المحرر موضوع: العَرافَةّ  (زيارة 3122 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العَرافَةّ
« في: 11:07 16/07/2019 »

العَرَافّة


سلوان ساكو

قولي لي ياعرافتي وتنبئي لي...
قولي لي كما قلتِ لأوديب وكما تنبأتِي لآخيل...
اكتبي لي شيئاً في سفرّ الحياة
وطالعي قدري من أسرار الفَناء
استحضري روح صموئيل كلما دعاكِ شاؤول الملك...
طمَنَيّ كلكامش كما طمأنته سيدوري... وقولي له أن لا يبحث عن العُشّبة... فالذي كان كان....
اقرأي كفَ اسمهان.... وبلغيها عن البيان...
اصغي لنداء الحواس... وقرريّ…
وجَيلي ببصركِ وبصيرتكِ في أركان الزمان…
أيتها العرافة الخالدة هل كل ما يُقال صحيحْ...
أم هو حدسٌ في وقتْ الضّياع
طالعي من الرموز  والطلاسم نجاحاتي ومعاناتي...
وجعلي حجابٌ يحميني من أيامي
قولي لي ياعرافة هل الذي يحدث حدثّ من قبل
أم هي صور في زمنٍ مضى...
ياعرافة هل البوح بالسر  معصية الآلهة
أم هي تزكية وقتل الفراغ..
ياعرافة انتِ من بدأ يقص وانتِ من علمني فك الأسرار
وبتُ لا أنام ألا على لغزٌ جديدْ...
والآن ياعرافة هل نكتفي بما قيل
أم نواصل المسير …
هل نغلق الكُفوفٌ ونسدّ الطريق بمزلاج من فولاذ متين...
أم نَضَل هكذا على الدوام…
لقد شَفِيَت الشَّمسُ وقتُ الأصيل....
وذهبَ كُل الذي قيل ادراج الريح.

 ***

أطلس العالم
 
كُلَّمَا دحرج أطلس الحجر عادَ من جديد إلى نقطة البداية... هل نحن كذلك...
سؤالي....
وكُلَّمَا أنتهتّ بينيلوبي من رتقّ ثوب زوجها يوليسس... يغيبُ من جديدْ في عالم النَسيان... هل نحن كذلك...
وكُلَّمَا رحلَ سندباد إلى عوالم مختلفة بدأ الرحلة من جديد.... هل نحن كذلك...
تقصّ شهرزاد على خَلِيلِها شهريار قصَصَ عديدة... مرجانة.... معروف الإسكافي…جعفر... وكل ما تنتهي من واحدة تبدأ من جديد... هل نحن كذلك...
يقول دانتي... يومان في الجحيم... وأربعة في المطهر... ويوم في الجنة... مكتوب كل هذا في الكوميديا الإلهية... ولكن أيضاً يكتب في سفر آخر ...عن منفاه...وعن حبه الخالد... وعن عذابه المتُجدد... هل كتبنا نحن أسفَار حياتنا…
ياسون يجري  وراء الجزةٌ الذهبية ولكن  الملك أيتس يمنعه... يتعلق قلبه بميديا الرهيبة.... وتتدخل أفروديت... وينجح ياسون ويهربون في سفينة آرغوس..
أصرار ...عزيمة... ثم نجاح...هل حاولنا نحن النهوض من بعد فشل؟...
عرافّ المدينة تيرسياس يقول لأوديب... ما لا يُقال...فتنتحر  يوكاستا... ويفقع عيناه أوديب... لغرورٌ أعمى بصيرته...كم مرة أعمانا الغرور.... في حياتنا!...
هذا أطلس العالم يحمل الكرة الأرضية فوق اكتافه في صعوداً وهبوطٍ أزلي... ونحن كما نحن… كماّ كنا… في كل الأزمنة ... والأوقات.