المحرر موضوع: روحانية الحياة الأرثوذكسية  (زيارة 555 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اولـيفر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 546
    • مشاهدة الملف الشخصي
روحانية الحياة الأرثوذكسية
Oliver كتبها
ساد في العقول هذه الأيام  مفهوم  ناقص هو أن الأرثوذكسية منحصرة في التعليم بينما التعليم الأرثوذكسي هو مجرد رافد ضمن روافد أخري كلها تبلور الحياة الأرثوذكسية. ليس التعليم هو كل الفكر الأرثوذكسي بل بعضه.الأرثوذكسية لا تنحصر فيما نقول بل ينبغي أن تشمل ما نفعل أيضاً.إنحصار و إنحسار الأرثوذكسية في التعاليم وحدها هو تبديد لميراث الأرثوذكسية القبطي و المسكوني أيضاً.لكن البعض يتلذذ في حصر الأرثوذكسية في كلمة هنا و هناك لأن فريسيتهم تتغذى علي الكلام.أما الأرثوذكسية فهي أشمل من مجرد التعليم بالكلام فهناك أيضاً أرثوذكسية السلوك و التعليم بالحياة.. القديسيون الكبار أثناسيوس و كيرلس و يوحنا ذهبي الفم و المطوب أوريجانوس و القديسين أمبروسيوس و أغسطينوس و غيرهم لم يكونوا مجرد معلمين و مفسرين لهم كتب تعكس خلاصة العقيدة  بل كانوا أيضاً آباء عاشوا الإنجيل فخرجت تعاليمهم عصارة نقية سهلة الهضم واضحة المعالم و أعمالهم سبقت تعاليمهم.هذا الإيمان الحي هو مصدر معرفتهم الروحية .فاللاهوتي ليس هو من يحفظ كلمات دقيقة بل هو من يعاين الله بنقاوة القلب.
نلاحظ أن عصر المعلمين الكبار في الكنيسة هو نفسه عصر النساك وآباء الرهبنة الكبار في الكنيسة.لأن إزدهار التعليم يقود إلي حياة أعمق مع الله و إزدهار الحياة مع الله يفرز تعاليماً نقية من خلاصة الإنقياد بالروح القدس بنقاوة قلب.الأرثوذكسية سارت علي قدمين ثابتتين التعليم الإنجيلي و طاعة الإنجيل.فلا يمكن أن نجعل الأرثوذكسية عين بلا قلب فننهمك في التعليم و ننسي الحياة بالتعليم ذاته.
الإيمان النظري هو دقة المصطلحات المستخدمة في وصف ما نعلمه عن الثالوث الأقدس .هو إيمان بأهمية مدلول كل تسمية.لهذا دققت الكنيسة في مجامعها حين وضعت قانون الإيمان شارك فى صياغته آباء كنائس العالم .كان إلتزماً من يومها بالحرص في توصيف طبيعة المسيح و حقيقة الثالوث الأقدس و وحدانيته.شارحة التجسد و طبيعته في مجامعها أما العبارات الروحية غير المختصة بالطبعة الإلهية فلم تكن لها صياغة و لا قانون. الإيمان العملي هو  الروحانية, الإنجيل  المُعاش و طاعة وصاياه .الروح القدس يوسع و يتسع لكل شيء في حدود كلمة الله. الروحانيات لا حدود لها و هي هامة جداً للخلاص كالإيمان.لذا فإن الغيرة الروحية التي يجب أن يتميز بها الفكر الأرثوذكسي أن نضع في حسباننا الروحانية و أهميتها و لا نكتفى بالإيمان النظري وحده بل العملي كذلك.الغيرة في الإيمان لابد أن تشمل الإيمان النظري ( التعليم) و الإيمان العملي ( طاعة الوصية) أما من يكتفي بالجدل في الجزء النظري و يتجاوز كثيراً في التصرف بحجة الغيرة علي الإيمان فهذا له التعليم و ليست له حياة في قلبه.هذا هو وصف الإيمان الفريسي الذي جعل التعليم غاية و ليس وسيلة لنعيش الوصية.إن قيمة التعليم الأرثوذكسي هو ترسيخ الحياة مع المسيح و ليس الإكتفاء بالتعليم.
الطقس في الكنيسة الأرثوذكسية هو معايشة للتعليم نفسه.من يندمج في الطقس بقلب فهيم يصير كالسمائيين الذين يعبدون الجالس علي العرش بطقوس كلها محبة و نقاوة و حكمة.أما الذين يحصرون الطقس في جزءه الظاهري بغير روح فهؤلاء كأهل العالم يعبدون و كلماتهم قاصرة عن الدخول في صحبة صلوات القديسين.من هنا تأتى أهمية تسليم الطقس الحي ليس للرتب الكنسية بل للشعب كله فيعبدون الرب بالروح و الحق.لكن الملاحظ بكل أسف أن لدينا مئات الكتب عن الهراطقة القدامي و الجدد و ليس لدينا كتاب واحد عن معايشة الطقس منذ خمسين سنة و إلي اليوم.هذا يعني أن إهتمامنا بالتعليم النظرى أكثر من إهتمامنا بالتعليم الحي مع أننا نمارس  في الطقس كل التعليم الإنجيلي و الكنسي و هو خير وسيلة لتقديم الإيمان و معايشته.
سيكون من المثمر للجنة الإيمان التعليم و التشريع  في المجمع المقدس أن تنتج لنا كتباً عن عمق الحياة مع الروح القدس و عن الإمتلاء بالروح و تجديد الحياة  و التبرير لكي توجد مفاهيم واضحة لهذه الموضوعات يلتزم بها غير العارفين .نريد أبحاثا و دراسات و كتباً فى مجال الطقوس الحية و عمق الصلوات الكنسية الطقسية و الآبائيات .عن روحانية ممارسة الأسرار.عن الإرشاد الروحى و تدبير سر الإعتراف للأباء الكهنة.كتباً عن روحانية الألحان الكنسية و تعليم الأيقونات.كتباً تؤصل لمفاهيم روحية نحتاجها تشمل كل ما يخص الإيمان العملي و ألا تنحصر مهمتها في الإيمان النظري المهم لكنه ليس كل شيء.وقتها ستكون تقارير هذه اللجنة عملاً بناءاً و مساعداً في فلاحة الإنجيل.
العودة للإيمان الحي في صلواتنا و عظاتنا و كتبنا سيكون حتما صوتاً مباركاً من الثالوث الأقدس و وسيلة للتوبة و النمو الروحى.ترجمة الفكر إلي فعل يجعل أرثوذكسيتنا حياة  لكي نكون أرثوذكس  الإيمان في الفكر و القلب أيضاً.