ردا على مقال المعماري خسرو جاف كيف قدم النسطوريون الى كوردستان:
ثقافة التعايش الاخوي سرّالامان والاستقرار في أقليم كوردستان-العراق!!
أوشــانا نيســان" ليس من العجب أن يختلف الناس في ميولهم وأذواقهم ولكن العجب أن يتخاصموا من أجل هذا الاختلاف"، يكتب عالم الاجتماع والمؤرخ العراقي على الوردي. القول هذا يتفق مع طروحات العديد من الكتاب والمثقفين العراقين حين يكتبون عن حقوق بقية الاقليات والمكونات العرقية والمذهبية المضطهدة في العراق، وتحديدا مع المقال الذي نشره المهندس المعماري والفنان خسرو جاف باللغة الكوردية تحت عنوان" النسطوريون كيف قدموا الى كوردستان" والمنشور على الموقع الالكتروني جاوي كورد:
http://Http://chawykurd.comبعدما أصّرالكاتب أن يحلف يمينا على القول" أن أشوريي اليوم ليست لهم علاقة بالاشوريين القدماء مطلقا". رغم أن التاريخ يذكرنا، أن مشكلة الاكثريتين العربية والكوردية هي نتاج سياسات الانظمة المركزية الشوفينية في بغداد وغياب العدالة والديمقراطية في نهج الدولة ونظامها السياسي خلال أكثر من 98 عام متواصل. وأن حصة المكونات والاقليات العرقية العراقية الاصيلة الاخرى كالشعب الاشوري والتركماني من تراث الدولة الدكتاتورية، لا تقل عن حصة الاكثريتين العربية والكوردية باي شئ. لآن الدولة العراقية ولدت أساسا كدولة مأزومة منذ التأسيس عام 1921 ولحد الان.
فلو رجعنا الى مضمون المقال الذي نشره المعماري والفنان الكوردي خسرو جاف تحت عنوان" النسطوريون..كيف قدموا الى كوردستان"، لأتضح للقارئ الكريم أمران:
الاول، أما الكاتب لم يطلع على جذورالوجود وتاريخ الشعب الاشوري العريق وحضارته القديمة في وادي الرافدين قبل 6769عام، ويريد أن يشطب تاريخهم بجرة قلم
والامر الثاني، فأنه كتب على ضوء الاتجاهات التعصبية المنغلقة حد الاعماق. علما أن زيارة سياحية واحدة الى المتحف البريطاني/ جناح الحضارة الاشورية أو متحف اللوفر في باريس أو ألمانيا أو حتى الولايات المتحدة الامريكية، تكفي لتؤكد للكاتب والعالم كله، أن الاشوريين هم فعلا أصحاب الارض في وادي الرافدين وباني أول حضارة أنسانية على وجه الارض. والسؤال هو، هل يمكن أن نعتبر كل هذه الحقائق التاريخية أيضا نوعا من التورهات كما يكتب؟
ألامر الاخر في مقال السيد خسرو جاف وهو، أن تاريخ وادي الرافدين فعلا بحاجة الى المزيد من البحث والتقصي وتحديدا ما جرى ويجري خلال 1500 سنة الاخيرة. ولكن البحث أيضا لا يمكن له أن يكون نافعا فيما لو أجرى على ضوء اتجاهات عرقية أو دينية عمياء. حيث يمكن للمثقف القارئ أن يعثر على سلسلة من الاخطاء الجذرية في سرد الكاتب لتاريخ ظهور المسيحية ومذاهبها وتحديدا النسطورية في الشرق وليس "الناطرة" كما يذكرالكاتب. لآن تاريخ المسيحية يذكر أن الشعب الاشوري هو أول شعب صبأ الى المسيحية في العالم كله زمن يسوع المسيح قبل ظهور الدين الاسلامي بأكثرمن 700 عام.
