مدرسة عنكاوا القديمة سابقاً... مقترح
كانت المدرسة في عنكاوا قديماً تتبع الكنيسة ( كنيسة مار كوركيس ), حيث كان التعليم يجري في اروقتها وغرفها, ويتلقى طلابها دروساً في اللغة، والدين، والطقس الكنسي على أيادي الشمامسة والكهنة.
بعد استقرار عائلة ابراهيم ترويلا والد القس يوسف في عنكاوا، استطاع أن يشرف على تعليم ابنه، فأدخله مدرسة كنيستها. وأتقن آداب اللغة السريانية والتركية والعربية, وقال عن اساتذته في مخطوط "ياقوت الكهنة" تربيت عند أقدام الكهنة الأفاضل، أعتنوا وأهتموا بي في كل ساعة ولحظة، عاملين بقول يسوع : مجاناً أخذتم, مجاناً أعطوا، ووفاءً لـ ( عنكاوا )، لأنها غذته بالعلم والمحبة والفضيلة، وصفها بـ (أم العلوم والمعرفة في الدنيا). وكانت ولادته بعد منتصف القرن الثامن عشر أي (1750) وهذا يعني وجود مدرسة للكنيسة في عنكاوا قبل هذا التاريخ.
كما ورد في مخطوطات أخرى للكنيسة أسماء عدد من المشرفين ومدراء على التعليم، منهم : القس ميخائيل عوديشو كوركيس شاني- مشرفاً سنة 1859, والشماس بطرس شابو شينا- مديراً سنة 1865, وبطرس عزوز- معلماً سنة1871، ثم مديراً لها في عام 1873 , وأخوه الشماس عبد الأحد عزوز معلماً, أما البنات، فكانت تقوم بتعليمهم إشّا شعيا جبلا, ويرد إسم القس، والخوري بطرس عزوز مرة أُخرى كمدير للمدرسة في عام 1894 ، وتلاه في إدارتها الشماس باسيل أنطوان ابن القس ميخائيل الشاني في سنة 1904، ومعه الشماس منصورعزوز, والخوري بولص عجمايا، ويستمر التعليم فيها إلى سنة 1921 وأصبح طلابها النواة الأولى للمدرسة الرسمية, واستلم القس عبدالأحد كوندا إدارة المدرسة بعد الخوري بولس عجمايا..
أما المدرسة الرسمية في عنكاوا فقد تأسست في العام الدراسي 1920_1921, ومع صدور أمر تأسيسها, سارعت الكنيسة بتخصيص قطعة أرض مملوكة لها على أنقاض خان قديم ( كتب عنه الرحالة عند مرورهم بعنكاوا, ورسمه جيمس بكنغهام في مخطط سنة 1816)، وتم بنائها من أموال الكنيسة, بأمر من المطران اسطيفان جبري، وانتهي البناء فيها في العاشر من تشرين الثاني من السنة نفسها، وبدأ الدوام الرسمي فيها لأول مرة في عام 1921, واستمر التعليم فيها لغاية السبعينيات من القرن الماضي، وكان أول مدير لها القس عبد الأحد كوندا، أما الهيئة التعليمية، فكان من بين أعضائها كلٌّ من : كوركيس ككا, والقس منصور عزوز, والشماس باسيل أنطوان شاني, وجرجيس حراق ( من الموصل ), وألكسيس حنوش المالح.. وتلقى التعليم الابتدائي فيها مبكراً العديد من أبناء وبنات عنكاوا, وتخرج فيها خيرة المعلمين والمعلمات الذين كان لهم الدور الريادي الكبير في نهوض وتطور عنكاوا الحالية, وتتلمذ على أيديهم العديد من الطلاب والطالبات الذين أصبحوا فيما بعد أساتذة جامعات، وأطباء، ومهندسين، ومدرسين، وأصحاب حرف ومهن مختلفة، ليس في عنكاوا فحسب, بل في مختلف مدارس أربيل والقرى والبلدات التابعة لها..
هؤلاء حملوا معهم شعاع العلوم والآداب أينما حلّوا.. كل هذا جاء بفضل هذه المدرسة ومعلميها الأوائل.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ألا يستحق هؤلاء المعلمون الأوائل اليوم التكريم على الجهود التي بذلوها، والخدمة العظيمة التي قدموها لأهالي هذه البلدة العزيزة ؟
وهنا أضع أمام أنظار المعنيين في الشأن الكنسي, عند القيام بتشييد أي مشروع على أرض هذه المدرسة، ألّا ينسوا تلك القامات العظيمة، والجهود المضنية لأولئك المربين الأفاضل، لأنهم البناة الحقيقيون لعنكاوا الحديثة، حيث أقترح نصب جدارية لائقة على أرض هذه المدرسة، يُدوَّن فيها أسماء كل الذين تم ذكرهم أَعلاه، إضافة إلى اسماء عدد من المعلمين الرواد، يتوسطهم تمثالين للقس ( عبد الأحد كوندا )، لكونه أول مدير للمدرسة الرسمية في عنكاوا، والمعلم ( متي عوديش عسكر ) كأول من تخرج فيها.
وأي مشروع جديد يتم تشييده على أرضها، يجب أن يكون له علاقة بالعملية التربوية والتعليمية، وبالجانب الثقافي أيضاً، ويحتضن بين ثناياه المؤسسات التي تعمل في هذا الإتجاه.
في الختام أطرَحَ مقترحي لإغناء الأفكار بما يفيد عنكاوا، ويصب في المصلحة العامة لسكانها، وأرجو أن تكون المداخلات والمناقشات هادئة وبناءة، و بعيدة عن الشخصنة, والتشهير, كل ذلك من باب الشعور بالمسؤولية تجاه مدينتنا العزيزة ( عنكاوا ).
فاروق حنا عتو
20آب / 2019