنك علمتني على حب الناس ومعرفة كنه الحياة.

أبي، كنتَ رحب الصدر، طيب القلب، كريم الذات، ومؤمناً بالله إلى أبعد حدود الايمان. وكنت تحب جميع الذين عشت معهم وعرفتهم، وكانوا يكنون لك أقصى درجات الود والاحترام، كنت معلماً كبيراً رغم أنك لم تتعلم في المدارس. تعلمتَ في مدرسة الحياة وعرفت أن ما نراه هو نصف الحقيقة وهو أعمق وأكبر وأعلى مما يبدو. كنت تقول لي بكلماتك البسيطة: "إن هذه الأمور الحياتية والعلة والمعلول هي أساس الحياة". كنت تتمنى الخير لجميع الذين عرفوك بما فيهم الغرباء. كنتَ ذلك الإنسان الذي ظل متعلقاً بالماضي الذي كان يملأ كل يوم من أيام حياتك إلى أن تركتنا إلى عالم آخر واحتضنتك أرض باريس الجميلة عام 1999.

 أنت لم تُخفِ ما كان يتخالج في صدرك، بل كانت تصدر كركرة من أعماقك لأنك تمرست بالأسى ورحت تشتكي صروف الأيام والسنوات الطوال. أجل، فقد كانت يد النوى الظالمة، التي حرمتك من حنان أمك حين قتلوها وأنت لما تزل طفلاً في العاشرة، وبعد حين قتلوا أباك، تلازمك وتؤلمك طوال حياتك وأنت تتذكر اخوتك وأخواتك وعشيرتك.
تبت أيديهم، حرموك من حنان الأم وعطفها وأنت الطفل الصغير الذي أحب الجبال ورؤية الفراشات وهي تطير، وكان ذلك من الأمور العجيبة والقريبة إلى قلبك. وفي سني عمرك كنت تقول لأمك: "أنتِ الضوء في عتمة الليل والدفء في أيام البرد، أنت عالمي الجميل. أنا لم أستهن بقابلياتك ولم أعرف الحب والحنان إلا في أحضانك، تمنحيني الطمأنينة لأنك جنتي الآن وكل أوان. أنت فكري وروحي ودمي وأنفاسي، أنت الكون كله".

كانت بساطتك منقطعة النظير، فهي الفضيلة الكبرى التي لم تفارقك طوال حياتك، فقد كنت جميلاً بالبساطة التي ظلت معياراً ثابتاً لجميع الصفات الأخرى التي كنت تتحلى بها. وكان التواضع والبساطة في معيشتك وحياتك اليومية أغلى ما ملكت من الفضائل التي ساعدتك في تمتين الأسس اللازمة لحياتك التي استمرت لخمس وثمانين سنة، وهي التي جعلت من شخصيتك جداراً منيعاً تجاه الإغراءات المادية في هذه الدنيا الغرور. لا أعرف يا أبي من أين أتتك القابلية لتعيش بسيطاً ومتواضعاً. يا ترى هل كانت مزروعة فيك أم كانت انجازاً حققته نتيجة جهود جمة لم تخبرنا بها؟ أم كنت تستدعيها وظلت تلازمك طوال حياتك؟ وبقدر ما كانت نفسك بسيطة كانت أسفارك صعبة: العراق، الهند، الأردن، ليبيا، تركيا، المانيا، وأخيراً فرنسا التي احتوتك وفرحت بك.
نعم، أنت لم تزعم البساطة ولم تنسبها إليك، وإنما كانت نفسك تسوقك إلى الدعة التي لازمتك كل سني عمرك، وكانت البساطة الصفة المتغلبة في جميع الحالات التي كانت مليئة بصروف الدهر التي واجهتك.

سلام عليك وعلى بساطتك وعلى روحك،
أنت معنا دائماً.

أمير يوسف، التاسع من حزيران/2019.


غير متصل يوسف الموسوي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1150
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: أبي، أنت معنا دائماً
« رد #1 في: 17:18 09/06/2019 »
سلام عليه يسعدني ان تكون  وفيا وخلاصةمحبه