أما بقدر ما تكتبه حول" نسطوريوس" وعلاقته بكنيسة المشرق سابقا وكنيسة المشرق الاشورية اليوم، فأن التاريخ وللاسف الشديد يدحض كل ما ذكرته سيدي العزيز. فمارنسطوريوس ( 386م - 451م) كان بطريركا للقسطنطينية ولم ينتم أو يلجأ يوما الى حرم كنيسة المشرق طوال حياته. بل حاول اللجوء الى كنيسة المشرق بعدما حرّم وأبعد من مجمع أفسس الاول عام 431 م، من قبل "كيرلس" رئيس أساقفة الاسكندرية بأعتبار الاخير وكيلا لكنيسة روما في المجمع وبسبب تعابيرنسطوريوس اللاهوتية وأيمانه بطبيعتين وأقنومين في شخص يسوع المسيح،مثلما تؤمن كنيسة المشرق تماما. ولربما الأيمان هذا كان سببا وراء تفكيره باللجوء الى حرم كنيسة المشرق. ولكنه منع وأبعد الى شبه جزيرة سيناء لسنوات ثم مات في صحراء ليبيا عام 451 م أولا. ثانيا لقد رفض نسطوريوس أن يطلق على العذراء مريم لقب "والدة الله" أتفاقا مع أيمان كنيسة المشرق رغم عدم حضور ممثلي كنيسة المشرق الى المجمع أفسس عام 431م.
الخلط بين الكاثوليكية والانجليكانية" في منتصف القرن 18 لم يتم العثورعلى أي نسطوري بأستثناء مجموعة هنا وهناك في منطقة هكاري حيث أصروا البقاء على مذهبهم...ويضيف أنه تم نعتهم من قبل المبشرين الانكليز في نهاية القرن 19 باسم كلدان وكنيستهم بأسم كنيسة المشرق الاشورية"، يكتب الكاتب خسرو جاف. في حين يعرف المتابع أن مذهب المبشرين الانكليز" الانجليكاني" والذي نشأ في عهد الملك هنري الثامن ملك أنكلترا، يختلف كثيرا عن مذهب المبشرين الايطالين وغيرهم من دول الكاثوليك كالفرنسيين على سبيل المثال. والتاريخ يذكرنا أيضا، أن الكنيسة الكاثوليكية الحالية في العراق كانت أول شريحة من المؤمنين/ المسيحيين أتحدت مع روما عام 1553، بعد أعلان ماريوحنا سولاقا أنشقاقه عن كنيسة المشرق الام واعلانه بطريركا من قبل البابا يوليوس الثالث بعد مباحثات طويلة مع الفاتيكان بتاريخ 3شباط 1552. في حين أن الكاثوليكية وتحديدا الكاثوليكية الكلدانية لم تدخل أرض الوطن الا في بدايات الحرب العالمية الاولى.
وعن الليتورجية المعتمدة في الكنيسة الكلدانية، فأنها وخلافا لما يذكره السيد خسرو جاف فأن مضمونها لم يختلف عن جذورها قبل الانشقاق عن كنيسة المشرق ولحد يومنا هذا، بأستثناء بعض استعمالات اللغة العربية. لأن اللغة الارامية كانت ولايزال القاسم المشترك بين الكنيستين الشرقية الاشورية والغربية الكلدانية.
وفي الختام أؤكد للكاتب المعماري والفنان العزيز خسرو جاف، لربما تعود جذورالعديد من الكوردستانيين الى قبائل المغول أوالقبائل الافريقية وغيرها كما ينعت نفسه السيد خسرو جاف غاضبا، ولكن الاشورين وفي طليعتهم أنا،ولدت ضمن عائلة أشورية تتشرف بأنتماءها وهويتها وجذورها الاشورية – المسيحية العميقة في ثرى وادي الرافدين حد النخاع!! لآن النظم العراقية العنصرية علمتنا أن نتذكربأستمرار، أن تداعيات السياسات الشوفينية وأخرها الطاغية صدام حسين الذي حاول تطبيقها بيد من الحديد والنار على الشعب الكوردي المسالم خلال عقود من الدهر ولكنه فشل وولى الى مزبلة التاريخ، فلماذا يجب أن نعيد تكرارنفس السيناريوهات المظلمة والعداوات المفتعلة وجروحات الشعب الكوردي قبل غيره من الشعوب والمكونات العرقية والمذهبية العراقية لم تندمل بعد !!