المحرر موضوع: المتهم والمحقق واحد، فما الذي ينتظره الشعب؟  (زيارة 1172 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم حبيب

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1265
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاظم حبيب
المتهم والمحقق واحد، فما الذي ينتظره الشعب؟
طالبت غالبية الشعب العراقي بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومهنية للتحقيق بعن من أعطى الأوامر باستخدام العنف المفرط والرصاص الحي والمطاطي وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع وأساليب أخرى في القتل والاعتقال والتعذيب خلال المظاهرات التي انطلقت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019 لقمع الجماهير المحتجة على أوضاعها المزرية. وقد أدى ذلك العنف الدموي إلى استشهاد جمهرة مقدامة من شبيبة العراق قدرت بالمئات وجرح وتعويق الالاف في مختلف مدن الوسط والجنوب. فماذا فعل رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة العراقية؟ لقد أصدر عادل عبد المهدي بصفتيه قراراً شكل بموجبه لجنة تحقيق وزارية يرأسها وزير التخطيط وعضوية وزير الدفاع ووزير الداخلية والعديد من الموظفين الكبار في القوات المسلحة وأجهزة الأمن والمخابرات وآخرين من نفس النخبة الحاكمة. ومثل هذا القرار يعبر بما لا يقبل الشك عن:
1.   نية بميتة في توجيه التحقيق الوجهة التي تبعد الاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزيري الدفاع والداخلية أولاً وقبل كل شيء.
2.   استهانة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بمطلب الشعب بتشكيل لجنة مهنية مستقلة للتحقيق بمجريات قمع المظاهرات ومن شارك في قمعها.
3.   استهانة رئيس الوزراء بقدرة الشعب العراقي على إدراك اللعبة التي مارسها في تشكيل لجنة تحقيق غر مستقلة وبعيداً عن الحيادية ومن أعضاء مجلس الوزراء وهيئات عسكرية ومدنية ساهمت في إصدار الأوامر لقمع المظاهرات بالوحشية الدموية ومارستها فعلاً.
4.   إن الجهات التي شاركت في التحقيق والذي صدر قرار تشكيل اللجنة متهمون أصلاً بإصدار التعليمات باستخدام هذه الأجهزة للعنف المفرط واستخدام السلاح في فظ مرعب للمظاهرات الشبابية السلمية. 
5.   وهذا يعني بأن رئيس الوزراء بعيدٌ كل البعد عن مطلب الجماهير الشعبية بمعاقبة كل المسؤولين الكبار عن القتل العمد والفاسدين والمسؤولين عن تلك الجرائم التي ارتكبت أثناء فظ المظاهرات.
6.   وبالتالي فهو مصر على البقاء على رأس سلطة طائفية فاسدة ومناهضة لمصالح الشعب ومطالب المتظاهرين برغم المطالبة المتعاظمة باستقالته واستقالة حكومته التي أخلت بالأمانة التي أقسموا جميعاً بالحفاظ عليها وتنفيذها وفي المقدمة منها الخلاص من النظام السياسي الطائفي ومحاصصاته المذلة وتقديم الفاسدين الكبار إلى القضاء العراقي.
7.   كما برهن القضاء العراقي والادعاء العام، ومن جديد، على أنه مسيس 100 بالمئة ولصالح النخب الإسلامية السياسية الطائفية الحاكمة وضد الشه=عب مباشرة، وأعاد إلى الأذهان دور المحكمة الاتحادية المخل بالدستور في التفسير المشوه للدستور وتكليف المستبد بأمره نوري المالكي في تشكيل الوزارة عام 2010 والتي أدت إلى كوارث ومآسي لا مثيل لها لعموم الشعب وبشكل أخص ببنات وأبناء غرب العراق ونينوى.
فماذا كانت حصيلة التقرير الذي أنجزته اللجنة الوزارية؟
أ‌.   لقد جاء التقرير النهائي معبراً عن إرادة ورغبة ومصلحة رئيس الوزراء والوزراء المسؤولين عن القوات المسلحة (الدفاع والداخلية) بتبرأتهم من إصدار قرار استخدام العنف في قمع المظاهرات، أي بعيداً عن إدانة كبار المسؤولين في مجلس الوزراء، لاسيما رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع، إذ وجهت التوصيات الاتهامات والعقوبات لمجموعة من أولئك الذين نفذوا قرار قمع المظاهرات، وليس كلهم.
