في الجزء الأول (الرابط الاول) توصلنا الى ان عملية التغيير الديمغرافي تحدث بعوامل خارجية أهمها القرارات الحكومية المسيسة لتنفيذ أجندات القوى السياسية الطامعة في أراضي وأملاك ابناء شعبنا وتحويلها من مناطق ذات غالبية مسيحية الى مناطق ذات غالبية غير مسيحية. وعوامل داخلية اهمها واخطرها هي الهجرة.
وفي الجزء الثاني (الرابط الثاني) تطرقنا إلى الهجرة والمهاجر والصراع الذي تحدثه داخل نفسية الفرد الدوافع والمغريات للهجرة مع العوامل المانعة والمقاومة والتي تدفع بالفرد الى البقاء في ارض الاباء والاجداد وامكانية اي منها للتأثير على الأمل في مستقبل أفضل أو اليأس من المستقبل. وقد ختمنا الجزء الثاني بخلاصة أن المجموعة البشرية التي تمتلك إمكانات اقتصادية تتمكن من توفير مستلزمات البنية التحتية اللازمة لاستمرار النشاطات الحياتية بصورة كافية لإبقاء شعلة الأمل متوقدة.
هكذا, فإذا كانت لدى اية مجموعة بشرية طاقات إدارية كفؤة ومتمكنة متنفذه لوضع اليد على الإمكانات الاقتصادية والمادية والبشرية لتلك المجموعة واحتساب هذه الإمكانات وجردها ودراستها ووضع الخطط الادارية لتوجيهها بطريقة علمية ومنهجية وعملية من أجل توفير البنية التحتية لمناطق تواجد أبنائها اولا, وخلق مشاريع تنموية واقتصادية وتجارية وصناعية لأشغال ابناء مجموعتهم ثانيا, فهم على الأمد القصير يمكنهم التغلب على مغريات الهجرة وتحسين الوضع العام وتقوية شعاع الامل بمستقبل افضل, أما على المدى البعيد فهي مدعاة للتوسع والازدهار بل وحتى تغيير بوصلة الهجرة بالاتجاه المعاكس. ولو تحدثنا عن ابناء شعبنا من المسيحيين فأن لدينا من الطاقات الإدارية الكثير منها (فليس من في الداخل يمكن أن يحتسب وإنما من في الخارج هنالك كثيرين ممن لديهم أيضا رغبة المشاركة في وضع الدراسات وإبداء النصح والرأي) ولكن المشكلة أنه ليس لدينا قادة حقيقيين على أرض الواقع للبحث عن هذه الكفاءات وجمعهم والتباحث معهم (القادة عادة يستغلون 10% من جهدهم لخدمة مصالحهم الخاصة وهذا حق مشروع و90% لخدمة شعبهم ولكن على ما يبدو ان قادتنا يعملون العكس)
فلو حدثت المعجزة وتم تشكيل خلية ادارية بضمنها كفاءات اقتصادية وبدأت بالبحث والاستقصاء عن معالم إمكاناتنا (البشرية والاقتصادية والمادية – في الداخل والخارج) والتي فقط يمكن الاستفادة منها في الداخل, فأنا على ثقة بأنهم سوف ينبهرون من النتائج التي سوف يتوصلون إليها – لنتصور على سبيل المثال فقط المنح والتبرعات التي ترسل من الخارج والتي تصرف كل منها بطريقة خاصة ومتفرقة, فلو تم جمعها وتوجيهها بطريقة مدروسة على مشاريع لخدمة شريحة الشباب كأن توفر فرص العمل والدراسة والتطوير ولكون هذه الشريحة تعتبر عماد المجتمع, فكيف ستكون المخرجات او النتائج من هذه الموارد.
في وضعنا الحالي, فأن الطاقات الإدارية والفنية والعلمية والثقافية متفرقة ومبعثرة ولا يوجد أية جهة من شعبنا تهتم بهم واقعهم ومستقبلهم وتطويرهم. كذلك الإمكانات الاقتصادية في الداخل على وجه الخصوص وفي الخارج على وجه العموم هي ايضا مهملة ولايوجد شيء يجمعها ولذلك فأن مخرجاتها على ارض الواقع ليس لها ثقل أو وجود. اما الامكانات المالية فتلك في وضع يؤسف لحاله وهذا واضح للعيان ولا يحتاج الى توضيح
ان المؤسسات التابعة لشعبنا والتي تحكمت ومازالت تتحكم بهذه الامكانات هي التنظيمات الحزبيه والكنسية. وهذه المؤسسات لم تتمكن في يوم ما أن تتفق على ابسط الامور, فكيف نتوقع أن تتفق على امور هي شريان وجودها واستمرارها. وهم المسؤولون مباشرة على إخفاء الحقائق عن حجم هذه الإمكانات لكي لا يستعملها الشعب ورقة ضغط ومحاسبة ضدهم. ومن جانب اخر فأن هذه المؤسسات ليس من مصلحتهم أن يتحدوا او يتفقوا لأنهم في تلك الحالة سوف تنكشف كل هذه الأمور وتجعلهم امام المساءلة.
لذلك فأن على الشعب الضغط على هذه المؤسسات – ليس لمحاسبتهم وإنما الفرض عليهم تشكيل لجان مستقلة من ذوي الشهادات والكفاءات وكل حسب اختصاصه لكي تتكفل هذه التشكيلات بالاهتمام في الجانب الاقتصادي والمالي والعلمي والثقافي. ولابد من القول ان هذه اللجان ليست رقيبة على المؤسسات الحزبية والكنيسة لأننا لا نستطيع الاستمرار بدون دعم رجالات الدين والسياسة ولكل منهم مهامه وواجباته ولكن السياسيين والكنيسة ليس لديهم القدرة على الاهتمام بالأمور الاقتصادية) إذن عليهم بذل بعض الجهود لتأسيس هكذا لجان او على الأقل العمل في هذا التوجه.
ختاما: أن موضوع الهجرة والتغيير الديمغرافي هو أكبر مشكلة تهدد وجودنا وقلع جذورنا من ارض الاباء والاجداد. وان البكاء والعويل وإلقاء اللوم على السياسيين والكنيسة غير صحيح وغير مجدي, وإنما اللوم يقع على عدم بحث المشكلة والحلول والبدائل المناسبة بشكل علمي ومنطقي. في وضعنا الحالي, ليس هنالك من بديل سوى تشكيل لجان ادارية واقتصادية تهتم بالامكانات البشرية والاقتصادية والمالية والعلمية والثقافية وغيرها وتوجيهها لخدمة وتطوير واقع شعبنا في الداخل .
اتوقف هنا (رغم ان لي في الموضوع القول الكثير) لأن هذا الامر لا يمكن أن يرتكز على رأي شخص واحد مثلي وإنما بتبادل الآراء والبحث ووضع الدراسات المناسبة وهذه مسؤولية الجميع وأولهم مؤسساتنا السياسية والكنسية.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,943853.0.htmlhttp://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,949610.0.html