المحرر موضوع: امين يونس في "الحوار المتمدن": زيارة ال - پاپا - فرنسيس إلى العراق  (زيارة 1572 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ankawa admin

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2306
    • مشاهدة الملف الشخصي


الحوار المتمدن/ امين يونس

 من المُفتَرَض ان يقوم ( الپاپا فرنسيس ) بزيارة العراق في شباط أو آذار 2020 ، أي بعد سبعة أشهر تقريباً .. وهي مُدّة قصيرة نسبياً ، إذا لم تُبذَل جهود حثيثة منذ الآن ، من أجل تهيئة الأجواء المُناسِبة لهذه الزيارة التأريخية .. لا سّيما أن الضيف الكبير ، لن يكتفي بزيارة بغداد فقط ، بل سيزور أقليم كردستان أيضاً ، وليس مُستبعداً أن يعرج على سهل نينوى كذلك .
وحسب رأيي المتواضِع ان " التحضيرات " على الأرض لِحَد هذه اللحظة ، ليست بالمُستوى المطلوب لا على مستوى الحكومة الإتحادية ولا حتى على نِطاق حكومة الأقليم إذا اُريدَ إستثمار هذه الزيارة لمصلحة العراق سياسياً على الساحة الدولية .
* بالنسبة لبغداد .. فأن مُجّرَد مجئ الپاپا إلى العراق ، يُعتبَر " إنجازاً " لا سَيما بعد سنوات الإحتراب الداخلي والصراع الطائفي الدموي وطُغيان الميليشيات والجماعات المتطرفة وآخرها داعِش وما رافَقَ كُل ذلك من فوضى عارمة ، والذي تخّلله قتل وتشريد الأقليات الدينية ولا سيما المسيحيين والإيزيديين . زيارة الپاپا فرنسيس ستكون أوّل زيارةٍ لسّيد الفاتيكان على الإطلاق إلى العراق .. ويُفتَرَض أن تعكس إستقرار الوضع السياسي والأمني وتوّفُر شروط العَيش المُشتَرَك .
عشرات الآلاف من المسيحيين شُرِدوا من منازلهم في الجنوب وبغداد والموصل ، وتم الإستيلاء على منازلهم ومحلاتهم التجارية نتيجة التهديدات المستمرة ، إضافةً إلى حدوث تفجيرات مُروعة في الكنائس تزامُناً مع إهمال أو تخاذُل السلطات في حمايتها أو الكشف عن الفاعلين .
أن الحكومة الحالية في بغداد ، رغم عدم تحّملها لأوزار ماجرى من جرائم بِحَق الأقليات ولا سّيما المسيحيين ، خلال السنوات الماضية ، فأنها أي الحكومة ، مَعنِية بتطمين الپاپا وإقناعه بأن الظروف تغيرتْ بالفعل ، وأنه تمتْ السيطرة على الميليشيات والجماعات المُسلحة غير المنضبطة التي كانتْ تقوم بتلك الأفعال الشنيعة .. وان العراق اليوم يستوعب الجميع وبالإمكان توفير حياة كريمة لجميع مكونات الشعب .
لكن هل حقاً سيستطيع عبد المهدي وحكومته ، خلال الأشهُر القادمة ، تحقيق نصف المطلوب في هذا الإتجاه ؟
* بالنسبة لأقليم كردستان ، فالمسألة أعقد . إذ ان الكثير من مسيحيي بغداد والموصل والمحافظات ، بعد أن إضطروا إلى ترك مناطقهم بسبب داعش والمليشيات الطائفية ، توجهوا إلى أقليم كردستان حيث الأمن والإستقرار النسبي . لكن العديد من المسيحيين النازحين ، إعتبروا أقليم كردستان مُجرد محطة مؤقتة ، إلى حين الحصول على فُرصة لمغادرة العراق إلى دول المهجَر .
لم تحدث في أقليم كردستان جرائم إبادة بِحق المسيحيين أو تشريدهم بصورةٍ سافرة أو التضييق على ممارساتهم الدينية . لكن بعض المسيحيين طالما إشتكوا خلال العقود الماضية ، من تعرضهم لضغوط وتهديدات في القرى المسيحية في بعض مناطق زاخو والعمادية وغيرها ، من قِبَل المتنفذين المسلمين الأكراد ، مما دفعهم لترك مناطقهم أو بيع أراضيهم بأثمان بخسة .
كما ان بعض المسيحيين يقولون ان الأحزاب الحاكمة في الأقليم ، إصطنعوا أحزاباً كارتونية مسيحية مُوالية للسلطة ويدّعون بان هذه الأحزاب لا تمثلهم فعلياً . أما مسيحيو سهل نينوى التي كانت تحت سلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد 2003 ، فأن قسماً مهماً منهم ، يعتقدون بأن حكومة الأقليم لم تدافع عنهم بصورةٍ جدية بوجه الهجمة الداعشية في 2014 ويُحّملونها " شأنهم شأن بعض الإيزيديين أيضاً " مسؤولية ما أصابهم من مآسي .
* بعد 16/10/2017 ، وسيطرة الحكومة الإتحادية من خلال الجيش والحشد الشعبي ، على سهل نينوى وسنجار وغيرها ، قامت بغداد بتشكيل أفواج للحشد الشعبي من الأقليات من المسيحيين والإيزيديين والشبك ، موالية لهيئة الحشد الشعبي وتأتمر بأوامرها . ساهمتْ هذه الخطوة بتأجيج الصراعات في هذه المناطق ، وبالفعل قامتْ هذه اللميليشيات المسيحية والشبكية والإيزيدية ، بالكثير من الأعمال الخارجة عن القانون والإعتداء على المواطنين . وما قرار وزارة الخزانة الامريكية بإدراج قائد فوج الحشد المسيحي " ريان الكلداني " وقائد فوج الحشد الشبكي " وعد قدو " ضمن قائمة المطلوبين ، إلا دليلاً على الفوضى القائمة في المنطقة .
* في أطراف بعشيقة القريبة من الموصل ، وهي منطقة مختلطة من الإيزيديين والمسيحيين والشبك ، تتواجد قوات تركية منذ أكثر من ثلاث سنوات ، بحجة محاربة داعش .. لكنها باقية رغم إنحسار داعش ، وليست هنالك علامات لإنسحابها ، وتُشكِل بُؤرة خطرة لإدامة الفوضى وعدم الإستقرار في المنطقة عموماً .
........................
هذه الأجواء المضطربة في الوقت الحاضر ، ووجود قوات أجنبية وميليشيات غير منضبطة في الموصل وسهل نينوى ، من ناحية ، وإرتباك سياسة حكومة أقليم كردستان تجاه ملف الأقليات الدينية وفشلها في كسب ثِقة قطاعات واسعة منهم ، من ناحيةٍ أخرى ... لا يُنبأ عن توقُع الخير الكثير من الزيارة المُرتقبة للپاپا .
* مشروع ( أقليم سهل نينوى ) رُبما سيكون ضمن مباحثات برنامج الزيارة ، لاسيما وهو يحظى كما يبدو ، ليس بتأييد المسيحيين والإيزيديين فقط ، بل حتى بمباركة حكومة أقليم كردستان أيضاً ... بشرط ان يكون القائمين عليها متحالفين إستراتيجياً معهم ! .