ب‌.   كما ابتعد كلية عن الإشارة إلى الدور الذي لعبته قوى الحشد الشعبي والمليشيات الطائفية المسلحة، رغم الدور المعروف الذي مارسته هذه القوى المؤتمرة بأوامر ولي الفقيه الإيراني وقاسم سليماني، إذ إن ولاءها لإيران وليس للعراق، أثناء المظاهرات وما بعدها في القنص والقتل والاعتقال والتعذيب والتغييب الشرس للمناضلين المدنيين، ومنهم من لا يزال في المعتقل، كما في حالة الدكتور ميثم الحلو. ولم يشر إلى أسماء الجهات التي كانت تمارس القنص!!
ت‌.   إن التقرير يشير إلى ضعف إدارة المسؤولين في التعامل مع المتظاهرين وعدم قدرتهم على الضبط والسيطرة. ولكن السؤال العادل هل المشكلة في ضعف المسؤولين فقط، أم مسؤوليتهم الفعلية ورغبتهم الجامحة في قمع المتظاهرين بالحزم والشدة، أي بالعنف والرصاص الحي والمطاطي وخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع، أياً كان الثمن؟
ث‌.   من هنا يمكن تأكيد حقيقة أن التقرير قد ابتعد كلية وبقصد مسبق عن تسجيل الحقائق والوقائع في مجرى المظاهرات وقتل شبيبة العراق في جميع مدن الوسط والجنوب. إنه تقرير مشوّه وزائف ومُسيس في غير صالح الشعب العراقي والمتظاهرين وضحايا إرهاب الدولة. 
وتعبر الحكمة العراقية الآتية عن هذا التقرير المُرّ والمعبر عن نصف الحقائق والمشوه لوقائع أخرى: "حَدّث العاقل بما لا يعقل فأن صدقك فلا عقل له"! إنه تقرير هزيل وبائس ومضلل ومشوه للوقائع!
إن من واجب المجتمع العراقي والمنظمات المدنية والأحزاب الديمقراطية أن ترفض هذا التقرير النهائي وتدين ابتعاده كلية عن إدانة المسؤولين الأساسيين والرئيسيين الذين أصدروا قرار قمع المظاهرات وقتل وجرج وتعويق المتظاهرين، إنها مسؤولية سياسية ومعنوية أو أدبية أن يعترف رئيس الوزراء بمسؤوليته السياسية الكاملة عما جرى وليس يختبئ كالفأر الهارب من القط في زاوية مظلمة. إن من واجب المجتمع والمتظاهرين والقوى الديمقراطية والمستقلة، الراغبة والمناضلة من أجل التغيير الجذري للنظام الطائفي الفاسد، زيادة المطالب بمطلب جديد في مظاهرات 25/10/2019 القادمة ورفع شعار يدعو إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في دور المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في العراق خلال مظاهرات أوائل أكتوبر الجاري، وفي المقدمة منها مسؤول السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي. كما من واجب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان أن تساند الشعب العراقي وتطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية مهنية عالية المستوى، وتحقيق المطالب الأساسية التي تظاهر من أجلها شبيبة العراق والتي تتلخص بتحقيق تغيير الحكم الطائفي الفاسد وإقامة دولة وسلطات حرة وديمقراطية ونزيهة وحياة مدنية ديمقراطية في العراق.
لقد كان من واجب القضاء العراقي والادعاء العام، إن لم يكونا مسيسين لصالح الدولة الطائفية الفاسدة والحكم الطائفي الفاسد، أن يبادرا إلى العمل للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت أثناء المظاهرات. ولكن سكوتهم المشبوه يؤكد ما أشرنا إليه دوماً بأن هذا القضاء ومنذ البدء كان طائفياً ومسيساً في صالح الجعفري والمالكي على نحو خاص وحتى الآن.   
لتكن مظاهرات يوم الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 مجسدة لإرادة الشعب العراقي وطموحاته ومصالحه المستباحة من الطغمة الحاكمة الذليلة والخانعة والمنفذة لأوامر ولي الفقيه الإيراني ومن يمثله في العراق! لتشترك جموع الشعب تحت ذات الأهداف التي رفعها المتظاهرون في أوائل تشرين الثاني/أكتوبر وبعيداً عن تدخلات من لا يريد التغيير والخير لهذا الشعب الكريم ومن يبدي الاستعداد الكامل للمساومة على حساب الشعب وإرادته ومصالحه.